دمشق-سانا
يقوم نقد الأدب عند الدكتور عبد الله الشاهر على قراءته للنص بصورة تحليلية ومنهجية عبر البحث عن كافة الجوانب المكونة له إضافة للعوامل المؤثرة بتركيبته ومسارات الإبداع التي يتضمنها وصولا إلى قراءة نقدية مبتكرة.
وفي حديث خاص ل سانا الثقافية عرف الشاعر النقد بأنه إبداع الابداع والناقد يبدع قراءة جديدة للنص الابداعي بعد قراءته أكثر من مرة تبعا لثقافة الناقد مبينا أن هذه القراءة تختلف من ناقد لآخر وفق معطيات النص وتبعا لثقافة الناقد والمعنى الدلالي الذي يذهب اليه فالقراءة التي يشتغل عليها الناقد ليقف عند بلاغة النص تختلف عن رؤية الناقد الآخر الذي يبحث عن الدلالات والمفاهيم.
وبرأي الشاهر فاننا لا نملك نظرية نقدية وانما هي محاولات نقدية لأننا لم نتجرأ أن ندخل الموضوعية في النقد وإنما تعاملنا مع الذاتية كحالة انفعالية تخضع لعوامل عاطفية أكثر ما تخضع لحكم عقلي وهذا ما يتنافى مع عملية النقد.
وأضاف صاحب كتاب الأثر النفسي للوم أن النقد يحتاج إلى عاملين ولاسيما في الأدب الأول هو الموضوعية بدراسة النص الابداعي دراسة حيادية أما الثاني فهو ابقاء الذاتية شرط أن يكون هناك توازن بين هذين العاملين ملاحظا أن مجمل النقد العربي يتبع هواه ويتيح للمزاجية والأنوية أن تتدخل كثيرا في مسألة النقد.
وهناك محاولات نقدية بحسب الناقد بدأها محمد مندور ومحمد عبد الجابري لكنها لم تأخذ مداها الطبيعي وبقي النقد يتراوح بين المد والجزر داعيا لإيجاد نظرية تضبط وتؤسس لقواعد نقدية سليمة بدلا من استعارة الاسس النقدية التي وضعها الأوروبيون لنقد آدابنا رغم أنها انعكاس لصورة المجتمع.
وعن سبب عدم امتلاكنا لنظرية نقدية قال صاحب كتاب أشكالية التراث العربي باعتبارنا لا نملك الى يومنا هذا عقلا نقديا ومتكاملا واتكأنا على نتاجات نقدية عالمية من امثال المدرية الاوروبية والسوفيتية ومدرسة النقد الايطالي السينمائي فلم نكون نظرية خاصة بنا بل هوامش نقدية ونحن احوج ما نكون إلى عقل نقدي يبتعد عن ثقافة الغالب والمغلوب ويؤسس لمفهوم النتاج المحلي فما ينطبق على أوروبا لا ينطبق على المجتمع العربي وهذا يحتاج الى حرية في الراي وسعة اطلاع وتقبل الآخر روح النقد.
وبحسب الشاهر فإن سيطرة المؤسسات الثقافية على العقل الثقافي وفي كثير من الاحيان تؤدي لتضاد بين القائمين عليهما إضافة إلى وجود نقص كبير في اطلاعنا على ما ينتجه الآخرون واستهلاكنا الوقت الكبير للحديث عن الاصالة والمعاصرة التي تحولت فيما بعد الى معارك ثقافية بينما العالم حسم امره في هذه المسألة فأصل الاصيل وابدع الحديث وزاوج بينهما.
وأوضح الشاهر أنه من هذا المنطلق وعبر مفهوم المؤسسة ادخلت الكثير من الحالات الثقافية الهابطة التي مررتها بعلاقات أخرى لا تنتمي إلى الثقافة وانما تنتمي الى المعرفة والوساطة والمحاباة فكانت السمة الغالبة الهبوط رغم وجود نتاج أدبي عالي المستوى غني بفنية عالية وبإبداع متميز والذي سيدوم وتسقط على طريق الأدب كل التجارب الهزيلة.
أما الشعر فهو عنده حالة توليدية وليست حالة نظمية لأن هذه الحالة تتقلص وحتى تنتهي وتنسى اما الحالة التوليدية فهي احساس وشعور وتصور وتصاغ في عالم الشاعر أما الناظم فهو من ينظم كلمات موزونة مبينا أن هذه الظاهرة حالة طبيعية لدى جيل الشباب الذين يحملون عواطف جياشة ويحاولون ترجمة عواطفهم بكلام موزون مقفى وهذا لا يخلق شاعرا وإنما يترجم عواطف.
وبين الشاهر أنه متفائل بان يأخذ الأدب دوره في المجتمع لأنه طالما أن هناك حركة وحياة بالمجتمع فهناك أدب أما الدخلاء على الأدب فلا يستمرون ويتساقطون على الطريق فلا يبقى الا المبدع الحقيقي والشعر ان لم يكن ذكرى وعاطفة وحكمة فهو تقطيع وأوزان والشعر أن لم يهز السامع فليس خليقا بان يقال له شعر.
أما عن رأيه بالنقد الصحفي فانه يعتبره مختلفا لأن لغة الصحافة ليست بالضرورة لغة الادب فالصحافة لغة شعبية وقد لا تتقيد بقواعد اللغة ولذلك نحن لا نعول على الصحافة في تقويم الادب وإنما نعول على المؤسسات الثقافية والمطلوب من الصحافة أن ترتقي بلغتها الى مستوى لغة المثقف أي اللغة الوسطى المعتدلة المفهومة من قبل شرائح المجتمع كافة.
وفي حال تدخلت الصحافة في عمل الابداع وارادت أن تتعاطى معه وتعكس معطياته فعليها أن تمتلك الأدوات التي تمكنها من فهم ما يدور وذلك عبر اشخاص يحملون سمة المثقف التي تخولهم العمل في هذا المجال ويجب ان يتمتع الصحفي باختصاص يمكنه من مزاولة مهنته بشكل منهجي لافتا إلى أن المؤسسات الاعلامية لم تؤهل صحفييها ليكونوا نقادا مختصين.
وعن رأيه بأدب الأطفال المقدم حاليا تحدث الشاهر عن معضلة يعاني منها هذا الأدب تتمثل في غياب المفردات التي توازي العمر الزمني والعقلي للطفل وهذا يعني ان من يكتب في ادب الطفل يجب أن يكتب في عقلية الذي يكتب له إضافة إلى اننا نعيش حالة نقص شديد في أدب الأطفال إضافة إلى أن ما يقدم هامشي وغير مدروس.
ومن سلبيات هذه الحالات برأيه تكريس طوابية كبيرة لدى الطفل ضخمت ذلك الشعور لديه قد تؤدي مستقبلا إلى حالات انحراف عنده كالحالات السوبرمانية ونحن نعلم حتى في المناهج المدرسية ان الطفل في عمر الست سنوات يحتاج إلى تعلم بحدود 500 مفردة جديدة وهذه المفردات يجب أن تكون متدرجة بدءا من مقطعين صوتيين في حين أن المناهج المدرسية لم تراع ذلك كما أن أدب الأطفال يحتاج الى ادباء يكونون ضليعيين في علم النفس وعلم نفس الطفل بشكل خاص اضافة إلى الموهبة الادبية.
يذكر أن الباحث “عبد الله الشاهر” من مواليد مدينة “الميادين” عام 1956 وهو عضو في اتحاد الكتاب العرب وعضو جمعية البحوث والدراسات في سورية” شغل منصب أمين سر فرع اتحاد الكتاب في “دير الزور” بين عامي 2001 و 2003 ويكتب في العديد من الصحف والمجلات المحلية والعربية وله عدة مؤلفات منها البعد الاجتماعي للحب العذري .. الاتجاهات الفكرية والسياسية في الوطن العربي .. مظفر النواب ملامح ومميزات.
محمد الخضر-شذا حمود