اللاذقية-سانا
بعد تقاعدها من سلك التعليم الذي عملت فيه لمدة سبع و ثلاثين سنة تفرغت السيدة سميرة اسبر للعمل التطوعي في الشأن العام مسبغة عليه طابعا وطنيا وانسانيا خالصا لتقدم نموذجا مضيئا للمرأة السورية التي ما لبثت أن انتهت من تربية ثلاث بنات و شاب هم اليوم في ريعان الشباب و الحياة و العمل حتى ألقت بفائض حنانها و عطائها على الجنود البواسل من رجال الجيش العربي السوري لتكون أمهم القريبة بعد أن غادر هؤلاء الحراس المقدسون بيوتهم و ذويهم ليحرسوا وطنا بأكمله.
وفي هذا الجانب أوضحت اسبر أن ما تمر به سورية اليوم يتطلب من كل فرد في المجتمع أن يؤدي دورا مهما بدا بسيطا لأن لدى كل سوري مخلص لوطنه شيئا ما يمكنه تقديمه لمساندة بلده في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه و ليدعم الفعل النبيل الذي يقوم به أبناء الجيش العربي السوري في دفاعهم المستميت عن أرض الوطن للقضاء على هذا الغول الإرهابي الذي دنس نقاء الحياة الأمنة و عاث فسادا و قتلا و تشريدا في أهلها و ممتلكاتها.
وأضافت بدأت عملي التطوعي في هذا المجال مع بداية الأحداث في سورية حيث انتسبت إلى قافلة “المحبة” اللبناينة السورية برئاسة السيدة سمر الحاج حيث زرنا في لبنان أغلب الشخصيات الاعتبارية لتوضيح صورة الوضع في سورية أمام كل منهم و بالتالي نقلها إلى الرأي العام اللبناني بعيدا عن التضليل الإعلامي الذي كان وما زال يمارس حتى الأن.
وأشارت إلى أنها انتقلت في المرحلة الثانية من عملها إلى زيارة جرحى الجيش في القرى النائية و البعيدة برفقة القافلة التي أصبح اسمها فيما بعد قافلة المحبة للأمهات السوريات حيث قدموا مختلف المساعدات العينية والدوائية للجرحى من أبناء الجيش إلى جانب زيارة الجنود المتمترسين على الحواجز و تقديم الطعام و اللباس.
وأشارت إلى أنها توجهت مع سيدات القافلة إلى النقاط الساخنة في الريف الشمالي لمحافظة اللاذقية وأن هذه الزيارات تتم في ظروف بالغة الخطورة دون خشية أو خوف لأن الإيمان بالله عميق و ثابت لافتة إلى أن ما تقوم به هو محض أمومة عارمة تشعر بها تجاه هؤلاء الجنود الذين غادروا منازلهم و أخوتهم و أحضان أمهاتهم ذات يوم ليحرسوا أمهات أخريات و أخوة آخرين في ظروف قد تكون أحيانا على درجة كبيرة من الصعوبة و الخطورة غير آبهين بشيء ألا أن يكونوا أوفياء للواجب المقدس و على قدر المسؤولية التي أنيطت بهم.
وقالت اسبر لنشرة سياحة ومجتمع صرت يوميا استيقظ صباحا فأحضر القهوة و أخرج إلى الحاجز الذي يطل عليه منزلي لأحتسيها و إياهم ثم آخذ ما لديهم من ثياب متسخة لأغسلها في المنزل بعد أن أحضر لهم طعام الإفطار وأعود لاتناول معهم طعام الغداء .
وتابعت أشعر بكل من هؤلاء الشباب و كأنه ابني الوحيد الذي يعمل في دمشق و في بعض الأحيان اتصل بولدي فأسأله ما الذي يرغب بتناوله اليوم على الغداء وأقوم بطبخ الصنف الذي ذكره فأقدمه للجنود و هكذا أشعر و كأنني طبخت لإبني ما يشتهيه و قد أكل منه حتى الشبع فعلى الرغم من أنني أعاني من فتق في نواتي الرقبة والظهر ترافقه آلام مبرحة إلا أنني أعمل على برنامجي اليومي بلا كلل أو ملل وعندما أطل على أبنائي الجنود و أنا أحمل الطعام أو الثياب التي غسلتها فاراهم يبتسمون لي من بعيد منادين علي “ماما أم أيهم” أنسى في تلك اللحظة كل آلامي و أوجاعي وينشرح صدري و يرفرف قلبي.
ولفتت اسبر إلى أن أفراد أسرتها يدعمونها ماديا و معنويا لتكمل هذا الواجب الذي فرضته على نفسها بكل محبة و فرح حيث يخصص الموظف منهم جزءا من راتبه الشهري ليمنحني إياه أول كل شهر فأسد به الحاجات اليومية التي يتطلبها هذا العمل مشيرة إلى أن بناتها يقمن بمساعدتها في طهي الطعام و إعداد الوجبات اليومية طوال النهار بعد أن يعدن من عملهن.
واختتمت بالإشارة إلى أنها تجيد حياكة الصوف و لذلك فقد بدأت حاليا بشراء بكرات صوفية من المحال التجارية لتقوم بصنع بعض الملابس الشتوية للجنود ولاسيما اللفحات والقبعات خوفا عليهم من برد الشتاء الذي يدق الأبواب فهؤلاء الأبطال كما تقول يفترشون الطريق حتى في أيام الصقيع ليجلس أبناء هذا الوطن قرب المدافئ في منازلهم آمنين.
رنا رفعت