تؤكد مشاركة نحو 260 شخصية تمثّل تيارات سياسية وفكرية من 28 دولة عربية وإسلامية، في فعاليات ملتقى دعم خيار المقاومة بمواجهة العدوان الأمريكي الصهيوتكفيري بدمشق، أن سورية ليست وحدها في الحرب، وأن ثمة رأياً عاماً بدأ يتشكّل نصرة لسورية وشعبها ونهجها المناهض لكل أشكال الهيمنة والاستغلال، ويبعث رسالة للعالم أنه رغم ما أقدمت عليه بعض الأنظمة لدعم الكيان الصهيوني في تحقيق أهدافه فإن السواد الأعظم من أبناء الأمة لهم رأي آخر يرفض سياسة الهرولة والانبطاح التي تنتهجها أنظمة الخليج في إطار تحالفاتها الجديدة مع كيان الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية، وتدمير آخر قلاع الحفاظ على الهوية والحقوق، وتمثّلها سورية، التي دفعت على مدار خمس سنوات أثماناً باهظة في سبيل المحافظة على شرف الأمة ونهج المقاومة.
كما يكتسب انعقاد الملتقى أهمية كبرى لجهة المكان والزمان، فهو يؤكد أن سورية بدأت تسترد عافيتها وترسم الخطوط العريضة لنصرها المبين على الحرب الكبرى التي تشن ضدها، وبالتالي فإن وجود هؤلاء الذين يمثلون شرائح واسعة ومتنوعة من المجتمع العربي والإسلامي يعكس المزاج العام الذي تمثّله سورية في رسم استراتيجيتها وتحالفاتها الإقليمية والدولية، كما أن تزامنه مع الحوار السوري في جنيف يقوي موقف الدولة السورية، التي استطاعت خلال الجولة الحالية فرض أجندتها عبر حوار سوري سوري بعيداً عن التدخل الخارجي ودون شروط مسبقة وبما يحافظ على وحدة ترابها واستقلالية قرارها وثوابتها، وهذا من شأنه أن يقدّم أنموذجاً حضارياً لسورية المستقبل بما يحقق طموح وآمال شعبها.
مرة أخرى تثبت سورية أنها محط آمال كل المناضلين العرب، وموئل كل حر شريف يريد لهذه الأمة أن تنهض من جديد، ويكون لها موطئ قدم في الخريطة الجيوسياسية للعالم الجديد، وبالتالي نحن بأمس الحاجة اليوم لتكثيف الجهود لتحريك الشارع العربي المثقف والحضاري، لنؤكد للعالم أن العرب ليسوا كما يحاول الغرب تصويرهم على أنهم داعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، لتشويه صورة الإسلام الحنيف والعرب عموماً.
وعليه فإن المعركة اليوم ليست معركة سورية فحسب، وإن كانت الحرب تجري على أرضها، فهي تستهدف الأمة بكل مكوّناتها، والمطلوب ممن حضر الملتقى أن ينقل لبلاده حقيقة ما يجري من تآمر امبريالي عالمي ورجعي عربي على سورية، وشحذ الهمم لنكون معاً في مواجهة هذه الهجمة الشرسة، عبر الضغط على الأنظمة المشاركة في الحرب عليها لوقف دعمها للإرهاب، وهو ما سيكون له شأن كبير في مساعدة سورية شعباً وجيشاً وقيادة على الخروج منتصرة من الحرب التي فرضت عليها لتبقى كما عهدها الجميع قلب العروبة النابض.
عماد سالم