اللاذقية-سانا
يحتفي الفنان الشاب رامي صابور في لوحاته الفنية باللون متأبطا اياه من مرحلة تشكيلية إلى أخرى فهو يكن لهذا الحامل البصري كثيرا من العشق والشغف منذ أن بدأ يتلمس المساحة البيضاء ناثرا عليها فتات المخيلة والذاكرة والمشاهدات اليومية الثرة.
ويقول صابور في حديث لـ سانا إن في عمق اللون موسيقا تصدح بإيقاعاتها فلا يدري عنها الا من يجيد استراق السمع إليها من وراء الوان الطيف وهي تتجاور تارة في اعماله لتتنافر تارة أخرى في جدلية متكررة تشابه الى حد بعيد جدلية الألم والأمل التي تسوقها الوانه ذاتها كل مرة.
وعن بداياته الإبداعية أوضح أنه تأثر بوالده الفنان جابر صابور الذي اهتم بموهبته من خلال التعليم والتوجيهات والملاحظات التي كان يقدمها له إضافة إلى أعماله المنتشرة من حوله التي أغنته بكثير من الأفكار والاساليب الفنية وكذلك مكتبته الفنية الواسعة التي كانت متاحة امامه على الدوام إلى أن التحق بكلية الفنون الجميلة التي تخرج فيها عام 2001.
وأشار إلى أن مشروع تخرجه كان يمثل المرحلة الأولى في تجربته الفنية حيث بحث من خلاله في الطبيعة السورية فقدم عملا قائما على تبسيط هذه الطبيعة بأسلوب خاص معتمدا على اللون من جهة وعلى علاقة الالوان ببعضها البعض وبالمساحات اللونية من جهة أخرى قبل أن ينتقل لاحقا إلى مرحلة البورتريه والوجوه الحداثوية التي تحمل معاناة الانسان وألمه وهي أعمال تحمل بصمات العمل التجريدي.
وعن المراحل التي قطعها خلال تجربته الفنية قال استغرقت مني كل مرحلة سنوات عدة وافرزت بطبيعة الحال مجموعة من الأعمال الفنية وصولا إلى المساحة الإبداعية التي أعمل ضمنها اليوم حيث أقدم الطبيعة بأسلوب تجريدي يعتمد على الالوان بصورة أساسية و معها الموسيقا التي يولدها اللون في المتن الفني لأعود موضوعيا في هذه المرحلة الى البيئة السورية بكل عناصرها و مفرداتها المتنوعة.
وذكر صابور أن مختلف تقنياته الفنية تعتمد على اللون الذي يحمل له عشقا خاصا منذ انطلاقة عمله في هذا الميدان حيث اتجه بداية الى الالوان الصارخة والقوية المستوحاة من قوة الشمس في البيئة العربية الشرقية معتمدا على عناصر عدة اهمها المساحات اللونية والانسجام اللوني وايضا الموسيقا التي يفرضها كل لون على حدة بهدف اظهار جماليات الالوان في هذه البيئة الخلابة.
وقال في بداياتي كنت أحب اللون الأحمر لأن لديه طاقة هائلة تتجلى بقوة على المساحة البيضاء كما ان له قدرة على استيعاب باقي الألوان مقرونة بقدرة الفنان على استعماله لكنني في الفترة الأخيرة أصبحت أكثر ميلا للون الأبيض لما فيه من نقاء وصفاء روحي يميزه عن باقي الألوان.
ونوه صابور بأنه رسم في الآونة الأخيرة مجموعة لوحات تصور الواقع السوري الراهن من خلال وجوه يعتمل فيها الألم والمعاناة باستخدام اللون الرمادي وهو لون يوحي بحد ذاته حسب وصف صابور بحالة من التردد و التخبط لافتا الى انه رغم ذلك تبقى في اللوحة مساحات فوق الرأس تؤكد قدرة الإنسان على تحديد ذاته فأينما وجد الألم في أعماله كان هناك أيضا فسحة امل ونوافذ مشرعة.
وذكر أن كل ما يحيط بالفنان أو يصادفه يمكنه أن يكون محفزا له على الابداع كأن تكون مثلا امرأة جميلة أو طبيعة يتعانق فيها البحر والسماء أو سواها مؤكدا أن القبح ذاته ينطوي في عمقه على شيء من الجمال وهذا بمجموعه يمنح الفنان طاقة داخلية ويثري مخزونه الفكري ومخيلته الواسعة التي تزداد قوة ورهافة في حضور هذه المفردات.
وقال إن الرضا الكامل عن النفس لدى الفنان هو ما يخرج اللوحة الى النور فالعمل الفني يمر بمراحل عدة من حالة اللاوعي قبل أن ينجز عمليا و قد ينتهي الفنان من لوحته دون ان يشعر بذلك حقيقة و مرد ذلك الى بقاء الفنان في مرحلة اللاوعي والطاقة والحالة الانفعالية و كذلك حالة التوحد مع العمل الفني.
واختتم بالقول..إن مجموعة مشاهدات الفنان في الحياة تشكل مخزونا فكريا وثقافيا وفنيا واجتماعيا غنيا يستثمره المبدع في أي لحظة يشاء محولا جزءا منه إلى أعمال فنية ويبقى هذا الأمر قائما طالما بقي قلب الفنان نابضا بالحياة فيستمر في تأثره وتأثيره.
يذكر أن الفنان من مواليد مدينة جبلة عام 1975 وله العديد من المعارض الفردية بينها معرض في صالة ايمار في اللاذقية عام 2003 ومعرض في صالة ع البال في دمشق و آخر في دار كلمات في حلب ومعرض في فورت هاملتون في نيويورك إلى جانب عدد من المعارض الجماعية كما حصل صابور على جوائز عدة منها جائزة تقديرية من بينالي ايران الدولي واخرى عن مجموعة أعماله من بينالي المحبة الخامس في اللاذقية.
رنا رفعت