محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا تثير نقاشاً بالأوساط السياسية والإعلامية التركية

أنقرة-سانا

أثارت محاولة الانقلاب العسكري التي جرت في تركيا الليلة الماضية نقاشا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية التركية لما تضمنته من تساؤلات حول مجريات أحداثها ما يشير إلى أنها ربما تكون من تدبير رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان أو أنه على علم مسبق بها.

وتأتي هذه المحاولة الانقلابية بعد سلسلة من الاعتقالات التي تمت قبل أسبوعين واستهدفت مجموعة من الضباط في مختلف الوحدات العسكرية وسط المعلومات التي كانت تتوقع انذاك تصفيات شاملة لجميع أنصار واتباع الداعية فتح الله غولن المناهض لأردوغان في المؤسسة العسكرية.

وكانت المعلومات توقعت آنذاك إحالة عدد من الجنرالات والضباط الأتراك إلى التقاعد وذلك في اطار التصفيات التي يخطط لها أردوغان منذ فترة لأحكام سيطرته على المؤسسة العسكرية بينما اعتبر البعض من الأوساط هذه المعلومات مؤشرا مهما على علم أردوغان المسبق بمثل هذه المحاولة الانقلابية التي قال عنها البعض من المغردين في موقع تويتر.. إن أردوغان وعلى الأقل كان يتوقعها ولم يتخذ التدابير اللازمة لمنعها حتى يتسنى له استغلالها من أجل تحقيق أهدافه السياسية وأهمها تغيير النظام السياسي ليصبح الرئيس المطلق لتركيا.

وأشارت مجريات الأحداث خلال الليلة الماضية إلى أن الانقلابيين لم يسيطروا على المحطة الرئيسية للأقمار الصناعية التي تبث عبرها جميع محطات التلفزيون الحكومية والخاصة بل اكتفوا بإرسال مجموعة صغيرة إلى مبنى التلفزيون الحكومي “ليجبروا المذيعة هناك على تلاوة بيان الانقلابيين” الذي تحدث عن “أهداف الانقلاب” ومنها القضاء على أعداء الجمهورية العلمانية الديمقراطية والذين دمروا تركيا بفسادهم ونظامهم الاستبدادي الديكتاتوري في إشارة إلى أردوغان.

وكان الحدث الأكثر غرابة في هذه الأحداث هو أن محطات التلفزيون الخاصة ومعظمها موالية للحكومة استمرت في بثها دون أي تدخل من منظمي الانقلاب حيث اتصل أردوغان مع هذه المحطات ليخاطب الشعب للخروج إلى الشوارع والتصدي لـ “الانقلابيين” وهو ما فعله الرئيس السابق عبد الله غول ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو وجميع الوزراء الذين لم يقم منظمو الانقلاب باعتقال أي منهم.

كما نقلت المحطات وعلى الهواء مباشرة المشاهد الأولى للمواطنين وهم يخرجون إلى الشوارع وحرضتهم للاستمرار في التظاهر وسط دعوات الأئمة والخطباء عبر المآذن المواطنين للتصدي لـ “الانقلابيين”.

كما تشير المعلومات إلى أن أردوغان كان مرتاح البال لأنه مدعوم من قوات الأمن والوحدات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية ودعاها للتصدي لمنظمي الانقلاب وخاصة بعد أن ظهر قائد الفرقة الأولى في مدينة اسطنبول وهي أهم فرقة في الجيش التركي على شاشات التلفزيون ليقول إنه “ضد الانقلاب” وسط المعلومات التي تناقلتها محطات التلفزيون عن رفض رئيس الأركان وقادة القوات المسلحة للانقلاب وعلى الرغم من احتجازهم من قبل الانقلابيين “الذين أثبتوا أنهم هواة بكل معنى الكلمة حيث قصفوا البرلمان وهاجموا الفندق الذي كان فيه أردوغان بمدينة ازمير بعد مغادرته الفندق”.

كما لم يستطع منظمو الانقلاب تحريك القوات الجوية باستثناء عدد قليل من الطائرات التي شاركت في العملية وعددها لم يتجاوز العشر وما زاد في الغرابة ايضا السهولة والسرعة التي افشل بها أردوغان محاولة الانقلاب ليستغلها في التخلص من جميع خصومه حيث من المقرر أن يترأس بداية الشهر القادم اجتماع مجلس الشورى العسكري الذي سيحيل المئات وربما الآلاف من الجنرالات والضباط إلى التقاعد وسط معلومات تتحدث عن اعتقال جميع المشاركين في الانقلاب لمحاكمتهم وربما إعدام البعض منهم بعد إجراء تعديل دستوري يعيد عقوبة الإعدام إلى القوانين التركية.

وتوضح المعلومات أن أردوغان استغل الانقلاب ليبرئ نفسه من الاتهامات التي استهدفته في كانون الأول فيما يتعلق بالفساد الذي طاله وطال عائلته ووزراءه وليقول للرأي العام الداخلي والخارجي إن الذين اتهموه بالفساد هم أنفسهم الذين قاموا بمحاولة الانقلاب وهم “متآمرون وخونة” سيفقدون مصداقيتهم في قضية الفساد .

ووفقا لمراقبين فقد جاءت محاولة الانقلاب الاخيرة لتمنح أردوغان “الفرصة الثمينة وربما الاخيرة” ليحقق كل أهدافه الاستراتيجية وأهمها تغيير الدستور وتحويل النظام إلى رئاسي حتى يحكم البلاد ومن بعده احد أفراد عائلته على أن يتخلص من الجمهورية العلمانية قبل أن تحتفل بالذكرى المئوية لتأسيسها في تشرين الأول وحتى يحسم هدفه العقائدي وهو “أسلمة الدولة التركية”.

ويبقى السؤال الأهم في مجمل تطورات الأمس هو هل سيفكر أردوغان في إعادة النظر في مجمل سياساته الداخلية والخارجية ويستخلص منها الدروس اللازمة حتى يغير من هذه السياسات أم أنه سيواصل سياساته الحالية وهو الاحتمال الذي يقول عنه الكثيرون بأنه الاقوى بسبب “الانتماء العقائدي الطائفي” لأردوغان وارتباطاته المعقدة والخطيرة مع ملوك وأمراء ومشايخ الخليج وامتداداتهم مع المنظمات والجماعات الارهابية المسلحة.

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency

انظر ايضاً

النظام التركي يعرب عن خشيته من وقوع محاولة انقلاب أخرى في أي وقت وخبراء أمريكيون يتوقعون إصابة الجيش التركي بالضعف

أنقرة-أوتاوا-سانا أعرب النظام التركي عن خشيته من وقوع محاولة انقلاب أخرى في أي وقت في …