مَن انقلب على مَن في تركيا ؟- بقلم أحمد ضوا

فتح سيناريو الانقلاب في تركيا الباب على مصراعيه لطرح الكثير من الأسئلة عن هوية الانقلابيين وأهدافهم وحجمهم وطريقة إدارتهم للعملية الانقلابية والجهات التي تدعمهم والقوى المستفيدة، والأهم من كل هذه الأسئلة، هو هل انقلب أردوغان على نفسه؟!…إلخ.

لعلّ تسليط الضوء على عددٍ من الحقائق التي ترافقت مع سيناريو تحرك الانقلابيين يوضح صورة ما جرى، ومن حصد زبدة «الخضّة» التي حصلت بشكل مفاجئ، ولُملمت بشكل لم يتوقعه كل الذين يتمنون ذهاب أردوغان وسلطته اليوم قبل الغد.‏

في المواقف السياسيّة المحليّة والدوليّة كانت الضبابية من الانقلاب سيدة الموقف وبدا الأمر أن الجميع تفاجؤوا بالحدث، الأمر الذي استثمره أردوغان جيداً في التلاعب بالرأي العام التركي.‏

أما على الأرض فقد خالف الانقلابيون في عملية سيطرتهم على الدولة كلّ الشروط الضامنة لنجاح الانقلابات العسكرية التي تحقق لهم أهدافهم من اللحظة الأولى لإعلان الحركة الانقلابية السيطرة على مقاليد الدولة التركيّة.‏

وبدلاً من أن تتوجه القوات العسكرية للقبض على رأس الدولة «أردوغان» ورئيس الحكومة والبرلمان وأجهزة المخابرات والدرك وغيرها من المؤسسات التي تمسك بخيوط الدولة، اختار الانقلابيون السيطرة على عددٍ كبيرٍ من المؤسسات قليلة الأهمية في مثل هذه الأحداث، وقطع الجسور ومحاصرة مطار أتاتورك بعددٍ قليلٍ من العسكريين سرعان ما تآكلوا مع حصار أنصار حزب العدالة والتنمية لهم، وتركوا مواقعهم لقوات «أردوغان» الاستخبارية والدركية.‏

وكذلك بدلاً من أن يحصّن الانقلابيون سيطرتهم على وسائل الإعلام والاتصال وخاصة الإذاعة والتلفزة الحكومية التي أرسلوا إليها تسعة جنود فقط، تركوا هذا القطاع لـ «أردوغان» وجماعته لحشد الرأي العام ضد الانقلابيين وتصوير أنفسهم على أنهم حماة الديمقراطية في تركيا.‏

كلّ الأتراك يجزمون أن من يسيطر على مدينة اسطنبول التركية تكون له القدرة على التحكم بتركيا، إذا امتلك الأدوات المؤسساتية والقوة العسكرية، ومع الأسف طبعاً الانقلابيون عجزوا عن السيطرة الكاملة على اسطنبول، وبعد ساعات من إعلان الانقلاب تحوّل العسكريون الذين أرسلهم الانقلابيون إلى رهائن بيد أنصار أردوغان والدرك، حيث انتشرت الفيديوهات التي تبين اعتقالهم وهم رافعو الأيدي في صورة هزّت مشاعر الكثيرين الذين كانوا يريدون ذهاب «أردوغان» إلى غير رجعة ومنهم المواطنون الأتراك الذين هلّلوا لدبابات الانقلابيين في الساعات الأولى للانقلاب.‏

الأدلة على عدم تحقيق الانقلابيين شروط السيطرة على مقاليد الحكم في تركيا كثيرة، وهذا الأمر يطرح سؤالاً كبيراً، وهو هل كانوا فعلاً يسعون إلى إسقاط نظام «أردوغان» وتخليص تركيا من فساده؟.‏

في نظرة أولية لنتائج «سيناريو الانقلاب» نجد أن ما كان يسعى «أردوغان» لفعله في الجيش وغيره أصبح متاحاً له بذريعة الانقلاب، والبداية كانت مع معارضيه ممن يُطلق عليهم في تركيا «شباب الجيش» وهذا أول الغيث الأردوغاني الذي من المتوقع أن تكون نهايته بإعلان سلطان تركيا الأول في القرن الحادي والعشرين.‏

من المؤكد أن أي حركة انقلابية جديدة تحصل في تركيا ستطيح بـ «أردوغان» وأركان حكمه، لأن الشعب التركي أدرك حقيقة سيناريو انقلاب «ليلة الجمعة» وأن أبناءه «مدنيين وعسكريين» كانوا «فرق عملة» وضحايا في لعبة السيطرة على مقاليد السلطة في تركيا.‏

صحيفة الثورة

انظر ايضاً

وزير العدل يلتقي وفداً من المحامين الأتراك بدمشق

دمشق-سانا التقى وزير العدل القاضي شادي الويسي وفداً تركياً رفيع المستوى من محامين ووكلاء محامين …