دمشق-سانا
ينطلق المشروع الفني الموسيقي لبشر عيسى من أن الموسيقا أحد الحوامل الأساسية للثقافة وأحد سبل تطوير الوعي والحس الإنساني وارتقاء الأمم والشعوب لكونها من الفنون واسعة الانتشار ولتأثيرها العميق في النفس البشرية.
وعن عمله عازف ترومبيت يقول الموسيقي عيسى في حديث لـ سانا “هدفي كعازف على هذه الآلة أن أقوم بالتعريف بها ومقدراتها وطبيعة الأصوات والأشكال النغمية والألحان الشجية لهذه الآلة العريقة والتي يعود استخدامها في الموسيقا الكلاسيكية إلى أكثر من 400 سنة ويعود شكلها الحالي إلى أكثر من 200 سنة”.
ويتابع عيسى “ينظر جمهورنا بأغلبيته إلى آلة الترومبيت على أنها بوق يصدح في المهرجانات والكرنفالات ومرافق للعروض والمارشات الكشفية والعسكرية وهذا ما يؤكده لي بعض الجمهور الذي يحضر حفلاتي عندما يبدون دهشتهم بما تستطيع هذه الآلة أن تقوم به”.
ويوضح عيسى أنه يستخدم الترومبيت في نشر ما يؤمن به وما يهواه من الموسيقا فهو يحب الموسيقا الكلاسيكية ويدرك تطورها الفكري والجمالي السابق بدرجات كبيرة لموسيقانا الشرقية والعربية مبينا أنه يسعى دوما إلى أن يقدم هذه الموسيقا في أمسيات العزف التي يقيمها على آلة الترومبيت بمرافقة زوجته عازفة البيانو شذى طعمة حيث يقدمان أعمالا موسيقية كلاسيكية مكتوبة للترومبيت أو مقتطفات موسيقية منوعة يحولها ويعيد كتابتها.
ويختار عيسى في أمسياته لالة الترومبيت أعمالا للمؤلفين الغربيين أمثال موتسارت وباخ وبرامز وبيتهوفن وروسيني وهايدن كما يطعم حفلاته دائما ببعض القطع الشرقية والتي تمت كتابتها أو إعادة توزيعها لآلة الترومبيت بمرافقة البيانو لافتا إلى أن هذه الأعمال الموسيقية تمتاز بمحمولها الفكري والجمالي الذي يتجلى في السبك اللحني والنسيج الهارموني المتالف.
وعن مشروعه الآخر في الغناء الجماعي وتكوين كورال يضم أعمارا متنوعة من الهواة يقول عيسى.. “أهدف في مشروعي هذا إلى نشر وتكريس الموسيقا الكورالية والذي تمرست في الغناء والعمل به لمدة تزيد على 15 سنة مع فرقة كورالية أكاديمية احترافية تعتبر الأولى عربيا وهي كورال الحجرة التابع للمعهد العالي للموسيقا كمغن ومدير ومؤلف وموزع ومدرب وقائد بإشراف أحد أفضل الموسيقيين العالميين وهو البروفيسور الروسي الراحل فيكتور بابينكو”.
وتابع الموسيقي عيسى.. “أسست مؤخرا فرقتي الكورالية الخاصة والتي تحمل اسم كورال أرجوان في مدينة طرطوس حيث بدأت مع مجموعة من الشبان والشابات أولى التدريبات في 11 تشرين الثاني الحالي”.
ويوضح أنه يصبو في عمله الكورالي إلى ما يسميه “كورلة الموسيقا العربية” أي تأليف وتوزيع بعض الأغاني العربية إلى عدد من الأصوات بإضافة البعد الهارموني على اللحن الشرقي واستخدام خبرته الكورالية الغنائية في تدريب وتطوير الحنجرة البشرية لأداء الغناء الكورالي الموزع وتقديمه باللغة العربية.
ويعتبر عيسى أن العمل مع الموسيقيين الأكاديميين أسهل وأسرع نتيجة ولكنه يعول في عمله مع الهواة على شغفهم بالموسيقا والغناء ولا سيما أولئك الذين يمتلكون الموهبة والذين لم تسمح لهم ظروفهم أن يتعلموها بشكل أكاديمي مؤكدا أن العمل الكورالي يكرس النمط الجماعي في خدمة الموسيقا سواء أكان ذلك مع هواة أم أكاديميين.
ويوضح أن الكورال بمصطلحه العلمي الموسيقي المعاصر هو أحد أشكال الغناء الجماعي متعدد الأصوات والذي يتم فيه توزيع الموسيقا المكتوبة أصلا وفق نسيج هارموني على مجموعات الكورال مع تقسيم المغنين إلى مجموعات صوتية بحسب طبيعة طبقات الصوت البشرية.
ويشرح عيسى أن طبقات الصوت تنقسم إلى نوعين للنساء والرجال وفيما يخص الأصوات النسائية فهناك طبقة سوبرانو المرتفعة والتو وهي الطبقة المنخفضة أما للرجال فهناك طبقة تينور المرتفعة وطبقة باس المنخفضة وعندما تغني المجموعات كلها يكون لكل مجموعة صوتية نغمة وطبقة ومسار لحني مختلف عن الباقي وتكون النتيجة نسيجا هارمونيا يضفي على الموسيقا ثراء وجمالا مميزا.
والكورال حسب عيسى نمط جديد على ثقافتنا الموسيقية المحلية والشرقية والعربية وباستثناء بعض التجارب النادرة للرحابنة وزكي ناصيف وتوفيق الباشا فإن استخدام جموع المغنين لدينا اقتصر على توظيفها كحالة وأسلوب تلويني للصوت باستخدام صوت ولحن واحد ومن ذات الطبقة أو كخلفية لصوت المغني ولذلك سميت جماعة الكورال في الموسيقا العربية رديدة.
ويخلص عيسى إلى نتيجة مفادها بأن الكورال بحد ذاته فرقة موسيقية كاملة يستطيع أن يغني بمفرده ألحانا ونغمات مختلفة بنفس الوقت وأن يكون البطل الوحيد على المسرح حيث تسمى هذه التقنية في الغناء في المصطلح الموسيقي أكابيللا أي الغناء دون مرافقة موسيقية آلية.
يذكر أن الموسيقي بشر عيسى عمل لمدة 14 سنة في كورال المحترفين الأكاديميين في كورال الحجرة التابع للمعهد العالي للموسيقا منذ العام 2000 كمغن من طبقة تينور وكمدير إداري وفني ومساعد للبروفيسور بابينكو كما ألف ووزع له العديد من الأغاني والقطع الموسيقية الغنائية وقاد الكورال ودربه بين عامي 2013-2014 وشارك معه في أكثر من 70 حفلة وأمسية موسيقية في سورية والوطن العربي والعالم.
كما أن عيسى خريج المعهد العالي للموسيقا باختصاص رئيسي في العزف على آلة الترومبيت واختصاص ثانوي في العزف على آلة العود وهو عازف على هذه الآلة في الفرقة السيمفونية الوطنية وأوركسترا الجاز السورية وأستاذ مادتي علم الجمال وفلسفة الفن وفلسفة الموسيقا في معهد الموسيقا وشارك بالعديد من الدورات التدريبية الاختصاصية في قيادة الكورال والأوركسترا وفي التعليم والتأهيل الموسيقي للأطفال مع مؤسسات موسيقية عالمية ويحمل إجازة جامعية وشهادة ماجستير في الهندسة المدنية وله العديد من المقالات حول الفن والموسيقا وفلسفة الفن في عدة مجلات وصحف.
محمد سمير طحان