على الرغم من أن إصدار مجلس الأمن الدولي وبالإجماع القرار «1278» بشأن تجفيف منابع الإرهاب، ووقف دعمه وتمويله، ومنع تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى سورية والعراق، يعكس مواقف الدولة السورية التي طالبت، هي وحلفاؤها، مراراً وتكراراً بضرورة اتخاذ مثل هذا القرار الدولي لكن من المهم جداً أن تتلوه قرارات أخرى واضحة وصريحة بمحاسبة ومساءلة كل مَنْ يقف وراء تمويل الإرهاب وتسهيله وتشجيعه، وفتح الحدود أمام كل المسلحين المشبعين والمدججين بأفكار التطرف الديني الوهابي التي جسدوها على الأرض، دماءً وقتلاً وتدميراً.
لكن كل ذلك، لا يمنع من القول: إن سياسة أمريكا تجاه سورية تنبع من استراتيجية إمبريالية قوامها التعاون المستمر مع السعودية… هذا التعاون الذي تناوله أحد المحلّلين الأمريكيين مظهراًً أهمية السعودية، أمريكياً، علماً أنها هي التي صدّرت الإرهاب الوهابي التكفيري لكل المحيط، وموضعت بؤره في العالم خدمةً للصهيونية العالمية، وقد أكد هذا المحلل الأمريكي أن السعودية أهمّ من «إسرائيل» وبريطانيا بالنسبة لأمريكا، وأن هذا التدخل الأميركي لحماية الحليف السعودي سيكون عاصفةً غير مسبوقة في الشرق الأوسط.
أما كيف استنتج المحلّل الأمريكي ذلك؟ فربما عرف وأدرك حقيقة أن وجود «الدواعش» بات الخطر الأكبر الذي يهدّد المنطقة بأكملها، كما بات يهدّد دول التحالف الغربي نفسها، ومنها «اسرائيل» و«السعودية» اللتين أحدث من أجلهما هذا التحالف كلّ دمار ما يسمى «الربيع العربي» ومجازره وكوارثه.
وبين المقدمات والنتائج، تكمن العبرة المرجوّّة من آلية تنفيذ القرار الذي يطالب بالكفّ عن إرسال الإرهابيين الأجانب إلى سورية والعراق، وما يجرّه من تداعياتٍ أخرى تسبقه في التنفيذ، كتلك التي ذكرنا بعضها، وطالما نبهت الدولة السورية إلى خطورتها وارتداداتها على المنطقة والعالم، من حيث أن ما يحصل على أرضها هو تطرف وإرهاب عابر للقارات.
نقول أيضاً: إنه على الرغم من الإجماع الدولي على القرار المذكور، فإن ثمة تظاهرات حاشدة أعقبت قرار مجلس العموم البريطاني مشاركة بريطانيا في الحرب على «داعش» للحدّ من انتشار الإرهاب والتطرف، واصفةً الحرب بأنها «حرب مزعومة»…. ففي رأي الشارع البريطاني – كما أكد أحد المتظاهرين – أن مشاركة بريطانيا في هذا التحالف عمل خاطئ، فهي تنفق الملايين على الصواريخ.. قائلاًً: وما أدرانا أنهم سيستهدفون «داعش» فقط، وليس المدنيين والبنية التحتية، كما فعلوا سابقاً في العراق؟؟!! ومثله قال السكرتير التنفيذي لاتحاد النقابات البريطانية: يقدّم الغرب «داعش» على أنها جماعة إرهابية متطرّفة، وهي فعلاً كذلك، لكن هدفه من محاربتها هو أن يجد مسوّغاً للتدخل مرةً أخرى في منطقة الشرق الأوسط، لأنه هو مَنْ صنع الإرهاب، وموّله، ودرّبه، وسلّحه.
والسؤال الذي يبرز الآن: هل تحالف أميركا وشركائها لمحاربة ما يسمى«داعش» هو نوع من توافق أو تحالف المصالح الاستراتيجية العالمية خدمةً للصهيونية العالمية؟؟ أم هو تحالف ضد إرهاب صنّعته هذه الدول نفسها بعد أن شق عصا الطاعة، ووصلت سكينه إلى عنق مصالحها وعنق مواطنيها؟ أم إنه لعبة قاعدية سوداء جديدة تتمثل بتسليح إرهاب آخر سمّوه «المعارضة المعتدلة..!!» في سورية بعد أن فشلت كلّ مخططاتهم وسيناريوهاتهم السابقة في النيل من صمود سورية بغية تقسيمها وتفتيتها، وكسر خط المقاومة والممانعة، وإلا ما معنى أن يتمنطق «أوغلو» أخيراً بالقول: نؤيد أيّ حلّ عسكري يحمل الهدوء إلى المنطقة؟! ويعني بذلك أيُّ حلّ يرجوه فعلاً صانعو هذا الإرهاب وداعموه وممولوه في هذه المنطقة؟!!
بقلم: رغداء مارديني