S A N A الوكالة العربية السورية للأنباء
دمشق-سانا
تناولت المحاضرة التي ألقتها الدكتورة لبانة مشوح في قاعة المحاضرات بمجمع اللغة العربية اليوم بعنوان “الماء في ثقافة الشعوب” المكانة الرفيعة التي يحتلها الماء في حياة البشر وثقافة الشعوب عبر التاريخ.
وأشارت مشوح في محاضرتها إلى جدلية العلاقة بين الثقافة والتي تتجلى في أساطير الشعوب وآدابها وما انعكس منها على طقوسها وعاداتها وتقاليدها وفنونها بمختلف أشكالها ومدارسها مبينة أن الماء عنصر أساس في الثقافات القديمة يشكل إحدى ركائزها الغارقة في الرمزية.
وبينت عضو مجمع اللغة العربية أن الإنسان القديم أدرك أهمية الماء في وجوده بل جعله أصل الكون والحياة والأشياء إلا أن حدود معارفه الضيقة دفعته لأن يربط ظواهر الكون التي تحييه حيناً وتدمره أحياناً بقدرة خارقة فكان للماء في العقائد القديمة عدد من الآلهة اختص بعضها بالأنهار وبعضها الآخر بالصواعق والبحار والغيوم والمطر.
وتابعت “من طبيعة الأمور وبديهياتها أن يقترن الماء بالخصوبة وأن يتماهى في ثقافات الشعوب وأساطيرها بالمرأة رمز الخصوبة ومنبت الحياة حيث اكتشف تمثال بمدينة ماري لآلهة الينبوع كما مجد المصريون القدماء نهر النيل كواحد من آلهتهم وسموه الإله “حابي” وتمثلوه في صورة رجل امتلأت يداه بالخيرات”.
وعن ارتباط الماء بمعجزات الاستسقاء والاستشفاء اشارت الدكتورة مشوح إلى تبوء الماء في الديانات السماوية الثلاث المكانة الرفيعة التي يستحق فعد أحد أسرار الحياة وهبة الله ونعمته ووسيلة الإنسان للتطهر والاستشفاء والاحتماء ورمز التجدد مبينة أن الماء أصل الحياة حيث تتجلى العلاقة التلازمية بين الماء والحياة في قوله تعالى “وجعلنا من الماء كل شيء حي”.
وذكرت أن اللغة العربية هي واحدة من أكثر اللغات التي كرست بفصاحة بالغة ذاك الرابط الوثيق بين الماء والحياة فنجد الماء والخصب والحياة مختزلة في كلمة واحدة هي “الحيا” والتي تشترك في جذرها مع الحياة.
يشار إلى أن الدكتورة لبانة مشوح من مواليد مدينة دمشق عام 1955 حاصلة على درجة الدكتوراه في اللسانيات العامة من جامعة باريس الثامنة شغلت منصب وزيرة الثقافة وترأست أقسام اللغات الفرنسية والإسبانية في جامعة دمشق فضلا عن ترؤسها قسم الترجمة الفورية في المعهد العالي للغات وهي عضو في مجمع اللغة العربية بدمشق وعضو اتحاد المترجمين العرب حاصلة على وسام السعفة الأكاديمية برتبة فارس من الحكومة الفرنسية عام 2006.
