طرابلس-سانا
تتقاسم الميليشيات المسلحة السيطرة على ليبيا منذ غزو حلف شمال الأطلسي لها في عام 2011 وانهيار الدولة فيها بشكل تام ولكن حدود هذه السيطرة ليست ثابتة مع تنوع ولاءات المجموعات المسلحة وتبعيتها السياسية ورغبتها بالتوسع والهيمنة والاستفادة من جو الفوضى والعنف وانقسام البلاد بين حكومتين وبرلمانين متنافسين.
وذكرت العديد من وسائل الإعلام الليبية أن هذه المجموعات المسلحة بدأت تلجأ بكثرة خلال الفترة الأخيرة إلى ممارسة عمليات الاختطاف من أجل المطالبة بالحصول على فديات لتمويل جرائمها وتعويض نقص مواردها.
وبحسب المصادر الليبية فإن “الميليشيات التابعة للاخوان المسلمين التي تحتل مدينة طرابلس منذ آب عام 2014 تعاني من نقص السيولة المالية الأمر الذي تسبب بعدم دفع الرواتب المستحقة للموظفين من 4 أشهر وحتى أكثر في بعض الأحيان”.
وشهد مورد البلاد الاول وهو قطاع النفط تراجعا كبيرا في الانتاج والتصدير بسبب العنف والفوضى الأمنية واستمرار الاشتباكات المسلحة قرب آبار الإنتاج حيث انخفض معدل الانتاج إلى أقل من 400 ألف برميل يوميا بما يعادل ربع إنتاج البلاد قبل عام 2011.
وتؤكد مصادر ليبية أن قادة الميليشيات ومعظمهم مهربون سابقون ومجرمون أعطوا الضوء الأخضر لأنصارهم من أجل تأمين وقود الحرب وهو المال بأي طريقة حيثما وجد وهو ما فسر تجدد ظاهرة الخطف التي تستهدف الرعايا العرب والأجانب والليبيين دون استثناء في الآونة الأخيرة من أجل المطالبة بفديات مقابل اطلاق سراحهم.
وقال شاب اختطف من قبل ثلاثة مسلحين ملثمين اقتادوه نحو مزرعة معصوب العينين.. “إنه لم يأكل خلال يومين سوى رغيف خبز وقطعة جبن قبل أن يأتي رجل ويطلب منه الاتصال بأصدقائه حتى يجلبوا 1000 دينار ليبي مقابل اطلاق سراحه”.
وأضاف المختطف “إن المبلغ المطلوب يعادل مرتبات أشهر عدة لم يكن بالإمكان توفيرها وهو ما اضطر الخاطفين إلى القبول بمبلغ 500 دينار”.
ودارت مؤخرا اشتباكات مسلحة عنيفة بين فصيلين متناحرين في مدينتي الزاوية وجادو غرب البلاد سببها وفقا لمصدر مطلع السعي لإحكام السيطرة على حي صلاح الدين الذي يتردد عليه عمال أفارقة ومصريون وتونسيون وآسيويون وما يشكله هؤلاء من تجارة مربحة لهذه الميليشيات التي تفتقر إلى مصادر تمويل.
وذكر تاجر ليبي يقطن الضاحية الغربية لطرابلس أن ابنه البالغ من العمر 16 عاما تعرض للاختطاف صباحا قرب المنزل وبعد مرور ثلاثة أيام اتصل أحد الخاطفين به وطالبه بفدية قدرها مليون دينار ليبي مقابل إطلاق سراحه.
وأضاف التاجر إن المفاوضات مع الخاطفين استمرت اسبوعا وتم الاتفاق على اطلاق سراح ابنه مقابل 300 ألف دينار مشيرا إلى أنه اضطر بسبب ذلك إلى وقف اعماله في ليبيا ومغادرتها مع أسرته.
ودفع نقص السيولة النقدية واستنزاف الموارد نتيجة أربع سنوات من التبذير والإدارة الفوضوية للبلاد ميليشيات أخرى إلى القيام بعمليات سطو مسلح وخاصة ضد المصارف وكانت اكبر عملية سرقة نحو 53 مليون دولار أمريكي من مدينة سرت.
كما دفع هذا الوضع الليبيين الذين ما يزالون يعيشون في البلاد إلى التحذير من أن استمرار هذا الانفلات الأمني سيجعل الميليشيات تنتقل إلى مستوى جديد من العنف بغرض السرقة من خلال مهاجمة المنازل معتبرين أنه حتى إن كانت على علم بأن منازل الليبيين تغص بالأسلحة إلا أن الإغراء يبقى هو الأقوى.
وتقدر مصادر ليبية عدد قطع السلاح التي تم فقدانها من مستودعات الجيش بعد الغزو الأطلسي عام 2011 بنحو 23 مليون قطعة سلاح مشيرة إلى أنها موجودة مع المسلحين والمدنيين ولم تستطع الحكومات المتعاقبة احتواءها أو استرجاعها.
كما تقدر عدد المجموعات المسلحة بنحو 1750 مجموعة ومعظمها لا يرغب بنزع السلاح أو التخلي عنه لأنه الوسيلة التي تمنحهم السلطة والامتيازات وتسمح لهم بالمحافظة على مصالحهم.