دمشق-سانا
كأسراب طيور مهاجرة حطت في نهاية المطاف بحضن الوطن بدت افتتاحية الأمسية الموسيقية الكلاسيكية للفرقة السيمفونية الوطنية السورية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان مساء اليوم والتي حملت عنوان أجيال وذلك على خشبة مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون.
جمهور مسرح الأوبرا بدمشق كان على موعد مع الاتقان والحرفية التي طالما تفردت بها الفرقة ما جعله في حالة من التناغم الوجداني لتنسكب المقطوعات الموسيقية بانسيابية وروحانية وتلامس القلب بعذوبتها ونقائها وتخاطب جيلين من الموسيقيين السوريين المخضرمين والشباب.
في المقطوعة الثانية التي عزفتها الفرقة بمشاركة عازف الكلارينيت المغترب السوري جرجس العبدالله والذي مثل جيل الموسيقيين الشباب في هذه الأمسية خاطبت فيها الفرقة ربيع الأحلام ايذانا بموسم المحبة وفرح الأيام فكانت حوارية كونشيرتو لالة الكلارينيت والاوركسترا للمؤلف كارل ماريا فون فيبر متعددة الحركات بين الحيوية والمعتدلة.
ختام الأمسية كانت بنوتة موسيقية باحت بوجع الوطن ولحن عزف كل جراح الأمس ومقطوعة طهرت الروح من رجس الحرب لتعزف لحن انتصار إرادة الحياة وبمشاركة عازف البيانو العالمي البروفسور غزوان الزركلي الذي مثل جيل المخضرمين الموسيقيين وببراعة المنفرد عزف مع الاوركسترا حوارية للمؤلف ديمتري شوستاكوفيتش فتنوعت حركاتها بين الحيوية والبطيئة.
ولكون الفرقة بقيادة المايسترو باغبورديان تسعى في كل حفل تقدمه لإيصال رسالة مختلفة عن سابقتها كانت رسالتها اليوم حسب قائدها ومن خلال أجيال تكريم جيل المخضرمين من الموسيقيين السوريين والتعلم من خبرتهم العريقة إضافة إلى تحضير الجيل الشاب ليكون له مكان في الحياة الموسيقية السورية.
باغبورديان الذي يمثل الجيل الوسط بين الموسيقيين السوريين والحاصل على العديد من الدروع التكريمية من مؤسسات وجمعيات سورية وأجنبية قال في تصريح لسانا.. “أمسية اليوم تضم جميع أجيال الموسيقيين ليس فقط من خلال الجيل المخضرم والشاب وإنما ايضا متمثل بجميع أعضاء السيمفوني السوري الذين يشملون معظم الأجيال من الأساتذة المخضرمين في مجال العزف الكلاسيكي منذ تأسيس الفرقة الى طلاب المعهد الذين يعزفون معنا لأول مرة في هذا البرنامج”.
جيل المخضرمين في سورية في حفل اليوم كان من خلال استضافة عازف البيانو البروفسور السوري العالمي غزوان الزركلي المحكم الدولي في مسابقات العزف على هذه الآلة والذي مثل سورية أيضا كعازف منفرد على البيانو في أكثر من 27 بلدا وعن أمسية اليوم قال في تصريح مماثل لسانا.. “خلال الأحداث التي تمر بها سورية والموت الذي يطول أبناء الوطن تأتي هذه الأمسية تأكيد منا على بناء الإنسان بطريقة سليمة من خلال التثقيف والتوعية والتطلع إلى حياة بلا عنف ولمستقبل وطن حر وسعيد”.
سعى البروفسور الزركلي خلال زيارته القصيرة لسورية وهو المغترب عنها إلى إقامة سلسلة حفلات عزف منفرد وثنائي مع عازفة الكمان الشابة انوش سفريان وإحياء حفلة في مشتى الحلو لتختتم زيارته في أمسية اليوم مع السيمفوني السوري وعن ذلك أوضح “لم أتردد أبدا في إحياء هذه الحفلات لكوني احترمت الحماس والجدية والعمل لأجل الموسيقا في أي مكان في سورية”.
البروفسور الزركلي الذي درس الموسيقى في دمشق وبرلين وموسكو تدرج في سلك التعليم الجامعي ليصبح أستاذا في كل من فايمار بألمانيا ودمشق والقاهرة يقول.. “أنا من الجيل الذي تربى على القيم فالوطن لي ليس فقط المكان الذي نعيش فيه مع أهلنا ولغتنا وذكرياتنا هو بالنسبة لي المكان الذي نعيش فيه بسعادة من خلال العطاء وسعادتي اليوم عندما اقدم معلومة لطالب يحتاجها ولذلك خلال تشرين الأول المقبل سأعود لوطني وإلى صفي التدريسي في المعهد العالي للموسيقا”.
أما جيل الموسيقيين الشباب في هذه الأمسية فقد مثله ابن 25 ربيعا عازف آلة الكلارينيت جرجس العبدالله الحائز المركز الأول في عدة مسابقات عالمية ويعمل كمدرس لآلة الكلارينيت والبيانو والفلوت وعازف منفرد وقائد أوركسترا في موسكو هدفه من المشاركة التي تعد الأولى له اليوم مع الفرقة السيمفونية الوطنية كما قال.. “توجيه رسالة من خلال الموسيقا بالخروج من قساوة الحرب وتشجيع كل الموسيقيين ليأتوا إلى سورية ويقدموا موسيقاهم وينشروا عبق المحبة الذي اشتهرت فيه سورية عبر التاريخ”.
شارك العبدالله في عدة حفلات ومهرجانات بسورية والعالم وفي مسابقات موسيقية على مستوى روسيا والعالم وخلال زيارته الحالية إلى سورية قدم العديد من الحفلات الموسيقية الكلاسيكية في كل من طرطوس وحمص ودمشق بمشاركة العازف الروسي ديمتري بيلياك على آلة البيانو وعن هذه الحفلات أوضح .. “أنه بعد غياب ما يقارب 6 سنوات وما رافقني خلالها من خوف وقلق على وطني وظروف عمل ودراسة قررت العودة فسورية تحتاج لأبنائها أكثر من أي وقت مضى لنقاوم الرصاص والقتل والإرهاب عن طريق الموسيقا والمحبة”.
والفرقة السيمفونية الوطنية السورية تأسست على يد الأستاذ صلحي الوادي عام 1993 وجاءت نتيجة طبيعية لإحداث المعهد العالي للموسيقى ولسنوات طويلة من العمل الدؤوب في مجال نشر الموسيقى الجادة في سورية ومثلت الوطن بوجهه الحضاري في الكثير من المهرجانات والمحافل العربية والعالمية.
وتعمل الفرقة بشكل مستمر على توسيع برنامجها وتقديم روائع الموسيقى العالمية للجمهور السوري والتعريف بالمؤلفين الكلاسيكيين من سورية والدول العربية كما ظهرت مع قادة أوركسترا عرب وأجانب معروفين على الصعيدين العربي والعالمي واستضافت العديد من العازفين المنفردين من جميع أنحاء العالم إضافة إلى استضافتها عازفين سوريين بشكل منفرد كان بعضهم قد حصل على جوائز عالمية.
رشا محفوض
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :
https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency
تابعونا عبر تطبيق واتس أب :
عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).
تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط: