الشاعر محي الدين محمد: نحتاج لثقافة يرتفع فيها الإيقاع الوطني

دمشق-سانا

نحن الآن بحاجة إلى ثقافة تحمل أصواتا لغوية مشحونة بجرس موسيقي يرتفع فيه الايقاع الوطني على ما عداه وتجديد القوانين الأبدية عبر الاجيال الجديدة التي تعشق الجمال وتتبنى القيم الوطنية والانسانية بمشاعر قومية صادقة.

هذا ما قاله الشاعر محي الدين محمد في حديث لسانا مضيفا يجب أن يكون الفرح طاغيا على أدوات الفعل الثقافي وهو الطريق الذي يوصلنا إلى حياة آمنة تنتهي فيها الأزمات على كل صعيد وتنتصر الإرادات الخيرة بوجود ثقافة بأبعاد حضارية وانسانية كانت عنوانها منذ العصور الأولى لولادة الكلمة.

وحول قدرة الشعراء على التعريف بأنفسهم من خلال اعمالهم أكد محي الدين انه من حيث المبدأ الامر صحيح ولكن حديث أي شاعر عن نفسه فيه شيء من الخصوصية احيانا وقد يحتاح الى الاعتراف باشياء كانت مخباة في محصلة ماضية.

وتابع قائلا لا بد للنص من الصدق الفني عبر رؤية جمالية بعيدا عن المحاكاة او التقليد حتى في حالة انتاج الوهم/الحلم الشعري/ وتحويله الى نسيج لغوي بلباس الشاعر الذي اخترق اعتاب المجهول واستقدم منه خرائط للعبور نحو واقع جديد تنتعش فيه ثقافة النص الشعري في علاقته مع الزمان والمكان والحياة بشكل عام.

وعرف شاعرنا محي الدين مسقط رأسه بقوله اني مواطن ريفي من مواليد قرية / جبل حمد / المرتفعه /750/ مترا عن سطح البحر وتبعد عن مدينة طرطوس الى جهة الشمال الشرقي نحو /45/ كم. واضاف ما زلت اعيش زمن قريتي الداخلي وتطاردني امكنتها وتحاورني اشجار زيتونها وكنت مع ابناء جيلي نتقافز على بيادرها ليلا حيث حاكت النجوم من حولنا لغة اخرى لم يكن يدري بها احد منهم سواي انا المتطفل على اشيائي واللاجئء الى انظمة الاشارات التي رفدتني بها لغة الطيور وكأنني ذلك الحاج الذي يطوف سبع مرات حول مقامه السري وقد تحول الى كائن اخر في طقس الغفلة المفاجئة ويختار العزلة بنقاهة شبه صوفية لتولد تلك القصيدة.

وأضاف شاعرنا أحببت المطالعة في سن مبكرة وحفظت الكثير من الشعر ولاسيما الجاهلي منه وكنت معجبا بالاعشى وامرؤ القيس والنابغة الذبياني والخنساء وفي المرحلة الجامعية قرأت كل ما وقع بين يدي من كتب فكان جبران خليل جبران و محمود درويش ونزار قباني وادونيس الذي شدتني لغته في وعي القضايا الفردية المستقلة والجماعية بتعبيرات اشارية داخل مشهده الثقافي الكوني.

وأوضح محي الدين في معرض الحديث عن التيارات الشعرية التي تسود فيها وجهات نظر مختلفة ان الشعراء نوعان الأول يتذكر والآخر يبتكر ومن يبتكر هو الأغنى في تفكيك الأرضية اللغوية وإعادة صياغتها شعرا بما يليق ومقام الرؤية واذا ما ارتبط النص الشعري بخيال روحي لابد له من ان يترك اثرا في وجدان المتلقي ولا يهم بعد ذلك بأي شكل كتبت القصيدة.

وتابع إذا كانت القصيدة النثرية تنتظر انقلابا فنيا وثقافيا فانا لست مع الرأي الذي يعتبرها وافدة وقد شهدت تجربة بعض شعرائها تطورا حيث تركت نصوصها الناضجة استفزازا داخليا وخارجيا ولكنها تعاني من بعض التدهور والتراجع الذي يتخبط فيه الكثيرون من انصارها لانهم في الاساس لم يجربوا كتابة القصيدة الموزونة فالموسيقا هي عنصر هام في مركب القصيدة.

وبين أن النقاد المهتمين في المستوى البنائي للنص الشعري يعتبرون ان على الشعراء امتلاك مركب معماري تقوده اللغة في اختبارات عفوية ذات تشكيل ابداعي غني على صعيد العلاقة بالاطياف الملونة كلها في اتكائها العصري على الحدود البعيدة.

وحول مستقبل الشعر العربي في ظل ما نشهده اليوم من واقع مأزوم رأى الشاعر محمد انه لا بد من الاشارة مع هذا التحول الاستثنائي في المناخ العربي الى ان الصورة انعكست في رقصات رمادية داخل المشهد الثقافي العربي ولاسيما الشعري منه حيث بردت نقاوة اللغة لكن الشاعر الملتزم الذي يملك مفتاح الجنة الارضية لا يمكنه ان يقف حائرا او راقدا في الكهوف بل عليه ان يتكيف ليردد مع ايليا ابو ماضي في دعوته الى ترك التقاعس والبحث عن الجمال في الحياة /كن جميلا ترى الوجود جميلا/.

واخيرا قال الشاعر محي الدين محمد “اعترف انني مقصر في نشر ما اكتبه لاسباب كثيرة اهمها التسويق المجاني وعدم الاهتمام بالنشر بوجود تقنيات الاتصال الحديث على حساب القراءة في الكتاب وصدر لي حتى الان /7/ مجموعات شعرية ومنها ديوان هو نشيد الزيت المر وقد اعتمدته احدى الدارسات في رسالتها للماجستير عن شعراء الحداثة السوريين وثمة كتب اخرى تناولت فيها دراسة شعراء حمل احدها عنوان /راهب في الجهات الدافئة /و/حرائق الجنون /وهو مجموع ما نشرته من مقالات في الصحافة السورية والعربية.

وهناك كتابان آخران احدهما شعري /خريف المرايا/ والثاني مقالات بعنوان /سلة كليوباترا / وثمة كتاب نقدي جاهز للطبع بعنوان /حضارة النص المعاصر/.

كوثر دحدل

انظر ايضاً

قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع يلتقي وفداً من الأدباء والشعراء السوريين

دمشق-سانا التقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع وفداً من الأدباء والشعراء السوريين بدمشق.