السويداء-سانا
تشتهر قرية عمرة الواقعة فوق أرض منبسطة إلى الشمال الشرقي من مدينة شهبا الأثرية بمنازلها التاريخية التي كانت في أزمنة خلت موئلا للآثاريين والرحالة القادمين من الغرب.
وتشير المصادر التاريخية إلى ان أبرز الباحثين والرحالة الذين زاروا قرية عمرة خلال القرن التاسع عشر كان السويسري “بركهاردت” عام 1810 م واللورد بانكس بين عامي 1816 م و/1818/م حيث نسخ العديد من الكتابات اليونانية ورسم مخططا لواجهة الكنيسة الغربية في القرية والباحث غليوم راي الذي زار القرية بعد منتصف القرن التاسع عشر ووجدها مأهولة بالسكان حيث أشار إلى وجود كتابات يونانية ومسيحية في مبنى أثرى كبير مربع الشكل في القرية وخلال عامي 1863 و1864 م قدم الباحثان “دوفوغييه” والمهندس المعماري “إدوارد دوتوا” وصفاً جميلاً لهندسة منازل هذه القرية وأنجزا مخططاً ومقطعاً لأحد المنازل فيما تمكن اللغوي هوانغتون من نسخ نحو عشر كتابات يونانية تم العثور على ست منها.
واسم عمرة في اللغة العربية مشتق من عمر بالمكان أو اقام والعمرة كل شيء يجعل على الرأس من تاج وعمامة وغيرهما والعميرة جمع عمائر وهي الحي العظيم أو مجموع خلايا النحل.
وما يلفت الانتباه في قرية عمرة طرافة أسماء منازلها الأثرية وأبنيتها المعمارية الفريدة ومن أشهر تلك المنازل بيت الملك في الجهة الغربية من القرية وبيت التوت الذي يقع وسط البلدة القديمة من جهة الغرب ويتميز بوجود أشجار معمرة حوله وبيت العواميد المحاط بأعمدة كبيرة والمجاور للبيت السابق من الجهة الشمالة.
ويشير الباحث في آثار المنطقة الدكتور علي أبو عساف إلى أن قرية عمرة غنية بأوابدها الأثرية وأبرزها البلدة القديمة ذات الأهمية التاريخية والتي تضم بيوتا تعود لعدد من العصور منها البيزنطية والرومانية وصولاً إلى العصور الإسلامية حيث توجد حول مساكنها بركتا مياه تقعان في الجهتين الغربية والشمالية الشرقية منها مبيناً أنه من خلال التمعن في مخططها القديم يلاحظ وجود ما لا يقل عن عشرة منازل قديمة فخمة ومهمة وكنيسة واضحة المعالم في الجهة الجنوبية الشرقية للبلدة عثر فيها على العديد من الكتابات اليونانية المسيحية العائدة إلى القرنين الخامس والسادس الميلاديين.
ويضيف أبو عساف أنه من بين آثار عمرة أيضا كنيستان الأولى بنيت عام 473 ميلادية والثانية عام 550 ميلادية في العصر الغساني وبقايا مسجد يعود للعصر السلجوقي أو الأيوبي ومنزل يعود إلى القرن الثالث الميلادي مازال محافظا على روعته وإلى اليمين من بوابته يوجد برج مؤلف من ثلاةث طوابق يدخل المرء منه إلى صحن المنزل حيث تحتل القاعة الرئيسية الكبرى صدر المنزل مقابل البوابة وتحمل سقفها قنطرة واحدة فتحتها كبيرة وعلوها يساوى تقريباً ارتفاع طابقين ويحوي المنزل على عدة شقق وكل شقة موءلفة من غرفتين متجاورتين وهناك غرف مخصصة لإقامة ضيوف المنزل وفى الصحن درج حجري يؤدي إلى الطابق العلوي وخلف هذا المنزل هناك ممر طويل يفصله عن الملحقات.
ويبين أبو عساف أنه عثر في عمرة على إهداء منقوش باليونانية على محراب صغير مكون من ثلاثة أسطر إلى “الإلهة آثينا اللات” يعود تاريخه إلى عام 295 ميلادية وكتابة تذكر بناء كنيسة عام 473 ميلادية و كتابة تذكر تاريخ تشييد كنيسة عام 550 ميلادية وكتابة حول الانتهاء من بناء كنيسة تقع شمال القرية ولا تزال بقايا واجهة الكنيسة موجودة والكتابة ممتدة بشكل كبير على طول ساكف المدخل المزخرف وهناك صلبان منحوتة تزين الواجهة مع وجود أقواس وبرجان على جانبي البناء وفى الباحات المجاورة عدة مبان وساكف منقوش يحمل زخرفة لصليب وكتابة تعود إلى عام 550 ميلاديةوفيها ذكر اسم لكاهنين هما إيليا وكايونوس وغيرها من الكتابات الأثرية.
ويعمل معظم سكان القرية في الزراعة وبخاصة زراعة المحاصيل الحقلية وأشجار الزيتون وتوجد فيها ثلاث مدارس لمرحلة التعليم الأساسي بالإضافة إلى وحدة إرشادية لصناعة السجاد اليدوي.
وترتفع قرية عمرة عن سطح البحر بنحو / 1008 / امتار .
تقرير: سهيل حاطوم