الفنانة أروى عسيكرية.. موهبة تركز على الطبيعة والإنسان

اللاذقية-سانا

رغم أنها لم تتجاوز السادسة عشرة من العمر إلا أن الفنانة اليافعة أروى عسيكرية بدأت تشكل ظاهرة ابداعية لافتة من خلال موهبتها المتقدمة في حقل الرسم و التصوير ولاسيما أنها اجتهدت من نعومة اظفارها لتعلم كل التقنيات الفنية التي يمكن لها أن تخدم تلك الطاقة المبدعة في داخلها فإذ بها تتطور على نحو متسارع من الناحيتين الفنية و الفكرية بعد تدريب متواصل استمر لسبع سنوات دون انقطاع مفرزا مراحل من التطور أحالت هذه الموهبة إلى حالة فنية خاصة بكل المقاييس.

وفي هذا الجانب تحدثت عسيكرية موضحة أنها عشقت الرسم منذ الصغر قبل أن تتبلور هذه الهواية لتكشف عن موهبة متميزة لاحظها الأهل والأصدقاء و المعلمات في المدرسة سريعا فعمدوا إلى وضعها على الطريق المناسبة حيث ألحقت الأسرة ابنتها بمرسم فني خاص بالفنانة هيام سلمان لتتلقى فيه التدريب الصحيح وتنمي هذا الحس الفني العالي الذي جذب انتباه من حولها لموهبتها الفذة و إصرارها الدؤوب على التعلم و مواصلة التدريب دون كلل او ملل.

وأضافت.. قدم لي المرسم شروحات وافية و تدريبا حثيثا و متابعة يومية جعلتني اكثر ثقة بنفسي و بقدراتي على المجازفة فوق السطح الأبيض لتجريب كل ما يخطر ببالي فإذا بها مخيلتي تصهل عاليا و تجوب افاقا لم ادرك سابقا ان لدي القدرة لأصل اليها خاصة و قد بدأت التركيز على التقنيات الفنية على انواعها رغم صعوبة بعضها قياسا بعمري الصغير آنذاك.

وأشارت إلى أن سبع سنوات من التدريب وفرت لها الكثير من الخبرة و العمل المتقن الى حد ما حيث استطاعت تعلم الرسم بالرصاص أولا قبل الانتقال الى الالوان المائية و من ثم تدربت على الباستيل الزيتي الذي ركزت عليه بشكل كبير حتى وصلت إلى درجة من الاتقان أذهلت من حولها فكانت تقنية الالوان الزيتية بمثابة انطلاقة وثابة لها في مجال الرسم تمكنت عبرها من انجاز العديد من الاعمال التي لاقت اعجابا واسعا في مختلف المعارض التي شاركت بها.

وقالت: بعد اتقان التقنيات التي رحت استخدمها بكثير من الاحتراف و الدراية كما يشهد لي فنانون و نقاد مخضرمون بدأت التركيز على المضامين الفكرية لأعمالي فانتقلت سريعا من تصوير الطبيعة الصامته إلى البورتريه و الجسد الإنساني قبل أن أكتشف عالم التراث الذي أذهلني بما يحفل به من مفردات أصيلة يمكن لها أن تشكل مجتمعة مشروعا فنيا نفيسا لأي فنان يغوص في مساراته الابداعية.

وهذا المشروع الفني تحول لاحقا كما لفتت عسيكرية الى عنوان دائم لأعمالها التي راحت تستعرض في مضامينها الكثير من الانساق و المفردات التراثية المستلهمة من التاريخ السوري الطاعن في القدم والذي يوءشر على عراقة الحضارة السورية و تراثها بكل ما هو أصيل و خلاق فبدأت أعمالها تتحول الى ما يشبه وثائق بصرية ذات ابعاد فنية متعددة و بالتالي حملت لوحاتها في العمق قيمة فكرية مهمة تضاف الى قيمتها الابداعية.

وذكرت أن لديها اليوم عددا لا بأس به من اللوحات التي تزهو بها وتعكس الوجه التراثي و العمق التاريخي لسورية و منها ما يصور ملوك أوغاريت القديمة و عدد من المفردات التقليدية التي زينت حياة الانسان السوري قبل عقود من الزمن كصندوق الخزف والصدر النحاسي و الأواني الفخارية والآلات الموسيقية و كراسي القش و السجاد اليدوي إلى جانب مختلف الأدوات الخشبية التي كانت رائجة الاستخدام في مرحلة من المراحل الزمنية السابقة.

وقالت الفنانة اليافعة: بعد أن قمت بتصوير هذه المفردات العريقة بدأت التوجه الى مساحة ابداعية اخرى ضمن حقل التراث فتعرفت بداية على الحرف التراثية التي كان الانسان السوري يزاولها قديما و رحت انقل صور هذه الاعمال و الحرف فتناولت بناء البيوت الطينية و الحجرية و نسج الصوف و الاشتغال بالقش وسواها من الاعمال التي تترجم الصورة التراثية الثرية بالتفاصيل الساحرة.

وأشارت إلى أنها حاولت مؤخرا وتحت ضغط الظرف السوري الراهن أن تنقل صورة الواقع من حولها من خلال لوحة فنية أنجزتها بتقنية المائي و تظهر فيها صمود الشعب السوري واصطفافه بكامل مكوناته حول هويته الوطنية ورايته المقدسة في وجه الارهاب الظلامي الذي يحاول سرقة التاريخ و الحضارة والثقافة الانسانية القائمة على قيم المحبة و الالفة والتجدد والعيش المشترك في سورية المقدسة.

أما مشاركاتها الفنية كما بينت عسيكرية فقد تنوعت رغم صغر سنها لتطال معارض عدة منها معرضان لجمعية ارسم حلمي و معرض آخر بعنوان “نحن نحب الحياة” أقيم في المكتبة المركزية في جامعة تشرين العام الماضي بالإضافة إلى معرضين أقيما العام الجاري أحدهما في دار الاسد للثقافة تحت شعار”وتستمر الحياة ” والثاني هو “معرض الشباب الأول” في مقهى هيشون كما أنها شاركت أيضا في مسابقة أقامتها مديرية البيئة في اللاذقية وتركز على أهمية الحفاظ على البيئة من حولنا حيث حصلت على شهادة تقدير من المديرية عن لوحة تتحدث عن صورة ثقب الاوزون والمشاكل التي توسع هذا الثقب.

رنا رفعت