الشريط الإخباري

أوروبا وبريطانيا خصوصا تحبس أنفاسها مع بدء الاستفتاء على استقلال اسكتلندا لعواقبه الاقتصادية

أدنبرة-سانا

مع بدء الإستفتاء التاريخي على استقلال اسكتلندا وفتح مراكز الاقتراع أبوابها صباح اليوم والذي يمكن أن يؤدي إلى انفصالها عن بريطانيا وولادة دولة جديدة في أوروبا تتزايد التوقعات بعواقب حدوث الانفصال والاستقلال على كل المستويات ولا سيما الاقتصادية باعتبار أن اسكتلندا تمثل مركز ثقل استثماريا واقتصاديا مهما لبريطانيا حيث ستتجاوز خسائر الشركات البريطانية الكبرى وفقا لمحللين اقتصاديين 100 مليار جنيه استرليني أي ما يعادل 162 مليار دولار.

وتتصاعد المخاوف في بريطانيا من الانزلاق إلى أزمة اقتصادية خانقة في حال قررت اسكتلندا الاستقلال حيث استعرضت صحيفة صنداي تايمز البريطانية المخاطر التي يتعرض لها هذا البلد الأوروبي في حال استقلال اسكتلندا مشيرة إلى أن رويا ل بنك أوف سكوتلاند وهو الأكبر في اسكتلندا وأحد أكبر المصارف في بريطانيا والقارة الأوروبية سيواجه أزمة محتملة في حال الاستقلال فضلا عن الخسائر بعشرات المليارات التي قد تتكبدها الشركات البريطانية الكبرى مثل النفطية العملاقة بريتيش بيتروليوم وغيرها.

ويتوقع محللون اقتصاديون بريطانيون بأن يواجه رويا ل بنك أوف سكوتلاند نقصاً كبيراً في التمويل يصل إلى 6ر5 مليارات جنيه إسترليني أي ما يعادل 9 مليارات دولار في حال استقلال اسكتلندا عن بريطانيا.

ويقول المحللون إن الشركات البريطانية الكبرى التي تضم بريتيش بيتروليوم ومجموعة لويدز المصرفية ستواجه “هوة سوداء” في حال فقدت بريطانيا اسكتلندا.

وكمؤشر على الخسائر الكبيرة التي ستتكبدها الشركات والأفراد في حال إتمام الاستقلال الاسكتلندي يؤكد الكثير من المحللين الاقتصاديين في بريطانيا أن مشكلة المعاشات التقاعدية والتأمينات التي ستواجه الشركات البريطانية إذا استقلت اسكتلندا ليست سوى واحدة من بين قائمة طويلة من المشكلات التي ستنشأ نتيجة انهيار اتحاد عمره 307 سنوات.

وقبيل أيام من بدء الاستفتاء هبط الجنيه الإسترليني إلى مستويات متدنية أمام العملات الأخرى في الثامن من الشهر الجاري بسبب احتمالات انهيار الاتحاد الذي تقوم عليه بريطانيا العظمى حيث انخفض الإسترليني بنسبة 1 بالمئة إلى نحو 6165ر1 دولار ليصل إلى أدنى مستوى له منذ 26 تشرين الثاني الماضي ومقابل اليورو هبط الجنيه إلى 17ر80 بنسا لليورو وأمام الين هبط الإسترليني إلى 68ر169 ينا قبل ارتفاعه قليلا إلى 41ر170 ينا.

ويتوقع الخبراء أن يتعرض الإسترليني لمزيد من الضغوط مع بدء الاستفتاء اليوم وخاصة أن الدولار ما زال قويا.

كما تراجعت الأسهم الأوروبية أمس الأول وظلت في نطاق ضيق قبل تصويت اسكتلندا على الاستقلال واجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي “البنك المركزي الأمريكي” بشأن السياسية النقدية.

ويرى خبراء الإقتصاد أن بريطانيا ستنزلق إلى أسفل ترتيب قمة الهرم القيادي بعدما كانت سادس أكبر اقتصاد في العالم نظرا لأن 97 بالمئة من مخزون البترول البريطاني و58 بالمئة من مصادر الغاز الطبيعي توجد ضمن حدود الأراضي الاسكتلندية ما يعني فقدان بريطانيا الجزء الأكبر من مخزونها للموارد الطبيعية.

وكان بنك سوسيتيه جنرال للاستثمارات المصرفية أصدر بيانات تتحدث عن هروب الاستثمارات من بريطانيا بينما قام بنك آخر هو نومورا الياباني بحث عملائه على تخفيض تعرضهم المالي لبريطانيا والتحذير من انهيار محتمل للجنيه الإسترليني.

وتشير بيانات البنك إلى أن مستوى السحب اقتصر على 14 مليار دولار أي ما يعادل 6ر8 مليارات جنيه استرليني في بداية العام الجاري لكنه تسارع مؤخرا ليصل إلى 20 مليار دولار أي 12 مليار جنيه استرليني.

