دمشق-سانا
تحت عنوان “فتنة 1860 في سورية وإسقاطاتها على الواقع الحالي” ألقى الأب سعادة يازجي محاضرة في المركز الثقافي بكفر سوسة اعتمد فيها على مذكرات جده الياس يازجي حول هذه المرحلة.
وحاول الأب سعادة من خلال هذه المذكرات المؤثرة التي تحدثت عما شاهده طفل بالسابعة من العمر خلال خمسة أيام من الفتنة وما بعدها من مآس ومذابح وكيف ذبح والده أمامه وكيف جمعت سلطات الاحتلال العثماني مسيحيي دمشق في القلعة والممارسات السيئة ضدهم وتجويعهم والفتاوى التي أصدرها رجال دين باسم العثمانيين بإباحة ممتلكاتهم.
وحسب مذكرات جده فقد قتل الرجال والشبان الذين كانوا يعملون بمهنة الحرير الذي يوازي اليوم النفط والغاز كثروة لسورية رغبة من العثمانيين والفرنسيين بالسيطرة على هذه المهنة ونتاجها.
وأشار يازجي إلى أن جده لاحظ في تلك الآونة وجود أفراد قبضوا أموالا ليتبين بعد فترة أنه كان اتفاقا بين العثمانيين والفرنسيين للسيطرة على هذه المنطقة وخيراتها وهذا ما نراه اليوم عبر المؤامرة على سورية وشعبها.
وأشار الأب سعادة من خلال قراءته لبعض صفحات مذكرات جده إلى المساعدة التي قدمها أهالي الشام والميدان خصوصا والأمير عبد القادر الجزائري للمسيحيين وكيف آووهم في منازلهم وعملوا على وأد الفتنة.
وصور من خلال المحاضرة والعواطف الإنسانية التي انتشرت بين سطور المذكرات “المخطوطة” الألم والعذاب الذي ألم بسكان دمشق في تلك الآونة وسلط المحاضر الضوء على بعض السطور التي حملت غدر العثمانيين بالعرب حيث كانوا يتنكرون بزي عربي ويدخلون القلعة ليقوموا بممارسات تعبر عن أخلاقهم التي تنم عن الغدر والخيانة.
ولفتت المذكرات إلى تعاون جميع السوريين في ذلك الوقت لإنهاء الفتنة مشيرة إلى أن نحو 300 شاب من مسلمي دمشق رافقوا قوافل المسيحيين لحمايتها وذلك إلى جانب ما قدمه أهل الشام مشيرا إلى عدد من المراجع التي اعتمدها ليوثق المعلومات التي جاءت بمذكرات جده.
وفي ختام المحاضرة فتح الباب لمداخلات الحضور التي توسعت بالموضوع وأغنت جوانب متعددة فيه فتساءل البعض حول كونها فتنة أم مؤامرة سياسية غربية من نفس الدول التي عملت على افتعال الأزمة في سورية والمنطقة اليوم مما يدفع لاستفسارات كثيرة وأشار بعضها إلى أن أزمة سورية في تلك الآونة بدأت عام 1830 عندما غزا ابراهيم باشا الشام بدافع من الفرنسيين تمهيدا لسيطرتهم على البلاد لكن المؤامرات التي استمرت حتى عام 1860 وهدفت لدخول الاستعمار الفرنسي إلى سورية كما حصل في الجزائر ولكن بفعل الوعي لدى السوريين ووأد الفتنة المصطنعة تأخرت المؤامرة والاحتلال نحو 60 عاما.
وقالت الدكتورة ريم الأطرش حفيدة سلطان باشا الأطرش في مداخلتها.. علينا أن ندرس التاريخ جيدا كما حدث حتى نعرف أن سورية معرضة دائما للمؤامرات بسبب موقعها الجغرافي وثرواتها كما الحرير في السابق الغاز والنفط اليوم.
وتمنى الباحث الياس بولاد في مداخلته أن تكون البحوث حول عام 1860 نقطة انطلاق لدراسة الفتنة ومن صنعها وأسبابها لافتا إلى أن هذه الأحداث تعتبر مفصلاً تاريخياً أساسياً ساهم في صياغة السياسة الخارجية الغربية حتى اليوم مضيفا أن سلطات الاحتلال العثماني تقف وراء هذه الفتنة.
حضر المحاضرة فعاليات رسمية وشعبية وأهلية ومجموعة من رجال الدين.
كوثر دحدل