دمشق-سانا
يرى الناقد العراقي الدكتور محمد ونان الجاسم النقد بشكله المنهجي فيغوص في أعماق النص الأدبي ليستنبط مكنوناته مبتعداً عن الاستعراض فتأتي نصوصه الأدبية والنقدية محاولة الوصول إلى واقع منطقي يبنيه على أسس وركائز فنية.
ويعتبر الجاسم في تصريح لـ سانا أن النقد يرتبط ارتباطاً عضوياً بالمنجز الأدبي على اختلاف أجناسه ويعد الحلقة الحامية للقيمة الجمالية لكن هذا التوظيف تعترضه محبطات كثيرة منها التحجر النقدي والإغراق في الأكاديمية إضافة لجهل بعض من اعتلى منصة النقد لأدواته ومناهجه المختلفة.
ويبين الجاسم أن إشكالية فرض المسبقات النقدية هي الحلقة الأولى المحبطة للنقد مشيراً إلى أن النقد العربي حاضر من خلال قامات نقدية ذات شأن وحسبان لكن هناك نصوصاً لا يمكن أن تدرج في حقل النقد لأنها منتمية إلى الإسفاف و الترهل الكلامي.
ويعتبر أن مسألة مواكبة النقد للساحة الأدبية مقترنة بالناقد لا بالنقد فهناك نقاد مواكبون لحركة الإبداع ويحاولون الخروج من دائرة الركود ونرى في جهدهم النقدي فاعلية متواصلة وجادة.
ويشير إلى أن الأجناس الأدبية تعد أشكالاً أدبية ملتزمة بقواعد وضوابط وهذه القواعد كفيلة بكشف المدعين أما الشعر الأصيل الذي نقصد به الشعر المنتمي إلى الجدة والإبداع فمتوافر في المنجز العربي ولم يختف لأن أمتنا العربية أمة إبداع والشعراء المبدعون حاضرون من خلال تنافسهم على اعتلاء مرتب العلو الشعري.
وفي سؤال حول رأيه بمقولة: “أصدق الشعر أكذبه” يشير الجاسم إلى أن هذه المقولة ترسخت خطأ في أذهان المتلقين فالشعر منتج مبني على التكاملية وقد يكون الكذب عاملاً من عوامله لكن الشعر ليس كذباً يجول في المستحيل غير الممكن.
وفي تقييمه للرواية يلفت إلى أن للرواية جمهورها الكبير لكنها لا تستطيع أن تأخذ الصدارة من الشعر لأسباب عدة منها ميل المتلقين إلى التطريب والموسيقى والكثافة الدلالية التي يحققها الشعر مبيناً أن الروائيين العرب ينسجون بناها على تقنية المخطوط لتحاكي رواية اسم الوردة للإيطالي (امبرتو ايكو) بل تتجاوزها في التبنين السردي حيث صدرت كذلك رواية (وصايا الغبار) للدكتور مازن عرفة المتسمة بـ تشظي البطل.
ويعتبر أن الحال الثقافية في سورية والعراق متشابهة فالمتابع للموقف الثقافي في كلا البلدين الشقيقين يرى أن هناك تشابهاً كبيراً في المرجعيات الثقافية والاشتغالات الإبداعية لكن التطابق التام غير حاضر ففي سورية نلحظ الأثر الكبير للمراكز الثقافية وهذا يعني اهتماماً بالثقافة المحلية على مستوى الأحياء والمحلات ونجد في العراق نشاطاً مركزياً مفتوحا يمثله شارع المتنبي الذي يتكرر في كل جمعة ليكون محطة استقطاب لكل مثقفي العراق على اختلاف مشاربهم واهتماماتهم ليعيد للذاكرة العربية ما قدمته أسواق العرب التاريخية من تسجيل للإبداع العربي وتشجيع للمبدعين.
يذكر أن محمد ونان جاسم تولد العراق 1964 حائز على شهادة الإجازة في اللغة العربية وآدابها جامعة الموصل/ كلية الآداب 1989 ، وشهادة الماجستير في اللغة العربية الجامعة المستنصرية عام 2000 ، وشهادة الدكتوراه جامعة البعث 2013 ، وهو عضو نقابة الصحفيين في العراق، عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق. أصدر كتاب (المفارقة في القصص) وهو بحث في التأويل السردي كما نشر مقالات وبحوث عديدة في المجلات العربية والصحف المحلية.