بدا حال دي ميستورا كالمغلوب على أمره وهو يعلن تعليق المفاوضات إلى 25 الجاري، بعدما فتّش في أروقة جنيف عن ذريعة يمكن من خلالها تمييع مسؤولية الفشل فكان الإعلان استباقياً فاقداً الأسباب التي أفضت الى هذه النهاية ولكن ضباب جنيف لم يخفِ الأجندة التي حملها وفد “معارضة الرياض” والمتمثلة بهدف واحد هو إفشال المباحثات، وبدأ بإطلاق الرصاص على المؤتمر قبل أن يبدأ، بخرق قرار مجلس الأمن 2254 من خلال فرض الشروط المسبقة ومحاولة تعويم التنظيمات التكفيرية وفرضها على طاولة الحوار.. لقد طالبوا بوقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية، ولم يقدّموا لائحة باسم وفدهم للمؤتمر وجعلوا العالم ينتظر 5 أيام حتى “تكرّموا” وذهبوا إلى جنيف.
وهنا نتساءل هل هؤلاء مستعجلون لإيجاد تسوية للأزمة، وهل يمكن بأي حال أن يمثلوا ولو شريحة بسيطة من الشعب السوري، طالما أنهم وضعوا أنفسهم “محامي شرف” وناطقاً رسمياً باسم من قتلوا وجوعوا وحاصروا أبناء جلدتهم؟!. ورغم ذلك تبجّح الموفدون من الرياض بأنهم هم وحدهم من يعبّر عن تطلعات الشعب، وهم من تحمّلوا أعباء الحرب، ووحدهم مستقلو الرؤية والقرار، ولأنهم كذلك انسحبوا من المحادثات قبل أن تبدأ..! إنها عجائب الزمن التي لم نشاهد مثلها قط إلا خلال الأزمة في سورية، فللمرة الأولى، ربما، يطرح مصطلح “معارضة معتدلة مسلحة”، ويتحوّل المرتزقة والقتلة المأجورون بين ليلة وضحاها إلى ثوار، يقيمون في فنادق اسطنبول والدوحة والرياض..
ملخص ما حدث خلال الأسبوع المنصرم، أن الفشل جاء كنتيجة منطقية لمقدّمات عبثية، حيث حاول معسكر المساهمين في الحرب على سورية تقويض الجهود الرامية لإيجاد حل يحقق تطلعات السوريين، فأرسلوا موفديهم إلى جنيف لنصب “فخ”، يحمل يافطات إنسانية ببطانة وتفاصيل شيطانية، وغرضهم بالمجمل إعطاء التنظيمات التكفيرية فرصة لالتقاط الأنفاس في ضوء انهياراتها الدراماتيكية على مختلف الجبهات أمام ضربات الجيش العربي السوري والطيران الروسي، فكان الإصرار على مطلب وقف إطلاق النار، لضمان هذا الأمر أصروا على إشراك ما يسمى جيش الإسلام وأحرار الشام في المفاوضات، وفي حال تم ذلك يعود الإرهابيون للتمدد، كما حدث قبل نحو عامين، ما يعني العودة إلى المربع الأول، والاستمرار في استنزاف الدولة السورية.
بالمقابل فإن الدبلوماسية السورية التي تتقن فن السير بين الألغام استطاعت تعرية المخطط من خلال اتباعها سياسة النفس الطويل، والإصرار على تطبيق قرارات مجلس الأمن، التي عُقد على ضوئها المؤتمر، فكان انتصار آخر يسجل لانتصاراتها في معارك سياسية سابقة تتكامل مع إنجازات الجيش الذي أفقد أول أمس نظامي آل سعود وأردوغان ورقة كانا يراهنان عليها، عندما فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء، وأسس لإنجازات استراتيجية لن يطول الوقت حتى يراها الأعداء قبل الأصدقاء.
في النهاية، الحرب بدأت على سورية بالسلاح، والمؤكد أنها لن تنتهي على طاولة السياسة قبل إلحاق الهزيمة بالتكفيريين بقوة السلاح، وبالتالي سواء عُقدت جولة جديدة في أواخر شباط، أم أُجلت إلى إشعار آخر، فإن السوريين سيردّون الكيد إلى نحور المعتدين، ويلحقون الهزيمة بالمشروع الصهيووهابي، بالتفافهم حول جيشهم وقيادتهم السياسية، وعندها سيعيد أبناؤها الشرفاء بناءها أفضل مما كانت عليه، وينفّذون الإصلاحات الضرورية بالحوار تحت سقف الوطن.
عماد سالم
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :
https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency
تابعونا عبر تطبيق واتس أب :
عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).
تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط: