في الوقت الذي تهلع قلوب المسلمين العرب وتحديدا في بلاد الشام والعراق من طريقة هبوط ” داعش “عليها، وكيفية تعاطي هذا التنظيم مع الواقع الشامي والعراقي، ثبت أن الغرب يتأمل المشهد وكأنه لايعنيه، بل ربما ينظر إليه وخصوصا في سورية من باب أنهم مناضلون حقيقيون لديهم برنامجهم النضالي.
لقد أكدت الوقائع بما لايترك مجالا للشك، أن الذي أطلق ” طالبان” في أفغانستان إبان الحاجة إليها، هو الذي أطلق ” الدواعش ” بمختلف مسمياتها في منطقتنا العربية من باب الحاجة لوجودها، تلك هي الحقيقة التي أطلقتها السيدة هيلاري كلينتون في كتابها الجديد ” خيارات صعبة ” مؤكدة أن الولايات المتحدة من أطلق ” داعش ” وبالتالي من يرعاها، اللهم إذا كان الممول عربي كالعادة، فنكون أمام حقيقة أوضح.
عندما اعتدى ذلك التنظيم على العراق واقتطع مساحات منه، وقف الغرب بعيد المسافة عما جرى، ويوم تم إسقاط المسيحيين منه اعتقدنا للوهلة الأولى أن دنيا الغرب ستقوم ولن تقعد، فإذ بردة الفعل اقل بكثير مما تصورنا بل باهتة وعادية حيث اعربت فرنسا عن استعدادها لاستقبالهم، بما يعني أنها مع خروجهم من مناطقهم لكي يكونوا ضيوفها، وهو أمر نعرفه بأنه جزء من المخطط الصهيوني الذي يفي بتفريغ الشرق من مسيحييه ومن أقلياته خدمة لهذا المخطط الجهنمي. أما الولايات المتحدة فكانت صم بكم كأنها لم تسمع ولم تر، فنكون بالتالي أمام قراءة واحدة للغرب الذي لايعنيه الوجود المسيحي بقدر ماتعنيه صورة المنطقة من منظورها الصهيوني.
وحين صرخ العراقيون أن انقذونا من ” داعش ” كان رجع الصدى فارغا من أي اهتمام، وتبين ان الاهتمام الوحيد الذي يعني العالم الغربي هو أن يمشي في جنازة المسلمين، وتحديدا العرب، طالما أن الصهيوني ينتزع منه لسانه ورؤاه، ربما كان غريبا مشهد الغربي بشقيه الأوروبي والأميركي وهو يتابع بكاء أطفال ونساء العراق، وقبلها أطفال ونساء سورية، لكنه لايريد كالعادة أن يخرج عن دائرة المرسوم له من قبل الأميركي خالق ” داعش ” ومهندسها وحاميها.
إن ماتفعله داعش في العراق وسورية يقدم الدليل على أن هذا التنظيم إنما يريد التفرد بالمنطقة لغايات صهيونية طالما ان اميركا ملتزمة أمام اسرائيل بتحقيق غاياتها. وما فعله ” داعش ” في عرسال اللبنانية دليل آخر على روح التمدد الإرهابي في كل بلاد الشام. ” داعش ” الواحدة في كل تلك البلاد، هي الروح الصهيونية التي تريد مغالبة الواقع الإسلامي، ونأسف هنا لكون أوروبا الحضارة تغض الطرف عن الحقائق المرة الهاجمة على المنطقة طالما أن غايات الكيان الصهيوني أساسها.
مهما كانت النداءات ومن أي اقلية او اكثرية في المنطقة العربية ضد ” داعش ” الصهيونية، فإن الغرب الأوروبي تحديدا يتطلع إلى الاصبع الاميركي إذا ماكان يسمح بالرد أو اتخاذ المواقف، لكن الاميركي الذي وهب الحياة لـ ” داعش ” وغيرها من التنظيمات وأحاطها بالرعاية وأقام لها موقعا وصنع لها مالم يصنع كي تعيش وتنمو وتصبح رقما صعبا في المنطقة، لن تراه يصغي لأي نداء استغاثة عن أي مكان صدر، وإلا لكان أغاث غزة الجريحة وهو يراها تتقلب فوق الدم والمواجع والألم والعذاب، أو اغاث المسيحيين الذين يشكلون في عرفه امتدادا له، فالأذن الغربية لاتصيخ السمع إلا لنداء الكيان الصهيوني وحلفائه في المنطقة.
رأي الوطن