بين تغذية الإرهاب بفكر وهابي متطرّف ودعمه، والجهد الدولي المزعوم للقضاء عليه، يكمن سؤال كبير، بعنوان عريض، لمادة تعيد إلى الوراء كلّ التحذيرات إلى مستنداتها المعرفية التي صدرت عن العقول المتنوّرة الواعية لما حاق بسورية والمنطقة من مخططات تقسيم وفوضى، ومشروعات استيلاء على المقدرات، واستنزاف الاقتصاد، وهدر أموال شعوب المنطقة، وبعثرة الجغرافيا، وتدمير التاريخ والهوية. والأدوات الإرهابية المحرّكة لخيوط الإرهاب غير آبهة بما سيصبح عليه مستقبل دولها، وقد نظرت من زاوية صغيرة فقط إلى تنفيذ مصالحها، وبقائها على عروشها، على حساب سفك الدم العربي ولاسيما الدم السوري، فكانت دائماً بالمرصاد، تتربّص شرّاً عاملةً على استباحة الفكر والهوية والأرض والعرض.
وعلى الرغم، من أن المصلحة العليا للدولة السورية، كانت وراء مشاركتها في مؤتمرات جنيف، وقبلها من هدنة وقف القتال في بعض المناطق، باستثناء بعض التنظيمات الإرهابية من الهدنة، لكن الدولة السورية، تعرف تماماً، أن هذا لن يمضي على النحو المطلوب والمراد، ضمن المصلحة العليا للدولة، لأن الإرهاب لا دين له، ولأن مَنْ يغذي الإرهاب، لا يفكر إلا في تحقيق مصالحه وبثّ أحقاده، ونشر وهابيته ودمويته على الأرض السورية. ومن هنا، كانت الخروقات الإرهابية التي تدفع الموت إلى المدنيين العزّل من أطفال ونساء وشيوخ، والتي تفاقمت في مدينة حلب الصامدة على أوجاعها رغم طعنات الغدر، وقذائف القتل اليومي، والدمار الذي أصاب كل شيء فيها.
لن تجدي صيحات الثكالى، ولا أنّات الشيوخ، ولا دماء الأطفال الزكية، ولا صيحات الأهالي.. كل هذا، لم ولن يجدي، فمن استمرأ الحياة في ظلام الفكر الوهابي والتلذذ بسفك الدماء، لا يستطيع رؤية النور، ولن تثنيه رؤية دماء الأطفال مسفوحةً على الأرض.. فهو لا يرى، ولن يرى أمامه إلا هدفاً وحيداً جاء، ويتحرك من أجله، ألا وهو تنفيذ أجندات الغرب وأدواته.
وكل هذا من أجل ماذا؟ ولماذا؟
وتالياً، أين هو جهد المجتمع الدولي الذي يتشدّق بالحضارة؟ وأين صوته؟ وفيه المجتمعات المتحضّرة، والغرب الذي داس، بسياسته اللاأخلاقية في سورية والمنطقة، مبادئ حقوق الإنسان التي يدّعيها وكلّ الأعراف والمواثيق الدولية، فترك لوحوش الإرهاب التمدّد، ومدّهم بالمال والسلاح، وفتح لهم آفاق الدنيا، وكأنه لن يرتدع عن الاستمرار في تمزيق الخريطة العربية، وتقسيم جغرافيا المنطقة، وفق معطيات وسيناريوهات جديدة قبل الوصول إلى الهدف الأعظم والأساس الذي ابتدع من أجله «ربيع العرب الدموي» ألا وهو إعلان «يهودية إسرائيل» الضامن الوحيد لاستمرارها في هذه المنطقة.
الحديث اليوم، يتضمن عشرات التحليلات، ومعها عشرات الأسئلة.. أهمها ماذا على أمريكا التي تخوض غمار انتخابات رئاسية جديدة أن تفعل، وأوباما يستعد للرحيل عن البيت الأبيض؟
وما هي عملية التجاذبات الحالية بين صانع الإرهاب الغربي وأدواته في المنطقة من السعودية وتركيا وقطر، ومَنْ لفّ لفهم؟ وكيف بدأت تظهر للعلن صورة التطبيع السعودي- الإسرائيلي على نحو يفسّر وبوضوح كل ما جرى في سورية والمنطقة من خراب وفوضى ودمار، استناداً إلى الخلفية المصلحية التي عليها إيجاد «الأمن» المقدّس الخاص بـ«إسرائيل» ذات اليد والكلمة العليا على العروش العربية؟.
وإلى أين تسير تركيا «العلمانية» في دروس «أخونة» أردوغان العثماني الذي ابتلع هو وحزبه كل عدالة وتنمية، وجعل الأصوات المعارضة لسياسته الحمقاء تنكفئ خشية الاكتواء بسعير سجونه؟.
وتالياً، إلى أين تسير السياسات الخبيثة المرسومة للمنطقة، وبخاصة بعد مناورات جنيف التي خرجت منها الأدوات المأجورة، بناء على الطلب المسبق من مشغليها من دول التآمر؟ وكيف سيكون الردّ عليها، وسورية تتخندق في مسارين وماضية فيهما: الحلّ السياسي للأزمة فيها بما لا يتعارض مع سيادتها، واستقلالية قرارها، ووحدة ترابها، ومكافحة الإرهاب على أراضيها.. وهذا هو السؤال المطروح حالياً؟
بقلم: د. رغداء مارديني
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :
https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency
تابعونا عبر تطبيق واتس أب :
عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).
تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط: