دمشق-سانا
صدر عن وزارة الثقافة الهيئة العامة السورية للكتاب الأعمال القصصية الكاملة للقاص والروائي السوري حيدر حيدر الذي استمرت مسيرته مع القصة منذ عام 1968 حتى مجموعته الأخيرة “إغواء” عام 1995.
وتبدأ مسيرة حيدر القصصية بمجموعته الأولى “حكايا النورس المهاجر” ولعل ذلك النورس لم يكن سوى حيدر نفسه الذي هاجر من بلدته حصين البحر منذ أن نبت له جناحان ليقضي شبابه طائرا متجولا من بلد لآخر معبرا في قصص المجموعة عن مواقفه من “الحياة.. الريف.. المدينة.. العادات والتقاليد”.
وربما كان حيدر يعتقد منذ البداية أنه سيعود كما النوارس إلى حصين البحر بعد هجرته عنها لأنه يقرر في قصة “شجرة الكرز” أن الكرز لا يثمر في أرض الكدان “الصخر القاسي” وحتى لو نبتت ونمت غصونه وسيكون عاقرا في أرض التين والصبار فهذه الأرض ليست موطنه.
ويبدو حيدر في مجموعته الثانية “الومض” الصادرة عام 1970 صيادا يلاحق طرائده في القيم البشرية البالية ويبحث في الخليقة منذ أول خطيئة ارتكبها بنو البشر متكئا على الكتاب المقدس والأسطورة ليثبت أنه لا يوجد خير مطلق ولا شر مطلق فكتب “رميت طرائدي وعدة صيدي قرب بندقيتي ورحت أعد السير وحيدا فوق دروب الأرض مترنحا بين الظلمة والنور ورياح اليقين المزعزعة”.
فالقاص حيدر يعترض في مجموعة “الومض” على ممارسات المجتمع السلبية فهو يرفض في أكثر من قصة موقف المجتمع السلبي من المنتحر ويتصدى للذين يتذرعون بالشرائع لقتل الأبرياء.
وفي مجموعته الثالثة “الفيضان” التي كتب أغلب قصصها في الجزائر خلال عمله بالتدريس هناك يعترض على تردي القيم في المجتمع العربي في الستينيات من القرن المنصرم حيث ساد الإقطاع وتفشى الجهل وهو يحلم في قصته الفيضان “بقبيلة الجنابي التي ستملأ الأرض يوما بالعدل بعد أن ملئت بالجور والطغيان”.
أما مجموعته الرابعة “الوعول” فهو يبدؤها بابتهالات بلغة شاعرية داعيا فيها إلى نور يمسح ظلمة هذا العالم ومحذرا من يد الغدر في عصر الخيانة فكتب “انتبهوا إن يدا في لون الغدر تمسح المدينة بأنصال العشب.. أضيئوا حقول البحر فالسماء بلا نجم هو ذلك عصر الجنود والخيانة” وأشار حيدر في المجموعة إلى ما خلفته الحرب الأهلية اللبنانية في تلك الفترة فكتب قصته “بيروت الحرب”.
وفي المجموعة الأخيرة “إغواء” الصادرة عام 1995 نرى حيدر يستهلها بقصة قصيرة بعنوان “يوم بكى البحر” حيث يعلن موقفه الرافض لصيد السمك بالديناميت وتغص المجموعة بحكايات البحر والمرأة والعلاقات الإنسانية ومواقف الكاتب الإنسانية والوطنية.
والكتاب يقع في 696 صفحة من القطع الكبير بادرة من هيئة الكتاب في وزارة الثقافة للتذكير بإبداعات أدبائنا لتشمل لاحقا كل أدبائنا بهدف السعي نحو تعريف القراء ولا سيما الناشئة بإبداعاتهم.
بلال أحمد