عندما يتحدّث القائد-صحيفة البعث

شكّل حديث الرئيس الأسد أول أمس أمام أعضاء مجلس نقابة المحامين قاعدة بيانات مهمّة، واضحة وميسِّرة لوعي أبعاد العدوان التاريخي على سورية، قاعدة بحث واقعية ستبيّن للأجيال بمنطق العلم والموضوعية والحقيقة وقائع هذا العدوان من حيث الأسباب والنتائج، بما لا يمكن للباحث تجاوزه.

وتنبع أهميّة الحديث ليس من صدوره عن مقام الرئاسة فقط، فإضافة إلى ذلك هو حديث القائد سياسياً وعسكرياً، وطنياً وقومياً، الموجّه إلى الصديق والعدو. فهو رسالة بكل معنى الكلمة وفق نظرية التلقي، تستحق عن جدارة إعادة القراءة، والاستلهام الجديد والمتجدد، ولاسيما أن الأزمة ذات أبعاد ليست محلّية فحسب، وليست راهنة فقط، بل ممتدة، وقد امتدت حقيقة عبر الزمان والمكان، ويبدو أن الحديث – الرسالة – انطلق بداهة من هذه الأبعاد.

فكان تخيّر المخاطَبين مباشرة خياراً مهمّاً وموفّقاً «فالنقابات والمنظمات تؤدي دوراً سياسياً كجسر بين الحكومة والمجتمع»، وعلى رجال القانون تبعات النهوض
بتحقيق أهداف هذه الرسالة في مختلف المنابر، ولاسيما الدستوري والقانوني والاجتماعي منها، وما يتبع ذلك من وطنية وسيادية وحق وواجب… إلخ لأنهم أهل الاختصاص، لكن الحديث حقيقة لامس شجون مختلف قطاعات الشعب الأخرى، ولم تكن النبرة الوطنية فيها أقل سطوعاً من النبرة العروبية.

فقد أدركت جماهير شعبنا على امتداد ساحات الوطن والأمة، وكذلك الأحرار في أرجاء العالم كافة وبشكل مسبق أن القيادة السوريّة تواجه حقيقة عدواناً على الشعب، وعلى الدولة، على الوطن وعلى الأمة، على الوجود والمصير والحق والحقوق. فقبل الحديث بيوم نشرت صحيفة “الجمهورية” المصرية في افتتاحيتها مايلي:«لو أن الأمر بيدي لرفضت الجلوس والحوار مع وفد الائتلاف السوري، ولما جلست إلاّ مع المعارضة الوطنية التي تحب بلدها… فليس مقبولاً هذه الخيانة والعمالة والتواطؤ مع أعداء الوطن على هذا النحو الحاقد، فلو كان لديهم ذرة من الوطنية والشجاعة لطلبوا العودة إلى الوطن وأجروا المحادثات في دمشق، وأقاموا الأحزاب، إذا كان لديهم قواعد شعبية ويريدون مستقبلاً أفضل لوطنهم…». مثل هذا الرأي آخذ في الانتشار والازدياد ليس بسبب الانتصارات التي يحققها جيشنا الباسل فحسب، بل لأن هناك وعياً وطنياً وعروبياً وعالمياً تتسع مساحته وفاعليته بأن مسألة الإصلاح لا تتحقق ولا تقترن بهذا العدوان، وبهذا الدمار.

لقد كان مهماً جداً، هذا التصويب لمسار الأحداث الميدانية والسياسية والاجتماعية خلال العدوان على سورية من قبل القائد الأسد، ولاسيما أن التصويب لا يحتاجه السوري وحده بقدر مايحتاجه كل ساعٍ إلى الحق والحقيقة، لأن التضليل الإعلامي والسياسي… نجح في تحقيق انحرافات وانزياحات في الوعي كبيرة وخطيرة عند الجميع وعلى المستوى الدولي والتاريخي، وقد أسهمت في هذا التضليل الملاءات المالية الكبيرة الصهيوأطلسية والرجعية العربية والعثمانية، ماتطلّب الحاجة الماسّة إلى هكذا حديث – رسالة – جامعة وتفصيلية تعدّ بوصلة العمل السياسي والبحثي في مسارات الأزمة «العدوان» على سورية، ربما يستفيد منها الوطني، والمعارض الوطني، والمغرّر به، وكذلك الصديق والعدو،.. وإن جنحوا للسلم فاجنح لها، وليس لأن المنتصر فقط هو من يملي الشروط، بل لأن القائد الوطني هو الذي يوضّح الحقائق أمام الشعب، فهما اللذان سيداويان الجراح ويرممان الصدوع ويبنيان الوطن ويدحران المؤامرة سوية يداً بيد.

فمن منّا لم يلمس نبضاً مختلفاً، وروحاً جديدةً، ومعنى مضافاً في المفهومات العديدة التي تناولها الحديث بالنقاش الديناميكي العضوي والجدلي في آن واحد، ومن منّا لم يلمس جديداً كان بحاجة إلى تأسيس وتأصيل في مسارات الخلاف والتوافق على الفرق بين الدولة والحكومة مثلاً؟ وبينهما وبين الوطن والنظام والمجتمع، وبين المسار والحل، بين الحرب الأهلية والحرب الخارجية، بين المرحلة الانتقالية والفوضى الخلّاقة، بين مفهوم الانتقالية والدستور الحالي، بين وقف إطلاق النار والقفز فوق القرار 2253، بين وفد الرياض والرياض «حتى وصلنا إلى هذه الأزمة ورأينا فوضى في المفاهيم… وعند وعي الحقيقة كان الأوان قد فات».

ويسطع في هذا الحديث، إضافة إلى نبرات القائد الشجاع، صوتُ القائد الحكيم ذي الرؤيا قبل الرؤية، وهو يتحدث من القلب إلى القلوب «يجب أن نعرف أن هذا المتبقي من القدرة على الحياة كان مقابل حياة أخرى؟!».

بقلم: عبد اللطيف عمران

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency