الشريط الإخباري

الديمقراطية ضمانة عصر الشعوب-صحيفة تشرين

الشعب اللبناني ينزل إلى الشوارع وكذلك الشعب العراقي. وقبلهم الشعب المصري أزال بقوة الشارع الرجعية الإخوانية.

أما الشعب السوري فيواجه بحضور مباشر مع جيشه الوطني أعتى الحروب الإرهابية على الإطلاق. إنها خطوة جديدة واسعة على طريق عصر الشعوب. هي ولادة مؤلمة.. لكنها في النهاية بشارة مستقبل أفضل.

لطالما كان «الشعب» عند القوى التحررية والقومية العربية مقولة افتراضية مجردة. على اعتبار أن هذه القوى تمثل الشعب وتفكر عنه وتقرر عنه لدرجة جعلها كتلة قائمة بذاتها ومجموعة ذات نوعية خاصة «sui genereis» والتعبير لإيميل دور كهايم..

لقد ألغى الوكيل الأصيل عملياً وأبعده عن العملية السياسية التي أسمها عملية اتخاذ القرار، فكانت الديمقراطية – في مفهومها اللاتيني وليس الأنكلوساكسوني- زائدة عن اللزوم لأنها تعطي دوراً فعلياً للفئات الشعبية إضافة إلى الفعل الرقابي الحازم.

هكذا كان الوضع مع قوى التحرر والقومية العربية أما القوى الرجعية فلا ضرورة عندها للحديث عن الشعب أصلاً، لأن هذه القوى تستمد «سلطانها» من مرجعيات لا علاقة للشعب بها. هذا هو الوضع من قطر وحتى «أمير المؤمنين» ملك المغرب مروراً بالأردن.

إن التحولات العميقة التي تشهدها المنطقة لها عامل إيجابي وسط هذا التدمير والقتل، عامل لم تحسب حسابه القوى المخططة والمنفذة «للفوضى الخلاقة»، هو أن الشعوب بدأت تأخذ زمام الأمور بيدها، وبدأت تعزز مواقعها في توجهات السلطة وتقوي دورها في تحديد مصيرها.

أخيراً، بدأ عصر الشعب، ومفتاح هذا العصر الديمقراطية. تصوروا لو أن الديمقراطية كانت سائدة في مصر في السبعينيات، هل كان السادات يستطيع الذهاب إلى الكيان الصهيوني؟.. لقد اكتشفنا أن الديمقراطية في هذه المنطقة هي العدو الأول لقوى الهيمنة والاستعمار الجديد والصهيونية والرجعية لأنها تجعل سيف الشعب مسلطاً على رقاب كل من يحاول أن يكون تابعاً لهذه القوى.

لقد كان سائداً لدى قوى التحرر العربي في العقود السابقة أن التعددية وصندوق الاقتراع وحريات التعبير وتعزيز الحيوية السياسية قد تضعف الاستقرار الضروري من أجل مواجهة مخططات قوى الهيمنة. فكانت تعتقد أن حلول «الديمقراطية الشعبية» كافية. لكن تبين أن الديمقراطية – في معايير الثقافة السياسية اللاتينية التي ظهرت مع الثورة الفرنسية 1789 – هي الجواب التاريخي في مواجهة التحديات، لأن الشعب هو الذي يضمن هذا التوجه التحرري..

الدليل على ذلك أن جميع الدول التابعة للولايات المتحدة في المنطقة تخضع لأنظمة استبدادية محكمة، بينما تتجه الدول التحررية نحو الديمقراطية، باعتبارها كفيلاً للتحرر.

قارنوا اليوم بين سورية والعراق ومصر من جهة والاستبدادية في الدول التابعة لأمريكا من جهة أخرى. ولنفترض أن الشعب في الخليج استلم السلطة وجرت انتخابات وظهرت أحزاب وفعاليات شعبية سياسية حية فهل من الممكن أن تبقى هذه الدول تابعة لسياسات القطب الأمريكي..؟

بقلم: مهدي دخل الله