حمص-سانا
اختتمت اليوم أعمال الندوة العلمية “تدمر تستحق منا الاهتمام” والتي أقامتها جامعة البعث ولجنة التراث بفرع نقابة المهندسين بحمص بالتعاون مع جمعية العاديات في مبنى كلية العمارة والتي استمرت ليومين بحضور باحثين ومثقفين وأساتذة جامعيين.
وركزت مداخلات المشاركين على الاهتمام الاجنبي والعربي بتاريخ مدينة تدمر والاثر الشرقي في الفن والعمارة التدمرية اضافة الى ارث النقوش اليونانية والتدمرية بالغ الثراء في تدمر وغيرها.
وأشار الدكتور عبد الرحمن بيطار رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب بحمص في مداخلته بعنوان “الاهتمام الأجنبي والعربي بتاريخ تدمر ولماذا ؟” الى ان الاهتمام الحقيقي الاجنبي بتدمر لم يكن كافيا وظلت تدمر مجهولة في الغرب قرونا طويلة بعد سقوطها وبدأت دراستها الاثرية من وقت غير بعيد نسبيا بينما ظلت لأهل الشرق مثار عجب ودهشة وموضوع تأمل مشيرا الى ان الاجانب رأوا في آثار تدمر عظمة الامبراطورية الرومانية وانتصارها على من يتمرد عليها ونهايته.
بدوره أوضح الدكتور في جامعة البعث نزيه بدور في مداخلته التي حملت عنوان “الأثر الشرقي في الفن والعمارة التدمرية” ان تدمر مملكة سورية ازدهرت في القرون الثلاثة الاولى بعد الميلاد ويشكل العرب جزءا من شعبها ومن اعيانها واللغة المستخدمة هي اللغة التدمرية الآرامية والتي تشوبها الكثير من الكلمات العربية بالإضافة الى اللغة اليونانية مشيرا الى ان أهم مظاهر الأصالة في الفن والثقافة التدمرية هو المحافظة على اللغة التدمرية “الآرامية” واستخدام اللغة اليونانية جنبا الى جنب في النقوش الحجرية.
وبين كل من الدكتور في جامعة البعث عبد المسيح العشي والدكتورة جاكلين طقطق من لجنة التراث في نقابة المهندسين في مداخلتهما المشتركة التي جاءت بعنوان “دراسة في التشكيل المعماري لمعبد بل” ان مدينة تدمر تعتبر من أهم المدن والمواقع السورية واتبع تخطيطها العمراني المعروف الان التخطيط المتبع في العهود اليونانية وهو التخطيط الشطرنجي.
وزخرت مدينة تدمر الأثرية حسب الباحثين بالعديد من الاوابد والمباني المهمة التي تكشف عنها الحفريات والتنقيبات الاثرية وتوالي عليها الكثير من البعثات الأثرية مضيفين.. انه تنوعت الأوابد الاثرية المكتشفة في تدمر وتميزت بالعديد من الآثار كالمباني الخدمية “المسرح والمدافن بأنواعها البرجية والأرضية والمدافن التي على شكل بيوت” والعمارة السكنية.
أما الباحث ميلاتوس جغنون من لجنة التراث بنقابة المهندسين فأشار في مداخلته بعنوان “إرث النقوش اليونانية والتدمرية البالغ الثراء في تدمر” إلى إرث النقوش اليونانية والتدمرية التي تنتشر على الأعمدة وقنصلياتها البارزة في الأمكنة والمباني العامة على مختلف صنوفها وفي المدافن وعلى التماثيل الجنائزية النصفية والأسرة الجنائزية لافتا الى انه يمكن تصنيف النقوش الأثرية الى جنائزية وتكريمية وتكريسية أو تأسيسية ونقوش رسمية ودينية.
بدوره تحدث جميل القيم دليل سياحي من تدمر في مداخلته “طقوس العبادات في المعابد التدمرية” عن التوصيف المعماري للمعبد الذي يحقق حضارة المعبد السوري القديم حيث يتم الدخول الى صحن المعبد بواسطة درج عريض يؤدي الى بوابة فخمة أمامها رواق ولها ثلاثة مداخل.
أما الباحث أيهم آل فخري من المديرية العامة للآثار والمتاحف فاستعرض ما تعرضت له الآثار السورية من سرقات خلال الازمة التي نمر بها ومواصلة الجهود بمتابعة اعادتها الى المديرية بالتعاون مع وزارة الخارجية والانتربول الدولي موضحا انه تمت استعادة نحو 2500 قطعة خلال الأزمة اضافة الى 17 أيقونة من معرة النعمان تم ترميمها وفحصها بطريقة علمية دقيقة أما متحف تدمر فقد تم نقل الكمية الاكبر من القطع الى مقر المديرية العامة للآثار والمتاحف وتم حفظها وتوثيقها بتقنية عالية جدا وبطريقة الكترونية اضافة الى اتخاذ كل الاجراءات التي تحفظ التراث والآثار السورية من النهب والدمار بالتعاون مع باقي المؤسسات الأخرى بهدف حماية الإرث الحضاري السوري.
من جهتها أشارت المهندسة لينا قطيفان مديرة مواقع التراث العالمي بالمديرية الى انه تم تسجيل تدمر على لائحة التراث العالمي عام 1978 كقيمة فنية وقطعة راقية تنم عن عبقرية بشرية خلاقة بكل عناصرها المعمارية بموجب الاتفاقية الصادرة عن اليونيسكو عام 1972 لحماية التراث الثقافي الطبيعي والموقعة عليها سورية في العام 1975 لافتة الى ان سورية تملك ستة مواقع على لائحة التراث العالمي وهي حلب ودمشق القديمة وبصرى وتدمر والقرى الأثرية الاربعين الواقعة ما بين إدلب وحلب اضافة الى قلعتي الحصن وصلاح الدين و 11 موقعا اخر على اللائحة التمهيدية.
ولفت محمد نظير عوض مدير المباني والمواقع الأثرية والتوثيق في المديرية الى توثيق تدمر وجميع مكوناتها في أرشيف المديرية منذ نحو 100 عام مستعرضا بعض الوثائق القديمة التي تشير الى بداية الاعمال فيها من حفر وتنقيب وتوثيق وترميم وغيرها من التشريعات والقرارات الصادرة اضافة الى صور بعض المخططات التفصيلية للمدينة موءكدا استمرار الجهود في اعمال رقمنة جميع الوثائق حيث تم انجاز 80 بالمئة من اعمال التوثيق لنحو 70 ألف وثيقة والاف المخططات وتحويلها من ورقية الى الكترونية.
وأشار الدكتور مراد اسماعيل من جامعة البعث الى الدور التجاري لمدينة تدمر لكونها تقع على ملتقى الطرق التجارية العالمية قديما فقد تم العثور على 30 نقشا تشكر التدمريين على حمايتهم للقوافل منوها بوصول التجارة التدمرية حتى الصين وبتميز التدمريين في عدم اقتلاعهم من جذور حضارتهم السورية رغم تأثرهم ببقية الحضارات التي عاشت بينهم من يونان ورومان وفرس.
وتم في نهاية الندوة توزيع الشهادات على المشاركين بحضور رئيس الجامعة وحشد من الأساتذة والمشاركين.