عندما يستثني المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا كل ما يتعلق بالإرهاب من الحوار السوري في جنيف، فليس لذلك سوى تفسير واحد مفاده أنه يسعى لتفصيل جدول أعمال على مقاس مصالح واشنطن، بعد حصوله على تعهدات من الإدارة الأمريكية بأنها ستلملم مرتزقتها في حال الحصول على مكاسب في السياسة عجزت عن تحقيقها خلال سنوات الحرب، وبالتالي فإن كل ما عُقد وسيُعقد من اجتماعات للبحث عن حل للأزمة، ليس أكثر من ذر للرماد في العيون هدفه امتصاص غضب الشارع العالمي، الذي بدأ يضغط باتجاه ضرورة محاربة الإرهاب، بعد وصول ارتداداته إلى بلاد بعيدة، وبات ينبئ بكوارث في حال الاستمرار على النهج الحالي.
ففي قراءة سريعة لما صرّح به دي ميستورا يوم إعلانه بدء التحضير للحوار، نجد أنه تراجع خطوات عمّا جرى التفاهم عليه يوم تعليق الحوار في الثالث من الشهر المنصرم، وبدلاً من إحراز تقدّم من شأنه التأسيس لإطلاق حوار سياسي يجري الاتفاق بموجبه على تسوية قائمة على أولوية مكافحة الإرهاب، وجدناه يبسّط الأزمة ليمنح التنظيمات التكفيرية التي قتلت وشرّدت الملايين ودمّرت البنى الاقتصادية والصحية والتربوية “صك براءة” عن كل جرائمها من جهة، ويقدّم لها دفعاً معنوياً للاستمرار في مخططها التدميري من جهة أخرى.
وهنا لابد من تذكير المبعوث الأممي بأن القيادة السياسية، وعلى رأسها السيد الرئيس بشار الأسد، طرحت منذ الأيام الأولى لبدء الأحداث في سورية جملة إصلاحات سياسية تجاوزت ما يطرح الآن من حلول، وكان الرد عليها من العواصم الأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها حينها بأنها جاءت “متأخرة”، فهل بعد خمس سنوات حان موعدها؟!. الجواب بات واضحاً أكثر من أي وقت مضى ويؤكد أن ما جرى خلال سنوات الحرب لم يكن هدفه سوى التأسيس لشرق أوسط جديد عبر “الفوضى الخلاقة” التي “بشرتنا” بها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس عام 2003.
ما تقدّم يؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن المماطلة بإعلان قائمة واضحة بأسماء التنظيمات التكفيرية، والإصرار على اختصار وفد المعارضات بـ “معارضة الرياض”، هو مطلب أمريكي للإمساك بناصية الحل السياسي بعد أن فشل الرهان على التكفيريين بإحداث تغيير في الميدان يمكّنهم من فرض حل يخرجهم بهيئة المنتصر من الحرب، وهذا ما جعل دي ميستورا يقفز إلى الوراء ويتراجع عن كل التصريحات التي شدّد فيها على تلافي الأخطاء السابقة لإنجاح المباحثات.
إذا كان الحوار سيسير في جنيف وفق الأجندة المعلنة فهو حتماً محكوم بالفشل، فسورية التي دفعت أثماناً باهظة من دماء أبنائها في سبيل الحفاظ على وحدة الهوية والتراب واستقلالية القرار، لن تمنح لمحور المتآمرين فرصة تقرير مصيرها وفق ما يشتهون، وعلى الأمم المتحدة، إن كانت تنوي تحقيق الأمن والسلام وفق المبادئ التي أوجدت لأجلها، أن تكون محايدة، وبالتالي فإن المساعدة الأممية في حل الأزمة يكمن في تلازم مساري مكافحة الإرهاب والعملية السياسية، وغير ذلك فللميدان ستبقى كلمة الفصل.
عماد سالم
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :
https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency
تابعونا عبر تطبيق واتس أب :
عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).
تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط: