اللاذقية-سانا
القى المخرج المسرحي لؤي شانا محاضرة بعنوان أبو خليل القباني وولادة المسرح العربي ضمن فعاليات مهرجان الثقافة الأول الذي تقيمه دار الأسد للثقافة باللاذقية بمناسبة ذكرى تأسيس وزارة الثقافة في سورية قدم خلالها تمهيدا عن ولادة المسرح في العالم.
وأوضح شانا ان المسرح بأشكاله البدائية ظهر مع البدايات الأولى لتشكل الوعي الانساني حيث بدأ الانسان يتجاوز صراعه مع قوى الطبيعة والكائنات الحية الاخرى من أجل البقاء فبدأ الفكر الانساني يصنع آلهته ويشكل لها مجالس ارباب وانبثق عن هذه العلاقة بين الانسان والآلهة طقسا احتفاليا دينيا ولعل ابرز
ما شكل هذا الطقس الديني هو الرقص اولا والانشاد ثانيا وقد تطور بالتزامن مع تطور الفكر الانساني أدى بينما بعد الى ولادة الاشكال الاولى للمسرح .
وتابع .. كانت الحضارة الاغريقية المهد الذي نشأ فيه المسرح حيث برز العديد من الكتاب المسرحيين الذين نهلوا معظم اعمالهم من الملاحم والأساطير الاغريقية ولا سيما الالياذة والاوديسة وهكذا بدأ المسرح يتطور عبر الحضارات المتعاقبة ليصل الى شكله الحالي معرفا المسرح بأنه هو فن محاكاة الواقع وليس تصويرا توثيقيا له وانما هو إعادة صياغة هذا الواقع باطار فني مبتكر.
واعتبر شانا ان ظهور المسرح يجب ان يرافق بظهور النص المسرحي المتكامل ويرى ان الولادة الأولى للمسرح العربي قامت على اكتاف رجالات الفكر التنويري الذين كانوا امتدادا لمشروع النهضة العربية وهم رواد المسرح العربي المتكامل امثال مارون النقاش وجورج ابيض من لبنان ويعقوب صنوع من مصر وابو خليل القباني وهو دمشقي اسمه الحقيقي “أحمد آقبيق” معتبرا ان القباني هو واضع حجر الاساس لولادة مسرح عربي.
واعتبر شانا ان ابو خليل القباني رائد المسرح العربي بلا منازع وسيرته الذاتية كانت مميزة فقد عانى الكثير من ظلم الاشخاص المحافظين الذين لم يتقبلوا الفكر الذي كان يقدمه أبو خليل القباني وحاربوه وأوقفوه عن العمل بفرمان من السلطان العثماني فخرج الى مصر وازدهر فنه غير انه حورب هناك من اصحاب الكار نفسه فحرقوا مسرحه وعاد الى دمشق عام 1900 ميلادي ومات بعد ثلاث سنوات بالطاعون.
وبين شانا ان ابي خليل القباني لم يكن مخرجا وممثلا ومؤلفا فقط بل كان ملحنا موسيقيا ومن اعلام رقصة السماح في الوطن العربي وكان له الفضل في وضع اسس المسرح التمثيلي حتى اصبحت الاغنية جزءا من العرض المسرحي وبرع القباني في الموسيقا ونغماتها واوزانها واحاط بقوالب الغناء العربي وخاصة الموشحات كما اجاد كتابة الشعر والزجل .
ولحن القباني بحسب شانا مجموعة من الاغاني الشعبية ومن اشهر هذه الالحان التي لا تزال حية حتى الان “يا مال الشام” – “يا مسعدك صبحية”- “يا حالي عالبدوية”- “ياطيرة طيري يا حمامة” تاركا ارثا كبيرا من المسرحيات ورغم انه لم يبق منها كإرث مادي مكتوب أو كنص كامل سوى ثمانية مسرحيات منها “هارون الرشيد مع الأمير غانم بن أيوب” و “قوت القلوب” -” الامير محمود نجل شاه العجم” .. “هارون الرشيد مع انس الجليس”.. “عفيفة” “عنتر بن شداد” .. “لباب الغرام” ..موضحا ان القباني ترك ارثا فنيا غنيا في مختلف صنوف الفن.