دمشق-سانا
الزجاج المعشق من أقدم الحرف الدمشقية العريقة حيث جمعت بين الإبداع والمهارة والقدم والحداثة وتطورت عبر السنين وحافظت على أصالتها وتألقت اليوم بأجمل ما قدمته ايدي صناعها.
سانا المنوعة التقت فايز تلمساني الذي يعتبر واحدا من حرفيي صناعة الزجاج المعشق في دمشق حيث قال إنه بدا العمل في حرفة الزجاج المعشق في عام 1964 في مركز الفنون التطبيقية في دمشق والذي يعنى بتعليم الحرف الدمشقية القديمة للحفاظ على اصالتها.
وتعتبر حرفة الزجاج المعشق واحدة من اقدم الحرف الدمشقية على الاطلاق ويرجع تاريخ نشأتها الى الفي عام وجاءت تسميتها بالمعشق من ترابط مادة الجص مع الزجاج حيث وصف هذا الترابط بالعشق نظرا للتماسك والتناغم بين الألوان والجص.
واضاف تلمساني ان البيوت الدمشقية قديما كانت اغلب نوافذها تصنع من الزجاج المعشق حيث يتمتع هذا النوع من الزجاج بخواص عازلة للصوت والحرارة والرطوبة إضافة إلى ما يضفيه لداخل الغرف من مناظر جميلة اثناء النهار عبر انعكاس ضوء الشمس لداخل البيت في حين يعكس الضوء للخارج ليلا فيعطي للنوافذ أجمل الالوان .
واشار تلمساني الى وجود ثلاثة أنواع واشكال من الزجاج المعشق المقترن بالخيط العربي الذي يدخل برسوماته لافتا الى وجود قواعد صارمة للعمل فيه فالدائرة مثلا يجري تلوينها بحيث يكون وسطها أحمر حصراً ثم الأورانج فالأخضر ثم الأصفر وأخيراً الأزرق أما الأشكال المضلعة فتبدأ من المربع وتنتهي بالشكل ذي الثمانية عشر ضلعا ويشمل الزخارف النباتية من أزهار واغصان وغيرها واخيرا الشكل الهندسي .
واوضح تلمساني أن المعشق الدمشقي يختلف عن سواه من المعشق العربي لانه يتمتع بوجهين متطابقين من خلال قطعة جبصين واحدة حيث يتم إدخال قطع الزجاج أثناء الصب في القالب وتكون النافذة ذات وجهين متطابقين لتتحمل عوامل المناخ ما يجعله يتميز عن غيره من الزجاج المعشق ذي الوجه الواحد .
وتابع تلمساني ان الزجاج المعشق ما زال ينال اعجاب الدمشقيين واليوم يدخل في استعمالات عدة ولم ينافسه الزجاج الحديث لان راغبيه اليوم كثر ولا سيما بعد ازدياد استخدامه في مجالات كثيرة منها ديكورات الصالونات في الفيلات والشقق لاستحضار التراث الشرقي بالاضافة الى استخداماته في اللوحات الجدارية والأسقف المستعارة والثريات والكلوبات وغير ذلك من استعمالات المعشق.
وعن مراحل صنعه قال تلمساني انها تبدأ بصب قطعة الجص حسب القياس المطلوب وبعد جفاف الجص يرسم عليها الرسمة المطلوبة ثم يجري تفريغ الشكل بواسطة المثقب والمنشار اليدوي ثم ينظف الشكل ويقلب على الوجه الثاني وتوضع قطع الزجاج حسب الرسم على الفراغات في الشكل ثم يصب الجص الطري على هذا السطح فيملأ المسامات المحدثة بين قطع الزجاج وبذلك تلتصق قطع الزجاج ببعضها ثم يلتصق الكل في الجص وبعد الجفاف يمسح الجص فتظهر قطع الزجاج ونكون بذلك قد أنهينا العمل.
وفيما يخص الزجاج المعشق الدمشقي يصنع قالب للرسم المطلوب وتكون زوايا القطع للقالب مدروسة للارتفاع الذي ستكون عليه النافذة وبعد انتهاء القالب يجمع ويثبت ويحصر بإطار من مادة الخشب أو أي مادة أخرى ويصب القالب بعد دهنه بالعازل بمادة الجص السائل وينتظر ما يقارب ثلاثين دقيقة ثم يفك القالب وتوضع قطع الزجاج ثم يصب السائل حوله ليملأ الفراغات ليصبح جاهزا.
وختم تلمساني انه عشق حرفته فهو يحاول دائما ادخال كل ما هو جديد اليها مشيرا الى انه شارك في عدة معارض كان اخرها معرض التراث في خان اسعد باشا حيث قدم جديده في هذا المعرض من قطع فنية نالت اعجاب الزائرين منوها في الوقت نفسه بذوق الحرفيين السوريين الذين أثبتوا دائما انهم من اوائل الصناع في العالم وهو ما سطره التاريخ عنهم منذ الازل وحتى يومنا هذا .