دمشق-سانا
نفضت غبار الحرب عنها بإرادة الحياة والايمان بالوطن والانسان ليتمسك ابناء حلب الشهباء بهويتهم الثقافية السورية والفن الاصيل والامل بغد اجمل هذا ما عكسه المعرض التشكيلي /ثنائية فن من حلب / للاخوين بشير ونعمت بدوي الذي اختتمت به صالة /الف نون/ للفنون والروحانيات موسم 2017/.
الزائر للمعرض يقف امام تناغم لوحات الاخوين بدوي من خلال اللون والموضوع وروح الشرق وأيقونات الجمال رغم اختلاف التقنيات والادوات الفنية المستخدمة لكلا الاخوين اما الطابع العام فغلب عليه الامل والتفاؤل بالنور القادم في عيون الاطفال المبشرة بمواسم الخير.
من زوار المعرض المستشارة السياسية والاعلامية لرئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان التي عبرت عن سعادتها لحضور معرض الاخوين بدوي الذي وجدته /ثنائية للفن الاصيل/.
وقالت.. “يرسم بشير على خشب قديم عمره خمسون عاما واكثر واما نعمت فياخذ قطعا من اثار الحرب ويرسم عليها معيدا لها الحياة عبر الابتسامة المجسدة على وجوه شخوص اللوحة فكلا الاخوين حولا لوحاتهم الى ايقونات ليست ذات صبغة دينية وانما ذات صبغة ثقافية سورية تعبر عن اصالة الشعب السوري وعن ثقافته”.
واضافت شعبان “الاخوان بدوي لم يغادرا مدينتهم طوال سنوات الحرب صامدين فيها لذلك الاحظ هذا الكم من الصلابة في اعمالهم وكانهما ارادا القول اننا موجودون هنا وصامدون ونزداد غنى” مؤكدة ان هذا هو سر صمود سورية وان المعرض جزء اساسي من هويتنا الثقافية.
وشكرت المستشارة السياسية والاعلامية الاخوين بدوي على هذا العطاء والكرم والجهد الذي تجلى في صناعة فن جميل من اثار الحرب الارهابية على مدينة حلب منوهة بمساهمة صالة /الف نون/ والفنان التشكيلي بديع جحجاح على احتضان ابداعات فناني حلب في زمن الحرب حيث سبق للصالة احتضان معرض /حلب قصدنا وانت السبيل 2016/.
واكدت شعبان ان سر سورية بعمرها الذي يناهز 10 الاف عام وشعبها الذي لا يموت هو تجذر الانسان السوري بارضه وعشقه لترابها ما يجعله يعيد خلق سورية من جديد في كل مرة يحاول اعداؤءها النيل منها.
كلمة ثنائية بالنسبة للفنان التشكيلي بشير بدوي فيها الكثير من المعاني ولا سيما انه مع اخيه نشأا وهما يتشاركان بمكان واحد ويجمعهما حب الرسم لينتقلا بعدها الى اقامة معارض مشتركة في دمشق وحلب وغيرها.
وعن اثار الحرب الارهابية على مدينة حلب وتاثر الفن بها قال بشير في تصريح لـ سانا “تأثرت بالحرب من نواحي الانتاج الفني لكن الرسم والعالم الداخلي لدينا ازداد قوة واصرارا على العمل فلم تستطع الحرب ان تغير من افكارنا وجهدنا على تقديم الامثل لانفسنا ولوطننا”.
ولا ينكر بشير الاختلاف مع شقيقه خلال العمل لكنهما وفق تعبيره يصلان الى وجهات نظر متقاربة عبر التفاهم والحوار لتصبح بذلك اعمالهما بروح واحدة.
يغلب على اعمال بشير اللون الترابي وعن ذلك يقول “استخدم الخشب كسطح للرسم لذلك تطغى على لوحاتي الالوان البني والاصفر والعسلي اضافة الى استخدام الالوان الزيتية والتي بشكل طبيعي تندمج مع الخشب لتعطي بالنهاية التوشيحة الترابية الجميلة”.
اما المواضيع في لوحات بشير فتناولت الانسان عموما والمراة والاطفال خصوصا اضافة الى لوحتي بورتريه للسيدة فيروز مطعمة بالحروفيات مستخدما الواح خشب عمرها يتراوح بين 50 و80 عاما.
وتشكل مدينة حلب لدى بشير كما الفنانين الحلبيين رمزا للعراقة والفن اللذين لم يفارقاها طوال سنوات الحرب.
