المتاجرة بحياة المدنيين.. بقلم أحمد ضوا

أقامت بعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الدنيا على محاولات الجيش العربي السوري إنهاء معاناة سكان الأحياء الشرقية بحلب وتخليصهم من إجرام التنظيمات الإرهابية، واستنفرت آلة الدعاية الغربية لتصور ذلك على أنه كارثة إنسانية.

وحرصاً على المدنيين وسحب البساط من تحت حملة التضليل الإعلامية للغرب وافقت الحكومة السورية وروسيا الاتحادية على منح التنظيمات الإرهابية فرصة جديدة لتسليم اسلحتها أو الخروج من أحياء حلب الشرقية وترك الأهالي لتقوم الجهات المعنية السورية بتقديم العناية والرعاية لهم، إلا أن مشغلي هذه التنظيمات لم يحركوا ساكناً من أجل إنهاء معاناة سكان هذه الاحياء، واكتفت حكومات الدول الداعمة للإرهاب بالمراوغة السياسية واستغلال الشأن الانساني لتحقيق أجندات معادية للشعب السوري الذي تذرف الدموع عليه من جهة، وتقتله بدعمها للإرهاب من جهة أخرى.‏

إن هذه السياسة التضليلية التي اتبعها الغرب منذ العام 2012، وسخر لزيادة مساحة تأثيرها كل أجهزة الامم المتحدة، وخاصة مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان عكستها التنظيمات الإرهابية إجراماً وقتلاً وفتكاً بالشعب السوري، الأمر الذي ضاعف من معاناته في المناطق التي ضربها الإرهاب، والمسؤول الأول والأخير عن ذلك هو الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأدواتها في المنطقة، ولا تتحمل الحكومة السورية التي نبهت منذ نهاية العام 2011 للمخاطر التي يشكلها دعم الإرهاب على المدنيين والأمن والاستقرار الدولي أي مسؤولية عن ذلك.‏

من الخطأ الفادح القول إن الدول المشغلة للتنظيمات الإرهابية في سورية لا تستطيع تحجيمها أو السيطرة عليها، والحقيقة المرة أن هذه الدول هي التي لا تريد أن تتوقف معاناة الشعب السوري والمتاجرة بها، وكانت النية متوافرة لدى واشنطن على الأقل لوقف إنهاء معاناة السوريين لتغيير الوضع على الأرض خلال شهر وليس أشهراً، ولكن إدارة أوباما لا تزال تعول إلى الآن على التنظيمات الإرهابية لتحقيق مشروعها في سورية رغم ملامح الفشل الواضحة له.‏

إن استمرار التنظيمات الإرهابية في أحياء حلب الشرقية بحشد أفرادها يؤشر إلى جولة جديدة من استغلال الملف الإنساني واستهداف المدنيين، ويعد إعلان حركة نور الدين الزنكي الإرهابية المدعومة من واشنطن باعتبارها معارضة مسلحة معتدلة عن قرب معركة ملحمة حلب وحصول الإرهابيين على مضادات طيران محمولة على الكتف وفق الأركان الروسية دليلاً على كذب ادعاءات الغرب.‏

كل شيء أصبح واضحاً فيما يتعلق بحلب وغيرها، فالدول التي تتحدث عن كارثة انسانية في حلب هي ذاتها التي تمول الإرهابيين الذين يمعنون قتلاً بالشعب السوري، وبدلاً من أن يكون وقف الأعمال القتالية والهدنة الانسانية الاخيرة يصبان في خدمة المدنيين، فهما يعطيان الوقت والمجال للتنظيمات الإرهابية لإعادة تجميع قواها وتلقي المزيد من السلاح لجولة جديدة من الإرهاب والتدمير.‏

لقد بات واضحاً أن إرهابيي جبهة النصرة والفصائل الاخرى العاملة في ظلهم وداعميهم لا يريدون عودة الأمن والاستقرار إلى مدينة حلب، وأن منحهم المزيد من الفرص يعرقل ويؤخر من التخلص من آفة الإرهاب.‏

انظر ايضاً

استطلاع لـ سانا حول خطوة نقل البسطات العشوائية المنتشرة في أحياء حلب إلى أماكن مخصصة وأكثر تنظيماً