الشريط الإخباري

الإرهاب المتنقّل والسياسة الرثّة-صحيفة البعث

ليس غريباً أن تتزامن التفجيرات الإرهابية المتنقّلة، سواء في حمص أو دمشق، مع ارتفاع منسوب ما يمكن تسميته بالسياسة الرثّة، على وزن “الأيديولوجية الرثّة”، عالمياً وإقليمياً، فإذا كانت التفجيرات الإرهابية رسالة سعودية تركية بالأساس اعتراضاً على التطوّرات الميدانية، “الحلبية” تحديداً، فإن السياسة الرثّة هي منهج طبيعي لساسة الصدفة وحكام “الاندفاع بلا رؤية” كما وصفهم الراحل محمد حسنين هيكل.

وبالتّأكيد يمكن قراءة التفجيرات الإرهابية الأخيرة، رغم فظاعتها ودمويّتها، بل بسبب ذلك كله، بأنها دليل قاطع على دخول الحرب على سورية في مرحلتها الأخيرة، حيث لا يملك المعتدي سوى العمليات الإجرامية المتفرّقة، بعد أن أسقط السوريون رهانه على “الفتوحات” و”الزلازل” و”البراكين” و”عواصف الوهم” وأشباهها، وهي حرب سيخرج منها السوريون منتصرين بكل تأكيد، ليس لأن ذلك خيارهم الوحيد فقط، بل لأن أحفاد يوسف العظمة وأقرانه يعرفون أن قدرهم الوحيد هو نصب دمائهم راية ومنارة لأهلهم القابضين على جمرة حياة مستمرة فوق ذات الأرض منذ أكثر من سبعة آلاف عام.

بيد أن المأساة الأساسية هي استمرار السياسة الرثّة، وهي على ما يبدو السياسة الغالبة على ساسة العالم اليوم، والأمثلة عليها تكاد لا تعدّ ولا تحصى، ولأنها سياسة مجنونة ولاعقلانية فإن نتائجها كارثية على الجميع، وقد رأينا ذلك في تركيا، حيث انتقل بموجبها “السلطان العثماني” من صفر مشاكل إلى صفر أصدقاء وصولاً إلى صفر خيارات، لتصل النار التي أراد إشعالها في الخارج إلى مخدعه الخاص في “القصر الأسود” المشؤوم، كما بدأ آل سعود، في محاولة إبعاد النار عن مضاربهم، نتيجة سياستهم الرثة، وبعد فشلهم المدوّي في سورية وغرقهم في المستنقع اليمني، بهدم الهيكل في لبنان على الجميع، “حرداً”، من جهة، لعدم إطلاق “أمير الكبتاغون” من السجون اللبنانية، ولتأخير مصير “ماري انطوانيت” المحتوم لكل من يشبهها من جهة أخرى.

وبالطبع لا يمكن فهم السياسة الأوروبية التي لا تجد حلّاً لمشكلة اللاجئين السوريين التي تنوء تحت وطأتها سوى بالحديث عن المنطقة الآمنة، إلا من خلال فكرة الرثاثة ذاتها، لأن الحلّ الحقيقي للمشكلة يكمن في معالجة السبب الأساسي للجوء، وهو ما يتطلّب الإقلاع، من جهة، عن المباركة الكاملة لـ “الاوتوستراد” التركي المفتوح لسيل “المهاجرين”، والتوقّف من جهة ثانية، عن مواصلة الحصار الجائر المفروض خارج الشرعية الدولية على الشعب السوري في لقمة عيشه وطبابته وتعليمه.

والحال فإن “الرثاثة” تمتدّ لتطال الأفراد أيضاً، فمعنى أن تكون مثقفاً وسياسياً “لامعاً” اليوم هو أن تتباكى على “الأخلاقية الأمريكية” التي أهدرها “تلكؤ” واشنطن في قصف سورية وتدميرها على رؤوس أبنائها، وأن تخشى من أن “تكون الولايات المتّحدة، بـيمينها ويسارها، في صدد الإجماع على موقف انعزاليّ، أقلّه فيما خصّ منطقة الشرق الأوسط”، لأنها لم تحارب عنك، وأن تنظّر لقيام واشنطن، في ظل قرارها الاستراتيجي بالاتجاه شرقاً، بتهيئة البيئة الجيوسياسية لصالح “إسرائيل” وأمنها ولو عبر تقسيم الدول المحيطة بها، بل والتحالف مع “تل أبيب” باعتباره ضرورة عربية ملحّة لمواجهة المدّ الإيراني المزعوم..!!.

لكن “الرثاثة” ليست حالة عامة، وكالعادة يكون الآخرون، أكثر وعياً بأسباب المشكلة ونتائجها أيضاً، وبالأمس قالت “تل أبيب”: إن “انتصار الأسد خطر على إسرائيل”، وهي جملة مفتاحية لفهم سعار حليفها السعودي على سورية، وقبلها قالت صحيفة “الغارديان”: إن “ما يحدث في حلب مؤخّراً سوف يرسم خريطة أوروبا”، لكنها بالتأكيد لم تقل الحقيقة كاملة، فالحرب التي يشنّها الغرب تستهدف، كما قال الرئيس الأسد، “الدول المقاومة لهيمنته والمتمسّكة بمصالح شعوبها واستقلالية قرارها لرسم خريطة جديدة للمنطقة والعالم كله”.

وبالتأكيد أيضاً هذه معركتنا، ولنا فيها ألف ناقة وألف جمل، وسنخوضها دفاعاً عن مشروع الدولة المدنية العلمانية بوجه مشاريع التفتيت والتقسيم المجنونة، ولن يثنينا عن ذلك الإرهاب المتنقّل، ولا بالطبع ساسة الصدفة وسياستهم الرثّة.

بقلم: أحمد حسن

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency