واشنطن-أنقرة-سانا
ضمن سياسة المعايير المزدوجة التي تنتهجها الولايات المتحدة في مجال تعاملها مع الإرهاب وبعد التأييد الذى حصل عليه الرئيس باراك أوباما في استراتيجيته لمواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي يحاول قادة جمهوريون في الكونغرس إقناع أعضاء مجلس النواب الأمريكي بالسماح للبنتاغون بتدريب وتسليح ما يسمونه “المعارضة المعتدلة” في سورية.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن مجلس النواب الأمريكي سيناقش غدا خطة بهذا الخصوص خلال اجتماع مغلق للجمهوريين حيث سيسعى أعضاء الحزب إلى حشد التأييد لها باعتبارها “خطوة أساسية” وفق وجهة نظرهم في محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي.
ووفقا لما يطالب به الجمهوريون فإن التعديل الذي أدخله رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب باك ماكيون يتطلب أن تبقى الإدارة الأمريكية الكونغرس على اطلاع عبر تقارير إلى النواب وأعضاء مجلس الشيوخ كل 90 يوما حول الخطوات التي يقوم بها البنتاغون في مجال تدريب مجموعات مسلحة في سورية وأن يسمح فقط بتحرك حتى منتصف كانون الأول ويمنع أوباما من إرسال قوات أمريكية مقاتلة.
بدوره أعرب السيناتور الجمهوري ورئيس مجلس النواب جون باينر عن تأييده لما سماه “خطة الرئيس أوباما القوية لتسليح وتدريب مسلحي المعارضة السورية وتجهيزهم لقتال المتطرفين” داعيا الكونغرس إلى التصديق على هذه الخطة حيث لا يوجد بحسب رأيه “سبب لعدم الموافقة إذا طلب منا الرئيس ذلك.
وقال باينر “إذا كان هدفنا هنا هو تدمير تنظيم “دولة العراق والشام” علينا أن نفعل ما هو أكثر من تدريب البعض في سورية وتدريب البعض في العراق وإسقاط القنابل” داعيا عددا من النواب إلى إجراء نقاش اوسع حول استخدام القوات الأميركية ضد التنظيم بعد الانتخابات.
من جهته قال رئيس لجنة الاعتمادات في مجلس النواب هال روجرز “إن هذا موضوع حساس جدا وأعتقد أنه من مصلحتنا القومية أن يتحرك الكونغرس بسرعة لتأمين هذه الصلاحية”.
يذكر أن الولايات المتحدة التي تسعى حاليا لبناء تحالف دولي لمواجهة خطر تنظيم “داعش” الإرهابي بعد أن قدمت وما زالت مع العديد من حلفائها الغربيين ومن ممالك ومشيخات الخليج وحكومة حزب “العدالة والتنمية” في تركيا التمويل والتسليح للتنظيمات الإرهابية المسلحة التي عاثت قتلا وتخريبا في سورية خلال السنوات الثلاث الماضية كما سهلت لآلاف الإرهابيين من مختلف دول العالم التسلل إلى سورية والانضمام إلى صفوف التنظيمات الإرهابية فيها.
الكونغرس يطالب أوباما باتخاذ المزيد من الإجراءات لتفادي خطر عودة الإرهابيين إلى الولايات المتحدة
إلى ذلك كشفت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية في مقال لها أنه في الوقت الذي تصر فيه الإدارة الأمريكية على مواصلة تقديم كافة أشكال الدعم والتمويل والتدريب للإرهابيين طالب الكونغرس الأمريكي الإدارة باتخاذ المزيد من الخطوات لمنع عودة المسلحين الذين يقاتلون خارج البلاد إلى الولايات المتحدة وتجريدهم من جوازات سفرهم في حال انضمامهم للقتال.
وأشارت الصحيفة إلى أن نواب الكونغرس طالبوا بإجراء مراجعة لبرنامج الإعفاء من التأشيرات وإلغاء جوازات سفر الأمريكيين في حال انضمامهم للقتال خارج البلاد وتعليق برنامج الاعفاء من تأشيرات السفر في البلدان التي لديها وحدات كبيرة من “المقاتلين الأجانب”.
وأضافت الصحيفة أنه وفق تقرير أصدره مركز الأبحاث الأمريكي “صوفان غروب” في حزيران الماضي فإن أكثر من نصف البلدان المدرجة على قائمة الولايات المتحدة للإعفاء من التأشيرات بما في ذلك الحلفاء الأوروبيون لديهم مواطنون منخرطون بالقتال فيما قال محللون إنه بإمكانهم فقط استخدام جوازات سفرهم لتجاوز المستويات الأولى لأجهزة المسح والتدقيق.
وقال النائب الديمقراطي الأمريكي تولسي جابارد.. إن “المتطرفين الذين يحملون جوازات سفر أوروبية وبريطانية وألمانية وفرنسية يمكنهم ببساطة السفر على متن طائرة والتوجه إلى الولايات المتحدة دون تأشيرة لذلك يجب أن تكون سلامة وأمن الأمريكيين من أهم الأولويات” معتبراً أن “برنامج الاعفاء من التأشيرات يضع الشعب الأمريكي في خطر كبير”.
وذكرت الصحيفة أنه وفقا للتقديرات فإن أكثر من مئة أمريكي من الذين انضموا إلى التنظيمات المسلحة يمكن أن يشكلوا خطرا على الولايات المتحدة في حال عودتهم إلى البلاد.
وطالب 14 عضوا في مجلس الشيوخ الامريكي في رسالة قدمت الأسبوع الماضي إلى وزارتي الخارجية والأمن الداخلي الأمريكيتين وزير الخارجية جون كيري باستخدام صلاحياته وسلطاته المخولة له بالغاء جواز سفر أي شخص يكتشف أنه انضم إلى التنظيمات المسلحة.
من جهته قال نائب المتحدث باسم البيت الأبيض شون تيرنر أن الحكومة الامريكية لديها وسائل للتدقيق في الأخطار المحتملة مضيفاً أن “مؤشرات الخطر يمكن أن تشمل السفر إلى أماكن تعتبر ملاذات آمنة كما يمكن أن تشمل أيضاً اخضاع المسافرين لعمليات فحص ومسح اضافية وحتى يمكن اللجوء إلى الغاء رحلة ما”.
وأضاف تيرنر.. “تبذل وكالات إنفاذ القانون وأجهزة الاستخبارات الكثير من الجهود على هذه القضية من خلال تبادل المعلومات حول الاشخاص المشتبه بهم لتحديد هوياتهم مع مواصلة وزارة الأمن الوطني اتخاذ خطوات لتعزيز أمن الطيران في المطارات خارج البلاد التي تسير رحلات مباشرة إلى الولايات المتحدة”.
وأوضحت الصحيفة أن برنامج الإعفاء من التأشيرة والذي يسمح للأشخاص بزيارة الولايات المتحدة لمدة تصل إلى 90 يوما دون الحاجة إلى الحصول على تأشيرات السفر يشمل ثمانية وثلاثين بلدا بينهم 21 بلدا ممن سافر مواطنوها للقتال الى جانب التنظيمات الارهابية في سورية والعراق وذلك وفقاً لمركز صوفان غروب ويقدر أن أكثر من 700 مواطن فرنسي ونحو 400 بريطاني يقاتلون الاآ هناك.
وأعلن وزير العدل الأمريكي أريك هولدر أمس أن بلاده ستطلق سلسلة جديدة من البرامج حول سبل كشف المتطرفين في الولايات المتحدة حيث أقر بسعي العديد من المتطرفين الأمريكيين للتوجه إلى سورية والانضمام إلى التنظيمات الإرهابية فيها وقال “بما أن بعض الأمريكيين يسعون للتوجه إلى سورية والعراق للمشاركة في المعارك هناك فإن على وزارة العدل أن ترد على هذا الأمر بالشكل المناسب”.
وتأتي التحذيرات الأمريكية الجديدة في الوقت الذي تصر فيه إدارة أوباما على مواصلة تقديم كافة أشكال الدعم والتمويل للإرهابيين الذين ينفذون أجنداتها الخاصة فى سورية والمنطقة ممن تصر على إطلاق تسمية “معارضة معتدلة” عليهم مع تجاهل تام لحقيقة أن الإرهابيين المدعومين من قبل الولايات المتحدة والغرب ومن تتشدق واشنطن بمحاربتهم في العراق هم وجهان لعملة واحدة.
وتشعر أجهزة الاستخبارات الأمريكية بقلق متزايد إزاء انضمام أعداد متزايدة من الأمريكيين والأوروبيين إلى صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية وقد أعلنت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي ايه” مؤخرا أن عدد إرهابيي تنظيم “داعش” بات يتراوح بين عشرين ألفا و31500 إرهابي في سورية والعراق.