حمص-سانا
يستمد الشاعر أنور فياض كلمات أشعاره من اللغة المحكية إلا أنها تتوشح بحلة تأسر مسامعنا عبر إيقاع ووزن رصين يتجلى في قصائد زجلية تنم عن إبداع يرقى بجمالية القصيدة العربية التي لطالما عهدناها على أوزان معينة.
عن تجربته في هذا النوع من الشعر الذي شاع في بلاد الشام تحدث فياض لسانا الثقافية أن شعر الزجل هو شعر شعبي مأخوذ عن اللغة العامية وتطور مع تطورها وحفظه الناس في ذاكرتهم وتناقلوه جيلاً بعد آخر وشعراؤه في سورية اليوم يتجاوزون المئتي شاعر لكنه لم يأخذ حقه وخاصة خلال السنوات الأخيرة لعدة أسباب منها الأحداث التي شهدتها بلادنا والتي عكف بسببها كثير من شعراء الزجل عن المشاركة في الملتقيات الثقافية والتي هي ركن من أركان رواج هذا الشعر إضافة إلى انخفاض عدد الدواوين المطبوعة حديثاً ما ساهم في قلة قراءة القصائد الزجلية.
ولفت فياض إلى أن الشعر الزجلي يحتاج إلى ثقافة لغوية واسعة وليس بالضرورة أن يكون شاعر الزجل أكاديمياً كما هي حاله فالزجل يأتي بالفطرة والسليقة منذ الصغر فضلاً عن النباهة التي تميز شاعره فالكلمات عنده تتدفق آنياً وتتناسب في اللحظة ذاتها مع الموضوع الذي يستشعر لأجله فيصوغها بوزن وقفلة تبين للمتلقي ذكاء هذا الشاعر الذي لايحتاج إلى حول من الزمن لوضع قصيدته كما كان يفعل زهير أبي سلمى وغيره من الشعراء.
وأضاف الشاعر ابن الخمسين عاماً أنه بدأ بقرض الزجل في العشرينيات من عمره حيث الهمته منطقته الجميلة ربلة الواقعة في غرب حمص والمشهورة بغلالها من التفاح والمشمش وطبيعتها الأسرة بأن يقول الشعر ومنها لينطلق ويشارك في العديد من المهرجانات المحلية والعربية بمشاركة عدد من الشعراء الشعبيين أمثال الشاعر الكبير الراحل عمر الفرا.
وعن الأغراض التي يتناولها الشعر الزجلي أوضح فياض أن شعر الزجل يتناول جميع أغراض الشعر الفصيح من مدح ورثاء وغزل وفكاهة وحماسة كما يطال جميع مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية ويتضمن صوراً وتعابير واستعارات وخيالات وكنايات ومختلف أصناف البديع والعروض بأوزانه كما أنه يقترب من شكل الموشح الذي تم نظمه للغناء وأشهر ما فيه صنف العتابا الذي يعد واحداً من أهم فنون الشعر الشعبي وأحبه على الناس لما يتضمن من عواطف وأحساسيس تلامس قلوبهم بشيء من الحزن والفرح.
في ديوانه الذي حمل عنوان أنوار الزجل يتناول الشاعر في 134 قصيدة جاءت في 135 صفحة من القطع الكبير وصدر عام 2011 مختلف الموضوعات الواقعية التي مرت عبر مسيرة حياته فهو المحب للوطن والحبيبة والمقارع للغربة والهموم والناشر للسعادة في الأعياد ومختلف المناسبات الجميلة بقصائد مغناة ومن هذه القصائد واحدة بعنوان ياعيد الحب وفيها يقول ..
“ياعيد الحب يل كلك مبادي تنحيا افتحلنا بواب السعادي.. لأنو الحب جنة سرمدية
..المحبة كانت وصية الفادي .. بيبقى الحب ثورة عاطفية .. بقلوب
الناس وصوات الشوادي”.
وفي قصيدة أخرى بعنوان “دموع الفرح” تعتلج مشاعر فياض “بأنين الغربة فيدعو أبناء سورية للعودة إلى الوطن الأم أرض المحبة والسلام والعيش في ربوعها الخلابة فيقول..
“يامغتربين عا جناح السلامي ..وصلتو سورية أرض الكرامي ..
سورية الأم حنت عا ولادا ..حنين جناح زغلول الحمامي”.
حظيت أشعار فياض باهتمام عدد من النقاد ومنهم الأستاذ في جامعة البعث الدكتور جودت ابراهيم الذي رأى أن فياض استهواه الزجل إلى درجة العشق وتعلق به إلى درجة تعلق المحب فهو شاعر شعبي حقيقي متعدد العطاءات متنوع في كتابة فنون الأدب الشعبي فكان ديوانه متعدد الفنون الأدبية من زجل ومعنى وقرادي وعتابا وميجانا وقصيد وشروقي وأبو الزلف والموليا وغيرها.
والشاعر فياض من أبناء بلدة ربلة في ريف منطقة القصير بحمص نشأ في أسرة تهوى الزجل وله ديوان شعري وحيد.