ولم يكتف بنك نومورا بنصح العملاء بسحب أموالهم من الاستثمارات البريطانية بل طالبهم بوقف شراء سندات الحكومة البريطانية وأسهم البنوك.

من جهتها نقلت صحيفة ذا تليغراف البريطانية عن جوردن روشتر الخبير في استراتيجيات النقد الأجنبي قوله إن صناديق التحوط التي تعمل على الأجل القصير بدأت بيع الأصول البريطانية لتحذو حذو الصناديق طويلة الأجل مثل صناديق المعاشات.

ويقول بول كروغمان الخبير الاقتصادي الليبرالي في صحيفة نيويورك تايمز إن “مخاطر الاستقلال هائلة ولا يوجد ما يضمن ابتعاد اسكتلندا عن اللحاق بالنموذج الإسباني السيىء بدلا من نماذج استقلال افضل مثل نموذج انفصال إقليم كي بيك عن كندا”.

ويتخوف كروغمان بشكل خاص من خطر فقدان بريطانيا سيطرتها على عملتها حيث يوءكد على أن اقتران الاستقلال السياسي بوجود عملة مشتركة مثلما هو حادث في إسبانيا يؤدي إلى كوارث.

وقال محللون من بنك دويتش إن التصويت بنعم سيدفع البنك المركزي الإنكليزي لإبقاء أسعار الفائدة متدنية لفترة زمنية أطول بالنظر إلى أن الاستقلال سيضر بالتعافي الاقتصادي.

في المقابل لفت أليكس سالموند رئيس الوزراء الاسكتلندي إلى أن الاستقلال سيتيح لهم ضخ تريليون دولار في خزينة البلاد طوال ما معدله 44 سنة أي تقريبا 23 مليارا بالعام تبيع خلالها دولتهم المستقلة ما تملكه من احتياطات نفط وغاز تمثل 90 بالمئة مما في كل دول الاتحاد الأوروبي لتضيفها إلى إنتاجها القومي حاليا وهو 245 مليارا من الدولارات.

ورأى سالموند أن بقاء اسكتلندا متحدة مع بريطانيا لم يعد مفيداً لها وأنها لا بد أن تستقل وتستفيد من ثروتها النفطية مؤكدا أنها ستكون واحدة من أغنى البلدان في العالم.

ويرى المراقبون أن استقلال اسكتلندا سيؤثر على اقتصاد أوروبا الذي يعاني منذ مدة من التعثر في ظل انخفاض الثقة في اقتصاد المنطقة التي تعاني من ضعف معدل التضخم وارتفاع معدل البطالة حيث أن اقتصاد المنطقة مهدد بالركود مع تزايد المصاعب التي تواجه العملة الأوروبية ويقوم البنك المركزي الأوروبي في الوقت الحالي بمحاولات عديدة لقطع الطريق على دخول الاقتصاد إلى دائرة الكساد على النمط الياباني وتعزيز تعافي اقتصاد المنطقة من الركود.

وفي سياق آخر يعتبر فوك جيراميك الرئيس السابق للجمعية العامة في الأمم المتحدة والحائز جائزة نوبل أن التصويت بنعم سيحد من نفوذ بريطانيا في المنظمات الدولية المهمة مثل عضويتها في مجلس الأمن والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وتعد اسكتلندا الأغنى في أوروبا لامتلاكها موارد طبيعية كالفحم الحجري ومعدن الزنك ومن بين الأغنى أيضا بالصناعات الجوية والبحرية وبالخدمات المميزة بها عاصمتها أدنبرة وأيضا غلاسكو كبرى مدنها وشهيرة بقطاعها المصرفي وبصناعة الأقمشة وبثروتيها السمكية والزراعية وصدرت في عام 2011 أكثر من 15 مليارا فقط للولايات المتحدة و8 دول بالاتحاد الأوروبي لذلك هي قادرة على الاكتفاء الذاتي الى حد كبير إلا أن النفط هو بيضة الميزان الكبرى فوحده سيجعل منها ما جعل من النرويج واحدة من أغنى الدول الأوروبية.

يذكر أن اسكتلندا تقع شمال غرب أوروبا وتعتبر جزءا من الدول الأربع المكونة لما يعرف بالمملكة المتحدة وتحتل الثلث الشمالي من جزيرة بريطانيا العظمى وتحدها جنوباً إنكلترا وشرقاً بحر الشمال وغرباً المحيط الأطلسي ومن أهم مدنها وأكبرها مدينة غلاسكو.

وكانت إسكتلندا مملكة مستقلة حتى الأول من شهر أيار عام 1707 الموعد الذي تم فيه إقرار قانون الوحدة لعام 1707 حيث اتحدت بموجبه مملكتا إنكلترا وإسكتلندا فيما يعرف اليوم بمملكة بريطانيا.

انظر ايضاً

بريطانيا.. اندلاع حريق ضخم في حوض لبناء غواصات نووية

لندن-سانا اندلع حريق ضخم في حوض لبناء غواصات نووية تابع لشركة “بي إيه إي سيستمز” …