موسكو-سانا
أكد باحثون وخبراء سياسيون أن التجارب التي مرت بها دول من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تثبت أنه لا يمكن تسوية الوضع في سورية والحفاظ على الدولة السورية دون القضاء التام على التنظيمات الإرهابية المنتشرة على أرضها.
وقال رئيس مركز الدراسات الدولية في جامعة العلاقات الدولية التابعة لوزارة الخارجية الروسية أندريه كازانتسوف في حديث لمراسل سانا في موسكو.. “لا يمكن التهاون مطلقا مع إرهابيي تنظيمي داعش وجبهة النصرة وتنظيمات القاعدة الأخرى لأن وجودهم يعيق إجراء أي إصلاحات اقتصادية أو سياسية أو حتى إدارية” مضيفا.. إن الحوار حول مستقبل سورية ممكن فقط مع مجموعات المعارضة التي ترفض كل أشكال الإرهاب وتحاربه وتقبل بالحوار مع الحكومة السورية دون شروط مسبقة أما الإرهابيون فلا يمكن إجراء أي محادثات معهم لعدم وجود أي مبرر للحديث معهم وهذا ما أثبتته التجارب الدولية المختلفة.
وأشار كازانتسوف إلى أن اجتماعات فيينا تركز على توسيع قاعدة محاربة الإرهاب موضحا أن هناك خلافات بين ممثلي الدول المجتمعة هناك حول إجراء الاصلاحات في سورية ويلاحظ في هذا السياق التحول الحذر في موقف الولايات المتحدة من القيادة السورية ما يدل على وجود أسس معينة للحوار بين هذه الأطراف مضيفا.. إنه لا بد من فتح حوار مع الأطراف المعارضة التي تقبل به ومواصلة القتال ضد التنظيمات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة وغيرهما من جهة أخرى.
بدوره أشار الباحث الأفغاني في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية عمر نصار في حديث مماثل إلى أن تجربة أفغانستان على مدى ثلاثة عشر عاما تثبت أنه لا يمكن إحلال السلام أو إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية في البلاد ما دام الإرهابيون منتشرين فيها مؤكدا أنه لا يمكن الحديث عن أي عملية سلام أو حل سياسي يوفر السلم والاستقرار ومقومات الحياة الطبيعية للسكان الآمنين ما لم يجر حل المسألة الأمنية بحيث يصبح المواطنون قادرين على التنقل وممارسة أنشطتهم.
وشدد نصار على “أن المهمة الأولى في سورية يجب أن تنحصر في القضاء على التنظيمات الإرهابية ثم البدء بالعملية السلمية لتطبيع الحياة في البلاد وهذا ما أكدته تجربة أفغانستان التي مازالت تعاني حتى يومنا هذا من انتشار الجريمة المنظمة على أيدي المجموعات الإرهابية والمتطرفة التي لم يتم القضاء عليها نهائيا”.
من جهته أكد المحلل السياسي الإيطالي جوليتو كيزا تأييده لقرار روسيا مساعدة سورية عسكريا وقال.. إن “المسؤولين الروس يدركون جيدا أنه إذا لم يتم توجيه ضربة موجعة للإرهابيين فلا يمكن البدء بأي عملية سياسية لذا يجب قصم ظهر الإرهاب أولا والقضاء على داعش كليا لأنه طالما بقي الإرهاب موجودا فلا وجود للسلام في سورية”.
وأوضح كيزا أن القضاء على داعش والمجموعات الإرهابية الأخرى يعني وضع حد لتدخل السعودية وقطر في شؤون سورية إذ أن هاتين الدولتين هما الممولان الرئيسيان للإرهاب مشيرا إلى أنه لمعرفة ماهية تنظيم داعش ينبغي معرفة من يموله حيث أن جيشا يزيد قوامه على السبعين ألف مسلح يدل على أن مبلغا كبيرا من الأموال يغدق عليه يأتي من أولئك الأغنياء المتخمين بالأموال مثل السعودية وقطر والولايات المتحدة.
وأشار كيزا إلى أن الاستخبارات السعودية هي فرع لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وقال.. إن “الأمريكيين على اطلاع جيد بما يجري في سورية ويشاركون في إدارة ما يجري فيها كما أن إسرائيل أيضا تساعد الإرهابيين”.
وأكد كيزا أنه أصبح واضحا أنه لا يمكن الحفاظ على الدولة السورية إلا في حال القضاء على المجموعات الإرهابية مثل داعش وغيرها مشددا على أنه لا يمكن محاربة هذه التنظيمات الإرهابية بالإيحاء كما يقوم بذلك التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي يقول بأنه يحارب داعش ولكنه خلال سنة جعل هذا التنظيم يتمدد أكثر وينتشر في مناطق أوسع.
ولفت كيزا إلى أن القرار الروسي بالقيام بعملية جوية في سورية كان مفيدا إذ فتح السبيل للتوصل إلى تسوية الوضع فيها بمساعدتها الحكومة الشرعية والرئيس الشرعي وقال.. “نأمل في أن تكون أوروبا قد فهمت ذلك على الرغم من أنها لا تريد أن تفهمه حتى الآن”.
وفي هذا الصدد أشار كيزا إلى التضليل الإعلامي الذي تمارسه وكالات الأنباء العالمية حول الوضع في سورية وقال.. إن “الكثير من الشعوب الأوروبية على دراية بحقيقة الأمور الجارية فيها لكن مع ذلك الأغلبية مغيبة ولا تصلها الأنباء الواقعية لذلك هي غير قادرة على التعبير عن آرائها لأن المشكلة تكمن في عدم وجود منظومة مركزية للأنباء لإطلاع المواطن الغربي على الحقيقة البعيدة عن التضليل الإعلامي”.