كان يوماً طويلاً.. هذا صحيح، لكنه بدأ سورياً وانتهى سورياً، كل ما فيه .. بساعاته ودقائقه وثوانيه كان سورياً، وفق الطقس السوري وحسب مقتضيات الحكاية السورية.. مع صباحاته الأولى كما هي مساءاته التي استبقت ليلا انبلج فجره على خطوة سورية واستحقاق سوري.
المشاهد الأولى والصور التي تم بثها أو تناقلتها مختلف الوسائل الإعلامية كانت تشي بذلك، وتؤشر إلى هذا اليوم بسماته وميزاته، حيث الرسالة الأولى أن السوريين يترجمون ما سبق لهم ان أعلنوه من خلال كثافة الترشح، حين كانت توازيه كثافة في المشاركة وحماس يعكسه حشد واضح وملموس في مختلف المراكز الانتخابية.
ومع مرور الوقت كانت الرسائل السورية تتوالى تباعاً إلى أن وصلت إلى ذروتها مع بدء المؤشرات الحقيقية عن نسب انتخاب تفوق المتوقع العادي، وتحاكي عتبات لم يكن متاحاً ملامستها من قبل، وتدرجت في معاييرها إلى أن بلغت ذروتها مع ساعات النهار التي أفلت فيما مراكز الاقتراع مستمرة، ولم يكن بمقدور ساعات المساء أن تحول دون بقاء التوافد إليها قائماً ومستمراً.
لن نجادل في خطابات استباقية كانت تشكك، ولا في آراء ومواقف معلبة كانت تحاول أن تصطاد في الماء العكر، لكن من الضرورة بمكان أن تكون بعد اليوم على التوقيت السوري، حيث عقارب السياسة تتحرك وفق معطيات تحاكي الواقع وترسم علامات استفهام كبرى وحقيقية حول روايات وفبركات وأكاذيب، حيث صناديق الاقتراع كانت الاختبار، وكانت الحد الذي يفصل بين الواقع السوري وأوهام أعدائه وتمنياتهم التي تحولت إلى أضغاث أحلام.
والرسائل هنا ليست فقط سياسية محضة، ولا هي وطنية صرفة، بل كانت مزيجاً من هذه وتلك ممهورة بخصوصية السوريين.. برؤيتهم.. بواقع وجودهم.. بقرارهم واستحقاقهم الوطني بامتياز، وإن بدت مفاجئة لمن عوّل على الإرهاب، وصادمة لمن راهن على رعاته ومموليه، ومن ارتهن في رؤيته إلى التطرف معياراً أو مقياساً، وإلى الأكاذيب تلك ونماذجها المختلفة شاهداً.
الحديث يطول وسيطول أيضاً، وسيكثر الكلام ، وسيسيل دونها الحبر تحليلاً واستنتاجاً وقراءة وتوقعاً وتخيلاً، لكنها الأرقام هذه المرة ستقول كلمتها، وستحكي ما يصعب على الحديث قوله وعلى الحبر أن يصيغه، وعلى الشاشات أن تقدمه، خصوصاً حين يكون بحجم الوطن الذي دافع من أجله السوريون وضحوا وناضلوا وكافحوا، وسيبقون كذلك، ومشاركتهم كانت تعبيراً عن تلك الاستمرارية وتتويجاً لما بذلوه وضحوا من أجله.
فدماء الشهداء وآلام الجرحى ومتاعب الصابرين والمنهكين والمتعبين والعاملين بصمت حيثما وجدوا وكيفما تحركوا، كانت برهاناً على سورية التي نريدها من دون أكاذيب تصنع، ولا فبركات تُشكل، ومن دون تخيلات أو أوهام، هي كلمة قالها السوريون في يومهم الطويل بمشاهده، والكبير بتفاصيله، والمحسوم بنتائجه وهويته وقراره بالانتماء للوطن، بمعيار مؤسساته ووجوده وكيانه الوطني غير القابل للمس.
يوم سوري آخر يمضي، وبصمة سورية إضافية في سجل طويل، وخطوة أخرى تضاف إلى إنجازات الميدان وإلى إشراقات السياسة في اجتياز اختبار يخط رسائله من دون توقف، وسيبقى يخطها أيضاً في خطوات قادمة واستحقاقات متواصلة ومستمرة، أولها في مكافحة الإرهاب حتى اجتثاث آخر ما تبقى منه، وفي إعادة بناء الوطن كما يريده السوريون، واجتياز المفازات الصعبة والخطرة والمفخخة من أجل غد سوري، كانت باكورته هذا اليوم ولو كان طويلاً لبعض الوقت، ومكثفاً طوال الوقت..!!
بقلم: علي قاسم
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :
https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency
تابعونا عبر تطبيق واتس أب :
عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).
تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط: