ديرالزور-سانا
تصدح الحناجر في شوارع ديرالزور وأحيائها فرحا وتهليلا لجنود قطعوا مئات الكيلومترات في زمن قياسي يشهد له ليعلنوا نصرهم الأكبر على شياطين العصر وحرب الأمعاء الخاوية بعد حصار دام 3 سنوات دون أن يجد الطريق إلى هزيمة إرادة لا تقهر على الحياة وثقة بجيش هو آت للتحرير والتطهير لا محالة.
الآن بعد النصر المؤزر تتشابه الوجوه في مدينة ديرالزور حيث وحد ملامحها الفرح بالانتصار الذي تحقق وتكاد تتطابق تفاصيل المعاناة والجوع والخوف ونقص المواد الأساسية وكل مقومات الحياة بفعل إرهاب وجرائم تنظيم تكفيري يتستر بالدين والقتل لتنفيذ مخططات رسمت له في كواليس وأروقة استخبارات رعاة الإرهاب وداعميه.
ورغم القذائف التي كانت تتساقط عليهم يوميا أصر الأهالي على البقاء في منازلهم وقفوا إلى جانب جشيهم الباسل وكلهم ثقة بأن النصر قريب ولن يدوم الحصار عليهم طويلا فواجهوا بعزيمتهم الصلبة تنظيم “داعش” الإرهابي كما واجهوا التنظيمات الإرهابية الأخرى على اختلاف مسمياتها ولم يسمحوا له بسرقة أحلامهم واحلام أطفالهم وما جنوه خلال سنوات من عمرهم.
حكايات الأيام العجاف كثيرة يرويها أهل الدير نساء وأطفالا شيبا وشبابا تبدؤها أم شهيد فقدت ابنها في قذيفة بينما كان خارجا لإحضار ما يتيسر له من الطعام لأبنائه الخمسة.. حكاية استشهاد الأب يرويها أطفاله الفرحين بالنصر لأنهم سيعودون إلى مدارسهم دون خوف من قذائف الموت التي كان إرهابيو التفكير الأسود يرمونهم بها كل يوم ودون الخوف من النوم دون غذاء ويشاركهم في إيضاح بعض تفاصيل الحكاية أب لم يستطع مرضه ولا استشهاد ولده ولا فقره المدقع من النيل من عزيمته على التمسك بوطن آمن به.
الآن يركض أطفال مدينة ديرالزور في شوارعها قادمين من مدارسهم التي نالها الكثير من قذائف الإرهاب الحاقد على جيل أصر ببراءة الطفولة على اكمال تعليمه وبناء وطنه معلنين نهاية فصل من مأساة عاشوها خلال فترة الحصار الداعشي متسلحين بالامل ويصنعون الفرح بأحلام بسيطة ليقولوا للعالم.. نحن هنا ومن حقنا ان نعيش كبقية الأطفال.
مشهد جميل أن ترى الحياة تعود تدريجيا إلى الأحياء التي كانت محاصرة في ديرالزور.. رجال ونساء يجتمعون والابتسامة ترتسم على وجوههم ويتبادلون الحديث وكأنهم خبراء بالاقتصاد ويقارنون اسعار المواد الغذائية والأساسية التي كانوا يشترونها خلال فترة الحصار واسعار هذه المواد بعد فك الحصار التي قدمت إلى المدينة عبر عشرات القوافل وأفرغت حمولتها بصالات البيع المباشر في مؤسسات الدولة.
إذن في ديرالزور لا صوت يعلو على صوت الجيش العربي السوري البطل ولا تستطيع إلا أن تقف إجلالا لصمود شعب جاع فكان خبزه الايمان بمستقبل يطوي الألم ويعيد بالأمن والأمان والعيش الرغيد إلى الأهالي وها هم اليوم أهل ديرالزور يحتفلون بنصر مؤزر حملته اليهم جحافل الجيش وحلفاؤه مجددين عهدهم باستمرار التمسك بكل شبر من الوطن والذود عنه كغيرهم من أبناء سورية الذين استبسلوا في الصمود بوجه مؤامرة حاكها الغرب والأعراب علهم يوقفون عجلة تقدمهم وتطورهم فقرروا خوض حرب أرادت قتلهم من أجل إسكات صوت الحق المقاوم وإيقاف نبض العروبة وإغماد سيفها المسلول بوجه مغتصب الأرض المقدسة وكسر ترسها المدافع عن الكرامة العربية.
غداً في المستقبل البعيد سيروي أهالي مدينة ديرالزور قصة سنوات ثلاث حاول التنظيم الإرهابي خلالها قتل أحلامهم وسرقة تاريخهم وحاضرهم وما قابلها من صمود وصبر بوجه الحصار الجائر والذي سقط بلا رجعة بفضل بطولات ودماء الشهداء وتضحيات الجرحى وشجاعة وإقدام بواسل الجيش العربي السوري الذين كسروا حصار “داعش” ليكتبوا السطر الأخير في فصل انتصار جديد ويدقوا المسمار الأخير في نعش الوجود الإرهابي في درة الفرات.. ديرالزور المقاومة.