يبدو أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ما زال يراهن على الإرهابيين لتغيير الخريطة السياسية في المنطقة والعالم وذلك في كلام صريح قبل يومين عن «فشل» الاستراتيجية الروسية في دعم الدولة السورية، لكن تلك التصريحات التي يرددها أوباما وغيره من مسؤولي الإدارة الأمريكية لن تزيد الروس إلا تمسكاً بخيارهم الإنساني الذي يؤكد احترام مبدأ سيادة الدول ورفض النيات المبيتة للإدارة الأمريكية بتغيير الأنظمة التي تخالف سياساتها بقوة السلاح وإصرارها على إنهاء كيانات الدول الوطنية وهذه أيضاً سياسات مرفوضة من الدولة والشعب والجيش العربي السوري الذين يدافعون عن خيارات الشعوب المستضعفة، فيما لم يخفِ المسؤولون الروس حقيقة موقفهم من الأزمة في سورية وفي استمرار دعمهم لسورية، ذلك لأن هذا الدعم يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة ومع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، حيث أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف مراراً أن الجيش العربي السوري هو القوة الأهم في محاربة «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية التكفيرية، وبالتالي فإن تصريحات أوباما المشككة بنجاعة الموقف الروسي تجاه سورية هي تأكيد جديد بأن الإدارة الأمريكية غير جادة بمكافحة الإرهاب على الرغم من تشكيلها «تحالفاً» لمحاربته.
لقد أكدت الوقائع وبعد أكثر من عام على تشكيل ذلك «التحالف» أن الضربات الجوية لم تؤثر في تمدد تنظيم «داعش»، وأن القوى التي تدعمها أمريكا وتسميها «المعارضة المسلحة المعتدلة» بحجة مكافحة الإرهاب ما هي إلا امتداد لتنظيم «القاعدة» وأن سلاحها وإرهابييها يحاربون الآن في صفوف «جبهة النصرة» أو «داعش» أو في تنظيمات لا تقل إجراماً عن هذين التنظيمين الإرهابيين.
ومن هنا تأتي تأكيدات المحلليين السياسيين بأن تعزيز الوجود الروسي في مياه المتوسط وإجراء المناورات العسكرية هو تأكيد روسي آخر بأن روسيا لن تتهاون في دعم جميع القوى العسكرية والسياسية التي تحارب الإرهاب في سورية والمنطقة، وهو أيضاً للحيلولة دون نشوب حروب جديدة من دول المنطقة على الشعب السوري، ذلك لأن روسيا التي حرصت عبر تاريخها على استقرار الأمن والسلم الدوليين لن تتوانى عن ردع أي مغامرات عسكرية من واشنطن وحلفائها لزعزعة الأمن واستباحة شعوب العالم.
ومن هذا المنظور فإن سورية وجيشها وقيادتها وحلفاءها وأصدقاءها مستمرون في مواجهة الإرهاب حتى اجتثاثه والقلق الأمريكي وقلق بعض الأطراف المرتبطة بالمشروع الأمريكي ـ الإسرائيلي من الموقف الروسي الحازم تجاه العربدة الأمريكية، هو قلق على مصير الإرهابيين، وهو موقف مشبوه لم يعد يخفى على أحد.
بقلم: محي الدين المحمد