الفن لم يكن يوما بالنسبة لنعمت تفريغ طاقة وانما كان نتاج فكر ومجتمع والتجربة الثنائية مع شقيقه بشير تقوم على الاستقلالية اضافة الى وجود اعمال مشتركة.
وبمعرض /ثنائية فن من حلب/ يؤكد نعمت على قيمة العمل الفني المرتكز على الاخلاص والصدق فيه فضلا عن كونه يتطلب جهدا جبارا لتاكيد بؤءر الضوء التي ترمز الى الغد وتعكس في الوقت ذاته محيط الفنان من اطفاله وعائلته واصدقائه.
وعن الجانب التقني في اعماله يقول “عملت على الغاء البعد الثالث بخلفية اللوحة واستبدلته بالمعدن الذي اضفته من خلال تاثري بفن الايقونة السورية وعملت على اكسدته ليعطيه لونا قريبا للذهبي ما زاده جمالا”.
ويرفض نعمت أن يعتبر إضافته على فن الايقونة كسرا لتقاليدها العريقة ويقول “انا احترم كل القيم ولكني اضيف للفن واضع بصمتي الخاصة به من خلال السطح المعدني فلم اضعه بشكل براق او زاه وانما بشكل انساني كجزء من جسد الشخوص في اللوحة لانني اجد اي كائن معرض للفناء ولكن على صورة تغير لشكل اخر لاعطي بذلك عملية الفناء بعدا جماليا”.
ويؤكد نعمت ان الحرب لم تؤثر عليه سلبا وانما منحته الرغبة بالاخلاص بالعمل ورفض الاستهتار وحالات الضياع التي تنتجها الحروب.
ويعمل الاخوان بدوي حاليا على التحضير لمشروعهما القريب في مدينة حلب وهو عبارة عن اعادة تاهيل قبة كنيسة بحلب تصل مساحتها الى 700 متر مربع وترميم لوحات وايقونات قديمة ولا سيما وانهما متخصصان في هذا النوع من الفنون.
اما مستضيف المعرض الفنان التشكيلي بديع جحجاح مدير صالة /الف نون/ فقال “قيمة هذا المعرض من خلال علاقته بالذاكرة وهو بالنسبة للصالة امتداد لمعرض /حلب قصدنا وانت السبيل 2016/ الذي اجتمعت به طاقة 15 فنانا حلبيا قبيل اعلان نصر حلب على الارهاب لنجد اليوم ان الحب في وطننا انتصر على الكره والحقد”.
واضاف جحجاح “هذه المعارض تؤءرخ للحب بطريقة مختلفة عبر مد جسر له علاقة بالفن والكلمة والموسيقا ليلتقي مع الجمهور وترسخ مفهوما حضاريا عن العلمانية المعرفية التي تعبر عن النسيج السوري الحضاري”.
وبذلك وفق جحجاح يختتم موسم 2017 الذي كان غنيا بعودة بريق التشكيل السوري الى لغته الاصيلة والتي عكسها الاخوان بدوي في معرضهما /ثنائية فن من حلب/ الذي يستمر لنهاية العام الحالي ليتم التحضير لعام 2018 بمشاريع وايقونات جديدة لـ/الف نون/ بصبغة الرمز والحب والجمال.
يذكر ان الفنان بشير بدوي من مواليد حلب عام 1960 وله العديد من المعارض الفردية والمشتركة داخل سورية وخارجها منها معرض فردي بالمركز الثقافي الفرنسي ومعرض عشرة فنانين من سورية /تحية الى آذار/ بمكتبة الأسد في دمشق ومعرض ستة فنانين من سورية بصالة الوفاء في دمشق ومعرض اعترافات ملونة لعشاق حلب.
اما الفنان نعمت بدوي من مواليد حلب عام 1963 عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين وأعماله مقتناة من قبل وزارة الثقافة ومجموعات خاصة وهو مؤسس ومدرس بمركز رولان خوري في حلب كما شارك في دورة بفن الأيقونات البيزنطية بايطاليا وله العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل سورية وخارجها.
اما المعارض الثنائية للاخوين بدوي فهي معرض بصالة سومر بحلب وفي عام 1988 في صالة آكاد للفنون بحلب وفي عام 1989 بصالة جمعية الشهباء وعام 1990 بصالة عشتار في دمشق وفي صالة متيلدا سالم بالنادي الكاثوليكي في حلب وبصالة السيد بدمشق وفي عام 1997 ببيت السباعي وغاليري قزح بدمشق وفي عام 1988 بصالة الخانجي بحلب وعام 2003 بصالة تشرين بحلب.
رشا محفوض وسامر الشغري