الشريط الإخباري

عشية مهرجان الملحنين السوريين الأول… تحية إلى أبو خليل القباني

دمشق-سانا

موسيقي عبقري ومسرحي مبدع حمل بحق لقب “رائد المسرح الغنائي العربي” أنه أحمد أبو خليل اقبيق الذي ولد في دمشق عام 1833 وغلب على كنيته لقب القباني نسبة إلى عمله في القبان وتمتع منذ صغره بصوت جميل وأذن موسيقية يسبقهما حب جارف للموسيقا.

وبسبب عدم وجود المدارس الموسيقية وجد الطفل ضالته في حلقات الذكر والزوايا الصوفية التي أخذ يتردد عليها فتعلم بعض الموشحات واتقن بعض أوزانها وتتلمذ على يد الفنان علي حبيب فتعلم منه المقامات الموسيقية وأوزان الموشحات وإيقاعاتها وحفظ جميع ما في جعبة أستاذه من موشحات وعندما شب قليلا سافر إلى حلب وتتلمذ على يد الموسيقي الحلبي الكبير أحمد عقيل واتقن على يديه الموشحات بكل فنونها.

وتعلم القباني وفق المرجع الموسيقي “مبدعو الألحان السورية في القرن العشرين” الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب من أستاذه الحلبي رقص السماح وجدد فيه ليستخدمه لاحقا بمرافقة الموشحات في العديد من مسرحياته.

إضافة إلى إحاطته التامة بالموسيقا ونغماتها وأوزانها وقوالب الغناء العربي وخاصة الموشح كان أبو خليل القباني يتقن التركية والفارسية اللتين تعلمهما على يد بعض علماء دمشق إلى جانب اتقانه اللغة العربية الفصيحة ومع مواهبه الموسيقية كان يجيد كتابة الأدب والشعر والزجل ومعظم الموشحات التي لحنها من نظمه.

تنقسم مسيرة القباني الفنية إلى ثلاث مراحل الأولى مع بداياته الفنية في دمشق وكان يقدم عروضه بادئ الأمر في أحد البيوت وأول مسرحية قدمها كانت “ناكر الجميل” ثم أنشأ مسرحا خاصا به بعد أن قدم له والي دمشق مدحت باشا معونة قدرها 900 ليرة ذهبية تشجيعا له.

ومن المسرحيات التي قدمها في هذه المرحلة “الأمير محمود نجل شاه العجم” واستمرت هذه المرحلة حتى عام 1883 عندما احرق المتزمتون مسرحه بعد عزل مدحت باشا عن ولاية دمشق.

المرحلة الثانية بدأت عام 1883 في القاهرة حيث سافر إليها في العام نفسه وهي المرحلة الأهم في مسيرته الفنية واستمرت 17 عاما وقدم فيها معظم مسرحياته وابدع اكثر الحانه وكان يعرض في البداية على مسرح دار الأوبرا القديمة ليكون أول فنان غير مصري يقدم عروضه المسرحية عليها بدعم وتشجيع من الخديوي توفيق ملك مصر الذي وهبه قطعة أرض ومبلغا من المال لينشئ عليها مسرحا خاصا به وكان أول عرض قدمه بالقاهرة “الحاكم بأمر الله”.

وكان لأبي خليل القباني في مصر الكثير من الطلاب الذين تتلمذوا على يديه في الموسيقا والمسرح ومن أكثرهم وفاء له الموسيقي كامل الخلعي.

أما المرحلة الثالثة فهي قصيرة بدأت عام 1900 في دمشق بعد أن عاد إليها إثر قيام الحاسدين من الفنانين بحرق مسرحه في القاهرة بعد أن تفوق عليهم وحاز اهتمام الأوساط الثقافية والاجتماعية واستمرت هذه المرحلة لفترة قصيرة مارس خلالها نشاطات قليلة وانتهت برحيله.

أهم ألحان القباني وأكثرها كانت في قالب الموشح وصنفت الموشحات المنسوبة إليه في ثلاثة مستويات الأول تضمن الموشحات المؤكد أنها من تلحينه وضمت 22 موشحا مثل موشحات “برزت شمس الكمال” و”آه من جور الغوالي” و”شادن صاد قلوب الأمم” والمستوى الثاني تضمن الموشحات التي يرجح أنها من تلحينه مثل موشحات “يا غصن نقا مكللا بالذهب” و”صفت أوقاتي” أما المستوى الثالث فتضمن الموشحات التي من المحتمل أن تكون من تلحينه مثل موشحات “العيون النرجسية” و”يانسيمات الصبا”.

ولحن القباني مجموعة من الأغنيات الشعبية من أشهرها خمسة ألحان نالت شهرة عربية واسعة وهي “يا مال الشام” و”يا طيرة طيري يا حمامة” و”يا مسعدك صبحية” و”يا حالي ع البيدوية” و”صيد العصاري” وما يزال كبار المطربين العرب وفي مقدمتهم الفنان الكبير صباح فخري والكثير من الفرق العربية تقدم هذا التراث الغنائي.

واشتهر أبو خليل القباني بمسرحه الغنائي الذي كان رائدا فيه وعنه أخذه الفنانون المصريون وقدم خلال مسيرته الفنية 31 مسرحية غنائية بعضها من تأليفه وبلغ عددها 15 مسرحية منها “أسد الشرى” و”الأمير محمود نجل شاه العجم” و”الشيخ وضاح ومصباح وقوت الأرواح” وبعضها الآخر لمؤلفين عرب مثل مسرحيات “أبو حسن المغفل” لمارون نقاش و”حفظ الوداد” لسليم النقاش و”الفيلسوف الغيور” لحنا النقاش وبلغ عددها 5 مسرحيات أما بقية المسرحيات فهي لمؤلفين أجانب وترجمها بعض الكتاب العرب ومنها “هرناني” لفكتور هوجو ترجمة نجيب حداد وقدمها القباني معربة باسم “حمدان” ومسرحية “لورانزينو” لدوماس الأب ترجمة محمد المغربي وقدمها القباني معربة باسم “الخل الوفي والغدر الخفي” و”لباب الغرام” لراسين ترجمها عن التركية القباني.

وإضافة إلى المسرحيات كان يقيم الكثير من الحفلات الغنائية يشدو فيها بصوته وألحانه البديعة ومن أشهر حفلاته الربيعية التي أقامها خلال زيارته إلى دمشق عام 1896.

وبعد عودة أبو خليل القباني إلى دمشق بشكل نهائي أصيب أواخر 1903 بمرض الطاعون الذي اجتاح دمشق ليرحل رائد المسرح الغنائي العربي في الـ21 من كانون الأول من العام نفسه ويدفن في مقبرة باب الصغير بدمشق تاركا للسوريين إرثا ثقافيا عريقا وأيقونة سورية مخلدة باسمه.

رشا محفوض

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency

انظر ايضاً

ندوة عن رائد المسرح الغنائي العربي أبي خليل القباني

دمشق-سانا محاور عديدة تناولتها ندوة رائد المسرح الغنائي العربي بعنوان “أبو خليل القباني سيرة حياة …