الحداثوية والتجارب الشعرية تطغى على مجموعة “مهرجان الحزن العاري” لمحمد حمدان

دمشق -سانا

“مهرجان الحزن العاري” مجموعة نصوص للشاعر محمد حمدان تتراوح بين الشعر والنثر وبين محاولات حداثوية جديدة بعضها يصل إلى مستوى الأدب
وبعضها يتراجع نتيجة خوض تجربة شعرية غير مألوفة.

وفي المجموعة تتميز النصوص التي تعتمد على العاطفة كنص “مرجات من قرنفل أحمر” الذي كتبه حمدان إلى أمه على شكل تداعي ذكريات تتدخل فيها العاطفة لترفع مستواها الفني ولكن النص شابه عدم الاستقرار بين الموزون وغير الموزون مع إغراق بالرمز والضبابية كقوله.. “قاتلي.. هل لديك ونحن هنا مفردان على زورق واحد يترنح بين الحصار وبين الغرق .. هل لديك من الوقت بعض الهنيهات خذ شعرتين .. وإن شئت أكثر فالرأس بين يديك”.

يوغل الشاعر حمدان أحيانا في الضبابية والحداثة لحد انفلات السمة الشعرية من يديه فيذهب إلى تجربة تبحث عن تسمية أخرى كنص “كلمات متقاطعة” دون دلالات عاطفة ودون سياق تعبيري فيصل بين مفردات النص بسهام وخطوط هندسية كقوله.. “الخوف.. السبي .. العنف .. القبو .. السهم .. السوط .. السيف”.

ثم يلجأ الشاعر في بعض نصوصه إلى الومضة الأدبية ويطرح مفارقة فكرية تخرج من أسلوب الشعر لتقترب من القصة القصيرة جدا ذاهبا في ذلك إلى دلالة على فشل العرب في انتزاع حقوقهم وفي تحديد مواقفهم كقوله في نص “مفارقة”.. “بأسنا .. من حديد هنا وهناك.. على باب يافا السؤال”.

وفي بعض الأحيان تتجمع قوة الخيال عند الشاعر حمدان وتتجلى قدرته في اللجوء إلى المنطق الشعري بعد عودته من تجاربه الأخرى بصفته شاعرا موهوبا فيقدم حالة شعرية تمزج بين الشعور وبين انتقاء المعادل الموضوعي الملائم لما يوحي إليه مما يدور في عالم نسي تاريخه وحضارته وراح يبحث عن ضياعه فيقول في نص “الأوباش”.. “والبلاد وإنسانها .. عندما انتعلوا حتفهم .. ومضوا هانئين به هللت للحشود جلاوزة النوق .. ترفع قبعة للقوافل وهي تغادر أرحامها ثم تصلب فوق السواري .. وعود الصباح”.

وفي سياق نصوصه يذهب حمدان أحيانا إلى حالة السرد العادي الذي يعبر عن موقف يتجلى بالنزعة الإنسانية دون الاقتراب من أي حالة أدبية مكتفيا بما يعلنه من ألم لما يتعرض له الوطن من ألم كقوله في نص “أقول لكم”.. “أمس حادثته.. أمس حادثني وبكينا معا جرحنا .. كيف حالك .. حالي كحال الوطن”.

ولعل أكثر ما يتألق في مجموعته نصه الذي جاء بعنوان “رواية” الذي خص به أباه وهو مزيج من حبه لأبيه وما يمتلكه من خبرات في كتابة الشعر إلا أن النص برغم بهاء موضوعه يعتمد على الموسيقا الداخلية التي وحدها مع عباراته ورموزه وبعض شجونه وآلامه فيقول..”صار عبد الله شيخا في الثمانين .. يجر الجسد الميت .. على عكازه المقدود من زعرورة .. شبت على اسم الله .. في تخم الحواكير التي تعبر عيناه .. وجه الصبح .. عند الظهر .. قبل الشفق الغافي .. على زند الغروب”.

تختلف مجموعة مهرجان الحزن العاري للشاعر حمدان والصادرة عن الهيئة السورية العامة للكتاب عن مسيرته الشعرية نظرا لاستحواذ المحاولات الحداثوية والتجارب على نصوصها في غمار أخرى غير الشعر ما أفقدها بعض خواصها إلا أنها ظلت تتحول في عالم ثقافي يدرك فداحة المأساة وما هو مطلوب من الشعراء والأدباء في هذه المرحلة العصيبة التي يعيشها وطننا.

يذكر أن الشاعر محمد حمدان عضو اتحاد الكتاب العرب ومن أعماله الشعرية الفارس والعتمة والميناء الموبوء وبين يدي المحط وصلاة للبحر الأحمر وأعمال أخرى في النقد والأدب .

محمد خالد الخضر

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA)