كارثة مقتل العمال باسطنبول تكشف الجانب المظلم في قطاع البناء بتركيا

اسطنبول-سانا

أثارت حادثة مقتل العمال في موقع بناء قيد الانشاء في مدينة اسطنبول التركية موجة عارمة من السخط وكشفت النقاب عن المخاطر التي يعاني منها العمال في جميع أنحاء البلاد.

وذكرت صحيفة حرييت التركية أنه وفقا لبيانات وزارة العمل التركية لشهر تموز الماضي فقد تم تسجيل 6ر1 مليون عامل ممن يعملون في قطاع البناء وتشييد الطرق من بينهم فقط 42 الفا مسجلون ضمن نظام الضمان الاجتماعي الذى يتيح للناس الحصول على الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية.

ووقع الحادث في واحدة من أكثر المناطق ازدحاما في اسطنبول ما أثار موجة عارمة من السخط الذى تفاقم بسبب حملة القمع التى شنتها الشرطة ضد أقارب الضحايا وأصدقائهم الذين تظاهروا أمام الموقع واصفين المشرفين على المشروع بالمجرمين.

كما أثار موقف شركة البناء تورونلار القابضة التي ألقت باللوم على العمال المزيد من الغضب ضد الحكومة وبلدية اسطنبول بسبب التسهيلات التي تقدم للشركات لبناء مبان ضخمة وناطحات سحاب بهدف تحقيق أرباح فاحشة فى الوقت الذى يتم فيه اخضاع العمال لشروط سلامة متراخية.

وعلقت الشركة أعمالها فى أعقاب الحادث وتم اعتقال شخصين يعملان في شركة المصاعد وأفرج عن تسعة مسؤولين من الشركة بعد استجوابهم ورفضت الاتهامات التى وجهت اليها بالتقصير كما نفت أيضا مزاعم بأن العمال لم يتلقوا تدريبات السلامة.

واتهم العمال فى موقع الحادث شركة البناء بتجاهل كل تحذيراتهم رغم إبلاغهم عن المشاكل المستمرة مع المصعد مشيرين إلى أن المصعد نفسه تعرض للسقوط من الطابق العشرين قبل شهر أيضا لكن العمال نجوا حينها وتم إبلاغ المشرفين والمسؤولين في الشركة عن الحادث.

من جهته أكد أمرا أكار أحد الأشخاص المكلفين بالإشراف على المصعد في موقع مركز تورون في ميسيديكوى الذى شهد حادث مقتل العمال أنه تم استخدام حيل بدائية للحفاظ على عمل المصعد لاكثر من شهرين بعد الأعطال الكبيرة فيه وخروجه عن مساره وتم إبلاغ المسؤولين عن تلك الأعطال دون الاكتراث لذلك ولو أنهم استجابوا للتحذيرات لما كانت الكارثة قد وقعت.

وتساءل أكار كيف أن العامل حيدر جنك الذي التحق بالعمل كمشرف على المصعد قبل الحادث بخمسة أيام كان من ضمن الأشخاص الذين لقوا مصرعهم في الحادث.

بدوره قال الادعاء العام في أول بيان رسمي حول الحادثة بعد اطلاق عمليات التحقيق أن عشرة عمال كانوا يستخدمون المصعد وكانوا يحملون 1250 كيلوغراما من المواد عندما سقط المصعد من الطابق 32 إلى الطابق الأرضي.

وأضاف البيان أن محرك المصعد وقطعا من معادن ثقيلة سقطت فوق رؤوس العمال لدى انهيار المصعد الذى يتحمل وزن 2700 كيلوغرام.

وفى سياق متصل تظاهر المئات من عمال البناء فى مدينة اسطنبول احتجاجا على ظروف العمل السيئة وعلقوا أعمالهم وعرقلوا حركة السير في أحد الطرق الرئيسية في المدينة وأكد بعض العمال المشاركين في المظاهرة التي انطلقت في حي هالكالي بمدينة اسطنبول أن العديد منهم يعانون من مشاكل صحية بسبب ظروف العمل غير الانسانية كما أنهم لا يتلقون أجورهم بانتظام عدا عن أن وجباتهم الغذائية ملوثة وغير صحية.

وتأتي هذه الاحتجاجات وسط الغضب الشعبي الذى أعقب وفاة 10 عمال إثر انهيار مصعد في مبنى قيد الإنشاء وسط اسطنبول أمس الأول.

وكانت الشرطة التركية استخدمت أمس الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق مئات المتظاهرين فى مدينة اسطنبول كانوا يحتجون على مقتل العمال .

يشار إلى أن نحو 301 من عمال المناجم لقوا مصرعهم قبل أربعة أشهر إثر انفجار وحريق في منجم سوما للفحم غرب تركيا وأثارت تلك الحادثة احتجاجات وتساؤلات بشأن تنفيذ معايير السلامة وحالات التراخي والفساد المنتشرة في أوساط حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.