واشنطن-سانا
اعترف مدير المخابرات العسكرية الامريكية السابق الفريق مايكل فلين بمسؤولية بلاده عن ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي موضحا انه لو لم تقم الولايات المتحدة بغزو العراق لما ظهر هذا التنظيم المتطرف.
وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير اقر في تصريح له الشهر الماضي بأن غزو العراق عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة ساهم في ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي مشيرا بعد مضي نحو 12 عاما على الغزو إلى أخطاء في التخطيط للحرب على العراق.
وأقر فلين قائد العمليات الامريكية الاستخبارية خلال غزو العراق في حديث لمجلة دير شبيغل الالمانية اليوم بان احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها عام 2003 كان خطأ فادحا سيجلب عقابا قاسيا موضحا ان الوصف نفسه ينطبق على القضاء على الحكومة القائمة في ليبيا عام 2011 التي باتت اليوم دولة فاشلة وفقا لفلين.
وأضاف فلين ان الدرس التاريخي الكبير يتلخص بأن غزو العراق استراتيجيا كان قرارا سيئا بشكل لا يصدق.. لن يكون التاريخ متساهلا إزاءنا.
يذكر ان الاحتلال الأمريكي للعراق خلف مآس كشفتها الدوائر الامريكية أو المقربة منها قبل ان تكشفها دوائر رسمية وغير رسمية ووثائق سربت لعشرات المواقع الالكترونية المنتشرة في العالم أشهرها ما سمي وثائق “ويكيليكس” التي أكدت أن القوات الأمريكية كانت تحتفظ بتوثيق للقتلى والجرحى العراقيين رغم إنكارها علنيا لكل ذلك حيث تم الكشف عن توثيق لـ285 ألف ضحية عراقية بينهم 109 آلاف قتيل على الأقل كما أظهرت الوثائق أن قرابة 63 بالمئة من القتلى هم من المدنيين.
وكان الفريق مايكل فلين خدم منذ عام 2004 حتى 2007 في أفغانستان والعراق حيث ترأس المخابرات بالاشتراك مع قيادة العمليات الأمريكية الخاصة.
واشار فلين الى ان الولايات المتحدة كانت دائما تسعى إلى القضاء على الرأس معولة على أن خلفه سيكون أضعف إلا أن ذلك لم يكن صحيحا مؤكدا أن الولايات المتحدة ارتكبت خطأ عندما أخلت سبيل متزعم تنظيم “داعش” الإرهابي أبو بكر البغدادي عام 2004 وقال.. كنا أغبياء جدا إذ لم نفهم حينها مع من نتعامل.
كما انتقد مدير المخابرات العسكرية الأمريكية السابق عدم رغبة الولايات المتحدة بالتعاون في حل الازمة في سورية داعيا الى ضرورة التعاون مع روسيا في محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي وقال.. روسيا قررت التصرف في سورية عسكريا وهذا غير الوضع جذريا ولم نعد نستطيع الحديث عن أن روسيا سيئة ويجب أن تذهب.. هذا لن يحصل.. فلنكن واقعيين.
ولفت فلين الى أنه من غير الممكن القضاء على تنظيم “داعش” من خلال الضربات الجوية فقط معتبرا ان الأمر يتطلب شن عملية برية فضلا عن التعاون البناء مع روسيا.
وأشار الفريق الأمريكي الى أن هناك في كل دولة أوروبية خلية تابعة لداعش.. ومن المحتمل أن يكون الشيء نفسه في الولايات المتحدة.. مازلنا لا نستطيع العثور عليها.
مسؤولان أميركيان يعربان عن قلقهما من مخاطر عودة الإرهابيين الأميركيين إلى بلادهم
في سياق متصل أعرب رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس النواب الاميركي مايكل ماكول عن قلقه من مخاطر عودة الارهابيين الاميركيين الى بلادهم ممن انضموا الى صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق ولا سيما ان نحو 50 إرهابيا منهم عادوا الى الولايات المتحدة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ماكول قوله اليوم ان.. أكثر من 70 من مؤيدي تنظيم “داعش” الإرهابي اعتقلوا في الولايات المتحدة العام الماضي كما تجري تحقيقات في جميع أنحاء الولايات الاميركية بهذا الخصوص محذرا من ان هذا السيناريو هو الذي أدى إلى اعتداءات باريس في 13 الشهر الجاري والتي أسفرت عن مقتل 130 شخصا.
وأضاف ماكول ان مسؤولي استخبارات أميركيين يشعرون بالقلق البالغ من احتمال وضع قنبلة في طائرة متوجهة الى الولايات المتحدة مؤكدا صعوبة وقف هذا النوع من التهديدات مهما بلغ تطور تكنولوجيا التفتيش.
وكانت العديد من الدول الغربية دقت مؤخرا ناقوس الخطر من مخاوف ارتداد الارهاب عليها بعد عودة الارهابيين الذين ساهمت بعض هذه الدول في تصديرهم أو دعمهم فعادوا الى بلدانهم مشبعين بالفكر المتطرف ونفذوا هجمات إرهابية خلفت مئات القتلى والجرحى.
من جهته أكد ريتشارد بور رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ان الخطر لا يزال كبيرا على الرغم من انه لا يوجد حاليا أي تهديد ملموس ومحدد لوقوع هجوم ضد الولايات المتحدة واصفا الحديث عن احتواء تنظيم “داعش” الإرهابي بـ “السخيف”.
وقال بور.. في الحقيقة ان احتواء تنظيم داعش قد يكون ممكنا جغرافيا في سورية والعراق ولكن جهوده على مستوى العالم لنشر الارهاب وارتكاب الاعمال الارهابية لم تضعف.
يذكر أن الولايات المتحدة الاميركية انشأت منذ اكثر من عام تحالفا دوليا ضم نحو 60 دولة بهدف محاربة تنظيم “داعش” وشنت آلاف الغارات الجوية ورغم ذلك واصل التنظيم تمدده وارتفعت نسبة جرائمه البشعة وهو ما دفع العديد من الدول والقوى الى الاقتناع بان واشنطن تريد احتواء التنظيم ورسم حدوده فقط وليس القضاء عليه.