اللاذقية-سانا
يأتي ملتقى النحت على الحجر الذي تستمر أيامه في اللاذقية كختام لسلسلة ملتقيات فنية استضافتها المحافظة خلال العام الحالي تحت عنوان /أغافي/ تكريسا لأسطورة الفتاة التي قدمت روحها للإله زيوس لإنقاذ شعبها من الكوارث من جهة ولنشر الثقافة البصرية على أوسع نطاق جماهيري ممكن من جهة ثانية.
وأوضح الفنان عماد كسحوت مدير الملتقى أن هذه الملتقيات تندرج ضمن اتفاقية بين وزارتي الثقافة والسياحة لإقامة تظاهرات فنية متنوعة من نحت على الخشب وتصوير زيتي ونحت على الحجر تحدث حالة تواصل مباشر في الهواء الطلق ما بين النحات والجمهور.
واضاف.. تمت دعوة عشرة فنانين من مختلف انحاء سورية للمشاركة في هذا الملتقى الذي يضم اسماء مهمة جدا تركت بصمتها في تكوين هوية النحت السوري بالإضافة لمشاركة فنانين شباب يحاولون اثبات وجودهم ليكونوا رافدا للحركة التشكيلية ولا يمكن ان ننكر ان كل مادة من الفنون لها خصوصيتها فالنحت على الحجر له شروط تختلف عن غيره نظرا لقساوة العمل فيه والحاجة لخامات معينة يسهل على النحات التعاطي معها.
لم يفرض على المشاركين في الملتقى موضوع معين للعمل بل تركت لهم حرية اختيار العنوان الذي يرغبون بتنفيذه على الكتل الحجرية التي قدمتها وزارة النفط من مقالع كسب وسينفذ كل فنان عملا نحتيا واحدا ويرى الفنان كسحوت ان النحات هو ابن بيئته وحكما سيتأثر بالوضع العام وهذا ما سيطلع عليه الجمهور في المعرض الذي سيقام في ختام الملتقى.
وتابع.. نحن ننشر ثقافة ستصبح في المستقبل فكرا وفنا سيعتاد عليه الناس في حياتهم فالعين تألف كل شيء جميل وهذا ما نسعى لترسيخه بمساعدة جميع الجهات المعنية ولا سيما الاعلام الذي يلعب دورا كبيرا في الترويج لغايتنا هذه فنحن نسعى في المرحلة القادمة لإقامة مهرجانات اكثر اتساعا فلن نقف عند سلسلة ملتقيات /أغافي/ لهذا العام فاحتمالية المتابعة في العام القادم كبيرة جدا.
وتحدث النحات أكثم عبد الحميد عن أهمية هذه الملتقيات التي تتيح للجمهور ملاحظة تطور الكتلة الفنية لتأخذ مسارها الجمالي لفهم هذا النوع من الفنون والتواصل معه بشكل صحيح معتبرا انها فرصة ليقول النحاتون كلمتهم بوجه القوى الظلامية التي تسعى لإلغاء الحضارة الانسانية وأضاف .. نعمل في ظروف لوجيستة صعبة تتعلق بتوفر الكهرباء وعوامل الطقس فالأمطار تعطلنا بشكل متكرر لكن هنا تبرز خبرة النحات في تطويع الظروف والتعاطي مع المادة واكتشاف جودتها ومفاجاتها من عروق وانكسارات غير متجانسة توءذي العمل بأكمله لكن كل مشكلة لها حل بالمجمل ونحن كنحاتين قدماء نحاول تقديم خبرتنا للشباب المشاركين ليتجاوزوا هذه الصعوبات ويتعاملوا مع هذه المشاكل بحرفية عالية ومن ناحيتي اخترت الحديث في عملي عن الهجرات السورية وأردت تحميله ملامح تراثية وفكرية يفقدها السوريون بشكل تدريجي بعد الرحيل.
أما النحات ياسر صبيح فقد أشار الى ان انخراطه في العمل على الوجوه بشكل تعبيري يشير لحالات انسانية يمكن لكل متلقي ان يفسرها حسب وجهة نظره لافتا الى ان الحجر الذي يتعامل معه من النوع البدروسي جيد الترخيم بالمقارنة مع انواع اخرى وستظهر مهارة النحات في انهاء العمل الذي يحتاج تحايلا ومرونة كبيرة.
ويجد صبيح ان هذه الملتقيات هي فرصة للنحاتين السوريين غير القادرين على السفر للمشاركة في الخارج ليكونوا بالقرب من اجواء الملتقيات الجماعية ويسهموا باستمرار الحياة الثقافية والحركة الفنية في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
وأوضح صبيح ان مستويات الفنانين السوريين في مجال النحت عالية ومشاركتهم ستغني الملتقى كل بأدواته وخلفيته الفنية ولعل ضيق الوقت يمكن ان يتحكم بالفكرة ويحدد مسار نموها لكن خلق مناخ انساني مضاد للتشوهات الفكرية التي نتعرض لها هو هدفنا.
كذلك بين النحات انور رشيد الذي أتى من السويداء ان الملتقيات هي حلقة من سلسلة ثقافية سورية لا بد من تكريسها فأشخاص كثر لا يعرفون كيفية تشكل المنحوتة التي يتعاملون معها على انها مجرد تمثال او صنم لكنها في الحقيقة عمل ابداعي متكامل منوها بأن نوعية الحجر حددت له فكرة العمل الذي أتى من مخزونه الثقافي فقرر تنفيذ بورتريه لوجه امرأة استقى عنوانه من اسم الملتقى وروح الاسطورة.
وتابع.. أعادنا الشباب المشاركون لبدايتنا الأولى وخوفنا من الحجر وضخامته وهنا يأتي دورنا لتشجيعهم والوقوف الى جانبهم من خلال حوارات تحصل بيننا وبينهم واعتقد في الختام أننا سنقدم منحوتات جميلة تبرز اسلوب كل منا ومدرسته ونأمل أن تعجب الجمهور الذي ننتظر زيارته لنا ليطلع على ما نقوم به.
الشباب المشاركون في الملتقى مستمرون بدورهم في اعطاء افضل ما لديهم للتعامل مع الكتل الحجرية الموجودة امامهم للخروج بأعمال فنية ترضي تطلعاتهم فالشاب احمد قاشة الذي يدرس حاليا في كلية الفنون الجميلة يرى ان وجوده مع خبرات كبيرة كالتي تشارك في الملتقى ستمنحه الكثير ولا سيما في طريقة التعاطي مع حجر بهذا الحجم واضاف.. سأعمل على تشكيل هندسي فيه تكعيب وفراغات داخل الكتلة وسأستخدم حجرا اخر اضافيا لتكوين نساء بصيغة قريبة ل/اغافي/ وسأطوع تجربتي في مشغل والدي الفنان جميل قاشة لأنجز الفكرة بشكل واقعي قريب لتصوري وتظهر اسلوبي الخاص في النحت على الحجر.
يذكر ان ملتقى /اغافي/ للنحت على الحجر المقام في ساحة معهد الفنون التشكيلية والتطبيقية في اللاذقية انطلق في الثاني والعشرين من الشهر الجاري ويستمر حتى الثالث من الشهر القادم بمشاركة كل من النحاتين عماد كسحوت/أكثم بعد الحميد/محمد بعجانو/أبي حاطوم/أنور رشيد/ياسر صبيح/منتجب اليوسف/أحمد قاشة/علي خضر/ربا الكنج/.
ياسمين كروم-مي قرحالي