دمشق-سانا
أقام المركز الثقافي بجرمانا بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب بريف دمشق أمسية أدبية شارك فيها الشاعر منهال الغضبان والشاعر ادهم مطر والشاعر زهدي خليل والقاص سهيل الذيب حيث عبر المشاركون عن مجموعة رؤى اجتماعية ووطنية بأساليب أدبية مختلفة.
وعبر الشاعر منهال الغضبان في قصيدة بعنوان ما أبهج التاريخ عن حبه لدمشق التي كانت رمز سورية وصمود شعبها وفق أسلوب خليلي اعتمد فيه الهمزة حرفا للروي محاولا أن يوحد بين التعبير والموسيقى والعاطفة فقال..
ياشام ألفني الهوى ياشام .. وعشقتك فتآلفت أنغام
بيني وبينك يالوشوشة الفتى .. لفتاته حيث المدى أحلام
ياشام بينك حلق الدرب إلى .. راح معل والمدام غرام .
كما ألقى قصيدة بعنوان لحظة كانت بأسلوب التفعيلة التي استخدم خلالها الحداثة الشعرية معبرا عن فرح التلاميذ الذي أسقطه على واقع اجتماعي إنساني يراه قد ينعكس على كل أفراد المجتمع ويصنع ألقاً نبيلا يساهم في بنية التطور الاجتماعي يقول ..
أراك في فرح التلاميذ .. وفي أوراق دالية تدفق نتحها .. دمعا
وطلا أراك تظفر غرة التاريخ .. تجمع فيء جند الفتح .. تطوي البحر.
وفي نصوص الشاعر غضبان تتجلى القوة التعبيرية في شعر الشطرين من حيث البناء التركيبي واستخدام التفعيلات والألفاظ وتتفوق على شعر التفعيلة الذي بدا أقل عاطفة من شعر الشطرين وهذا مؤشر أن أساس الموهبة التي ارتكز عليها انطلقت من شعر الشطرين.
وكانت قصة الأديب سهيل الذيب ضمن الجرح الاجتماعي والوطني الذي يعيشه السوريون حيث استخدم المونولوج الداخلي والتداعيات وكشف أغوار النفس كما حاول أن يستخدم الكوميديا الساخرة وتفعيل الحبكة القصصية في النصف الأخير من النص الأدبي أما النصف الأول غلب عليه أسلوب التقرير والسرد المباشر والكلام العادي.
في حين تنوعت المواضيع عند الشاعر زهدي خليل ضمن التفعيلة الشعرية التي اضطرت أحيانا للخروج عن الموسيقى ما أوقع التراكيب الشعرية في بعض الخلل ولاسيما أن اختيار أحرف الروي للعاطفة الشعرية الموجودة كان ملائما للخلل ما احدث نفورا عند المتلقي يقول في نصه رجع الصدى ..
أيها القمر الأشقر يا شعرها…
يا حكاية نسيتها في قريتي
أي ليل جبلت أعماقه بالذهب الوهاج
فحملك إلى عمري من جديد.
وكانت قصيدة الطود للشاعر ادهم مطر محملة بالحزن على رحيل الشاعر سميح القاسم علما أن الأفكار الإبداعية التي أتى بها لم تتمكن من احتمال التفعيلات الشعرية فاضطرت أحيانا للخروج إلى النثر برغم ارتفاع المستوى الفني للألفاظ الموجودة بالنص يقول …
جبل من الفكر أنت .. وبشر هذا الزمن الضبابي
من حولك ماء .. يتسلقون أعمدة القهر .. بوهج العناء
وعن رأيه قال الدكتور الناقد غسان غنيم أستاذ الأدب الحديث في جامعة دمشق ان القصائد التي ألقاها منهال الغضبان كانت معقولة وبعضها وصل إلى حدود الدهشة وبعضها ظل ضمن إطار الصوفية وذلك بأسلوب اعتمد خلاله على الشعر الموزون إلا ان هناك بعض الخلل العروضي في بيتين من القصيدة على الأقل.
أما سهيل الذيب كان أسلوبه شديد الواقعية واقترب في بداية قصته من التقرير الصحفي وما أنقذ النص هي تلك الرحلة الجميلة التي سار بها في سياق القصة وعبر فيها عن شعوره بما يريده الناس بشكل مدهش حيث كسر التوقع المرتقب عند المتلقي إلى ان وصل إلى نهاية الحبكة.
وقالت المعلمة هند الراضي ان الشاعر منهال الغضبان كانت قصائده ذات مواضيعه وجدانية لكن ألفاظه لم تكن متناغمة مع وجدانية مشاعره فكانت قاسية أكثر مما ينبغي.
أما القاص سهيل الذيب فكانت قصته عذبة ميتافيزيقية تلتقط حنينا للذات في هذا العصر وتتحدث عن المعاناة جراء الأزمة وفي قصته روح مثابرة تغص بفضول شبابي ليعرف ما بعد الدنيا إضافة إلى أن أسلوبه يمتاز بالسلاسة والرشاقة.
أما الشاعر زهدي خليل فبدت الرقة والشفافية والعذوبة على إلقائه الشعري ومعانيه الموجودة في النصوص ولاسيما القصيدة الأخيرة.
واعتبر الروائي وليد أبو الفخر أن النصوص الشعرية لم تكن مفرادتها مترابطة مع عواطفها وهي بحاجة إلى اجتهاد أكثر وإعادة نظر في أسلوبها البنيوي كما أن قصة سهيل الذيب خرجت عن المنطق في وضع الشهيد بمأزق ما يسبب إخراج الشهادة من عالمها وهي هواجس تحتاج إلى تغيير في الرؤيا.
وقال الفنان ضرار أبو شعيرة ان الأمسية مفعمة بالحيوية من شعر وقصة لكن النقد كان غائبا ولاسيما في تقييم الأعمال التي أثارت الدهشة وكان لها حضورا في ذائقة المتلقي.
وأوضحت الكاتبة نبوغ اسعد ان الأعمال الشعرية التي قدمت فيها كثير من الخلل الفني لأنها لم تكن متماسكة موضوعيا ولم ينسجم الموضوع بشكل كامل مع العاطفة الشعرية والتفعيلات كما خرج الشاعر زهدي خليل كثيرا عن المقومات الأساسية بالشعر واكتفى بمحاولة تحسين الإلقاء وخاصة بالكلمات التي ألقاها باللهجة العامية.
وبين باسل الحناوي رئيس المركز الثقافي أن هذا الالتفاف الشعبي والثقافي حول منبر جرمانا يشكل نقطة مهمة في عالم الثقافة كما أنه يكون انعكاسا حقيقيا على إصرار المثقف السوري على مواجهة الأزمة والتعبير عن رأيه وحضوره في كل المحافل الثقافية وعدم الاكتراث بمحاولات العالم الخارجي ورغبتهم في تمزيق الشخصية الثقافية السورية وما هذا التنوع الفكري والشعبي إلا دليل على ذلك.
كما رأى الشاعر الدكتور نزار بريك الهنيدي رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب بريف دمشق ان قصة سهيل الذيب استحقت تقدير الحضور لما حملته من طرح أسلوبي جديد وتشكيل معنوي في معالجة الأزمة وتداعياتها إضافة إلى ما قدمه الشعراء في الأمسية الأدبية.
محمد الخضر وسهاد حسن