دمشق-سانا
علماء ورجال دين مسلمين ومسيحيين وشخصيات علمية وقانونية وفكرية وثقافية اجتمعوا ليقولوا من دمشق كلمة واحدة “القدس عربية ولا يمكن لرئيس أو قرار أن يغير من حقيقة أنها عاصمة للدولة الفلسطينية العربية”.
جاء ذلك خلال افتتاح فعاليات الملتقى الحواري الفكري الوطني بعنوان “المواطنة والعروبة والقدس الشريف في ظل الرسالات السماوية والفقه الدستوري والمبادىء الدولية” الذي تقيمه وزارة الأوقاف “جامعة بلاد الشام للعلوم الشرعية.. فرع مجمع الفتح الإسلامي” بالتعاون مع بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وذلك في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.
وفي كلمة له خلال الافتتاح أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد عبد الستار السيد أن الملتقى يعبر عن رأي العلماء ورجال الدين والشارع السوري بأنه لا يمكن لأي قرار أن ينفي تاريخ وثقافة الأمة العربية وأن القدس هي عاصمة لفلسطين وهذا يذكره التاريخ وتؤكده الوقائع والحقائق وكل الشرائع السماوية.
ولفت الوزير السيد إلى أن انعقاد الملتقى يأتي للتركيز على مواضيع المواطنة والعروبة والقدس الشريف وخاصة أن الشعب العربي في مختلف الدول يعبر عن سخطه وتنديده بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
وأعرب الوزير السيد عن تقديره لمواقف الجمهورية الإسلامية في إيران ومحور المقاومة الذين وقفوا ضد هذا القرار بشكل صريح وواضح بينما باركته بعض الدول المتخاذلة كالسعودية مثلما فعلت في دعمها وتمويلها للإرهابيين في المنطقة.
وأكد الوزير السيد أن “الذين تآمروا على سورية وشعبها هم أنفسهم الذين تآمروا على القدس ويصدرون قرارات مجحفة بحقها” مبيناً ضرورة التركيز على المعالم الفكرية التي ذكرها السيد الرئيس بشار الأسد في الملتقى القومي الأخير حول أن العروبة ليست لغة فقط وإنما ثقافة وحضارة وانتماء وأنه لا بد من التمييز بين الانتماء للوطن والانتماء للنظام السياسي وتدريس هذه المرتكزات لتكون الطريق الأمثل لنهضة الأمة.
وفي كلمة ممثل بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار إغناطيوس أفرام الثاني اعتبر المطران متى الخوري النائب البطريركي بدمشق أن الأحداث التي تعيشها المنطقة بشكل عام كانت سببا لظهور الكثير من المفاهيم المغلوطة والأفكار المستوردة من الخارج لذلك لا بد من عقد ملتقيات فكرية وحوارات تتصدى لهذه المفاهيم.
وبين المطران متى أن “اجتماعنا اليوم هو استمرار لوقفة الشعب السوري سابقاً وحالياً المتضامنة والداعمة للقضية الفلسطينية” مؤكداً أن للعروبة والإسلام حصنا منيعا هو سورية.
وحذر المطران متى من أن بعض الدول الغربية تحاول إظهار اهتمامها بما تسميه “الأقليات” في المنطقة سواء الدينية أو المذهبية أو القومية لكن غاياتها من وراء ذلك تخريب المجتمعات لافتاً إلى أن أهم رد على ذلك هو “التمسك بمفهوم المواطنة الصحيح” كونها سر تجاوز الشعب السوري للصعاب.
ورأى المطران متى أن الرئيس الأمريكي اتخذ هذا القرار متجاهلا كل الأعراف الدولية وضاربا كل محاولات السلام عرض الحائط وهدفه من ذلك إرضاء الصهاينة من جهة بعد الانتصارات التي حققتها سورية والعراق في محاربة الإرهاب وإقناع الرأي العام الأمريكي بأنه انتصر من جهة أخرى مؤكداً أن “القدس هي العاصمة الأبدية لفلسطين”.
وفي تصريح للصحفيين أكد السفير الإيراني بدمشق جواد تركابادي أن الحق والمطالبين به لا بد أن ينتصروا وأن هذه القرارات والمواقف التي تصدر من الدول الاستعمارية ما هي إلا دعم للصهيونية لاحتلال وطن الشعب الفلسطيني ولكنها مواقف “خاسرة”.
وأعرب السفير تركابادي عن أهمية اجتماع الشعب السوري ومثقفيه حول مفاهيم “المواطنة والعروبة والقدس الشريف” مؤكدا أن الملتقى يدل على اصرار السوريين على تحقيق النصر القادم على قوى التكفير والاستبشار بالنصر الأكبر والكامل بتحرير القدس الشريف.
المطران أفرام معلولي الوكيل البطريركي لبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس أكد في تصريح لـ سانا أن القضية الفلسطينية تعني الجميع لأنها عربية والشعوب العربية تضم مختلف الأديان والطوائف والقدس تجمع كل الأديان السماوية مضيفاً “يريدون القدس مدينة للمحاربة والتخريب ولكنها ستبقى مدينة للسلام”.
وفي تصريح مماثل قال الشيخ إبراهيم شعبان “أتينا لنقول أن القدس ستبقى عربية ولا يغير هذه الحقيقة ترهات وأقوال الغاصبين والمستعمرين وسنبقى مع المقاومة العربية حتى تحرير آخر شبر من ترابنا الغالي وستبقى سورية قلب العروبة النابض”.
ويتضمن الملتقى جلسات علمية صباحية في مكتبة الأسد ومسائية في مركز إرشاد التأهيلي التخصصي في ساحة الميسات بدمشق تتناول عددا من القضايا حول “القدس الشريف ومعركة الوجود والمصير والمواطنة والعروبة والقدس في الشريعة الإسلامية والفكر الإسلامي المعاصر والفكر المسيحي التراثي والمعاصر وفي الفقه الدستوري والقانوني والدولي والانساني وبناء ثقافة المواطنة وقدسية القدس الشريف وفلسطين والشام”.
المشاركون أكدوا على مفهوم المواطنة والبحث المعمق في كل مفرداتها
إلى ذلك ركز المشاركون في الملتقى الحواري الفكري الوطني “المواطنة والعروبة والقدس الشريف في ظل الرسالات السماوية والفقه الدستوري والمبادئ الدولية” على دور التربية والتعليم والثقافة والفكر والإعلام والاتصال ومؤسساتها في بناء الأجيال وثقافة المواطنة وقدسية القدس الشريف والشام المباركة.
وأشار المشاركون في الجلسة الأولى التي عقدت في مكتبة الأسد إلى أن هذا النشاط العلمي الفكري الوطني أتى في مرحلة ذات خصوصية ويجسد الرسالة العلمية والأكاديمية التي تحملها جامعة بلاد الشام للعلوم الشرعية في المحافظة على الثوابت والدفاع عنها ورعاية حق المواطنة الصادقة والتأكيد على عدم التعارض بين العروبة والإسلام.
وأكد المشاركون ضرورة التركيز على مفهوم المواطنة والبحث المعمق في كل مفرداتها ليتم التأسيس لمستقبل نموذجي وتاريخي وحضاري لسورية المتجددة لافتين إلى أهمية دراسة وتحليل مفهوم المواطنة بالإضافة إلى مفهوم العروبة في الفقه الدستوري والقانون الدولي مشددين على ضرورة نشر ثقافة الهوية والانتماء والحوار والعيش المشترك بين أطياف الشعب السوري كون الأديان السماوية مصدرها واحد وجوهرها واحد.
وركز المشاركون في الجلسة الثانية على علاقة القدس بالعروبة والإسلام حيث أكد المشاركون أن “القدس في التاريخ هي مدينة الأقصى وأم قرى فلسطين المحتلة” مشيرين إلى أهمية تعزيز الوعي القومي والوطني لدى الأجيال الناشئة لبناء مجتمع متماسك وقوي قادر على تجاوز الصعوبات والتحديات.
ودعا المشاركون إلى تحويل هذه الملتقيات إلى “برامج عمل” يتم خلالها التحاور مع القواعد الشعبية كونهم العنصر الأكثر تأثراً لإيصال الحقيقة إلى أذهانهم وتوعيتهم وتعزيز صمودهم ومواجهتهم لتحديات الغزو الثقافي والفكري الذي تتعرض له المنطقة.
وفي تصريح لـ سانا بين عضو الفريق الإعلامي في اللجنة التنظيمية للملتقى ومسؤول العلاقات الثقافية في مجمع الفتح عصام الدين فرفور أن هذا الملتقى عبارة عن واجب وطني وديني وأخلاقي نظمه المجمع في ظل انتهاك صهيوني غاشم لعروبة القدس ورمزيتها في ضمير الأمتين العربية والإسلامية لافتا إلى أن الملتقى يهدف إلى تعزيز الهوية والانتماء وترسيخ القيم الوطنية.