الشريط الإخباري

سوتشي.. معبر التوبة إلى الوطن- بقلم عبد الرحيم أحمد

من تجرأ على المعاصي وارتكب الآثام، وأراد التوبة استلزمه الإقرار بالذنب والندم عليه والإقلاع عنه والعزم على ألا يعود إليه أبداً، ومن تجرأ على الإساءة لوطنه بالتعاون مع الأجنبي

وارتكب الشرور بحق الشعب السوري بالتحالف مع قوى الإرهاب، وأراد التوبة للوطن، استلزمه الإقرار بفعلته والندم عليها والعزم على ألا يعود إليها ثانية.‏

مسألة التوبة – ونحن على بعد شهر تقريباً من انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في مدينة سوتشي الروسية- قد يكون من المفيد التذكير بها وخصوصاً لأصحاب الرؤوس الحامية من السوريين الذين استأجرتهم القوى الإقليمية والدولية لمصلحة مشاريع تفكيك وطنهم وتدمير بناه التحتية.‏

فسبع سنوات من الحرب الإرهابية التي طالت الوطن بكل مكوناته لاشك أنها كافيه لتجعل أولئك الموهومين بأحلام السلطة الموعودة، أن يعيدوا النظر في الضفة التي يقفون عليها، سبع سنوات من الصمود الأسطوري لشعب سورية وجيشها وقيادتها، كافية لكل من يملك قدراً من العقل ليعيد قراءة المشهد بواقعية، واستشراف المستقبل وما تحمله قادمات الأيام.‏

لاشك أن الشيطان الأكبر وسوس كثيراً لبعض السوريين وزيّن لهم قبح أفعالهم بحق أهلهم وناسهم الذين تقاسموا معهم عبر التاريخ ظلم المحتل وفرحة الاستقلال، قهر السفربرلك وقسوة الكومندان، لكن أن يعتقد احدهم فعلاً أن صاحب مشانق دمشق وبيروت، وآمر دك برلمان دمشق يمكن أن يكون المدافع الحنون والصديق الصدوق لسورية وشعبها، فهو غر في السياسة وفي قراءة التاريخ والمستقبل.‏

أبواب سوتشي مفتوحة أمام السوريين ممن يرغبون ويملكون الإرادة والحرص على إخراج وطنهم من محنته عبر حوار سوري – سوري راق بعيداً عن الأنا المتورمة لدى البعض وبعيداً عن مصالح وأجندات الدول الكبرى.. بعيداً عن الاشتراطات التي ثبت عدم واقعيتها سياسياً وميدانياً.‏

بعيداً عن الاشتراطات، ليس لأن قرارات مجلس الأمن الدولي تؤكد أن الحل يجب أن يكون بتوافق السوريين، وليس لأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال إنه لا مكان في سوتشي لمن يضع الاشتراطات المسبقة، فقط لأن مفهوم الحوار الحقيقي يقتضي ذلك، ومصلحة السوريين تستوجب البحث عن توافقات قادرة على العيش في المستقبل.‏

فالحوار يتناول شكل الدستور والانتخابات التي تؤسس لمستقبل سورية، لكن أن نفترض أن يخرج الحوار بنتائج محددة مسبقاً وقبل الخوض فيه، لهو اشتراط هدام يريد به صاحبه تقويض الحوار قبل أن يبدأ.‏

فمن يدع الحرص على وطنه فعليه أن يفكر بمستقبل الوطن الجامع لكل أبنائه، بمستقبل أطفال سورية، في أي وطن سيعيشون وأي مستقبل سيبنون. فلتكن سوتشي المعبر إلى الوطن، معبر التوبة لما فات من أفعال قبيحة، وقاعدة انطلاق لرؤية جديدة تضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار.‏

صحيفة الثورة