الشريط الإخباري

حياة الأديب الراحل مدحة عكاش في ندوة ثقافية في أبو رمانة

دمشق-سانا

حياة الأديب الراحل مدحة عكاش كانت محور الندوة التي أقامها المركز الثقافي العربي في أبو رمانة ضمن سلسة أعلام خالدون بمشاركة الباحثين أحمد بوبس وغسان كلاس.

وتناول الباحثان رحلة عطاء الراحل مدحة عكاش الذي ولد عام 1923 وتوفي عام 2011 وامتدت مسيرته الأدبية لأكثر من نصف قرن في عالم الأدب والثقافة مشيرين إلى الدور الكبير لعكاش في تقديم عدد من الأسماء الأدبية الشابة التي أصبحت فيما بعد قامات معروفة محليا وعربيا ومنهم الأدباء غادة السمان وعبد السلام العجيلي ونزار قباني وغيرهم الكثير.2

ووصف الباحث بوبس الأديب عكاش بأنه حافظة شعرية كبيرة لأنه يحفظ أكثر من مئة ألف بيت من الشعر ولقب بأصمعي العصر وكان موسوعة معرفية.. تبنى المواهب الأدبية الشابة ونشر لها في مجلتيه الثقافة الأسبوعية التي أصدر عددها الأول عام 1958 ثم الثقافة الشهرية التي صدرت لأول مرة عام 1975 حيث كانتا منبرا لعدد من الأدباء وخاصة الشباب وارشيفاهما يوثقان لأعمال عدد كبير من الأدباء.

وأوضح بوبس أن الأديب الراحل ساهم في رعاية الحركة الثقافية السورية المعاصرة لأكثر من نصف قرن وكان من مؤسسيها وصاحب الفضل بتقديم جيل كامل من الأدباء كما أن عكاش كان يوزع مع مجلاته إصدارات شهرية وصلت إلى ما يقارب 400 كتاب رفد من خلالها المكتبة العربية.

وأشار بوبس إلى أن مقر مجلة الثقافة وهو بيت دمشقي قديم كان منتدى أدبيا يجتمع فيه الأدباء ومحبو الثقافة بشكل يومي يشاركون في أمسيات أدبية وجلسات فكرية حوارية مع الأديب عكاش وتمنى بوبس أن تقوم الجهات المعنية بإعادة إصدار مجلة الثقافة التي توقفت عام 2010.

أما الباحث غسان كلاس فتحدث عن الكتاب الشهري الذي كان يصدره الراحل ويقدم كهدية مع مجلة الثقافة الشهرية ويتضمن عيون المقالات في مختلف الإبداعات الأدبية والثقافية والفنية والفلسفية والسياسية موضحا أنه كان يستقبل الأدباء الشباب كأب حنون ومعلم محب ينشر لهم ويمنحهم الفرصة للظهور معتبرا أن الراحل كان صاحب مشروع فكري وثقافي أراد أن يعكس حبه للثقافة إلى الناس كي تنتج وتبدع كما ساهم في تعريب عدد من الكتب لأنه متمكن باللغة العربية.

وعرض كلاس للنتاج الأدبي للراحل عكاش ومنها عدد من المقالات الأدبية التي نشرها في مجلتيه ومجلات أخرى فضلا عن إصدار كتب مختلفة منها كتاب ابن الرومي و من روائع الأدب الأندلسي و بدوي الجبل ورسائل الجاحظ و مختارات أدبية وغيرها من المؤلفات وديوانه الشعري الوحيد الذي حمل عنوان “يا ليل” وطبع خمس مرات و فيه 25 قصيدة غزلية.

واعتبر كلاس أن رحيل عكاش شكل خسارة للمجتمع والأدب والفكر مؤكدا أهمية مثل هذه الندوات التي تعيد إحياء حياة وذكريات الأشخاص الذين تركوا بصمات على مر الأيام وتركوا إرثا ثقافيا نتكئ عليه في مختلف المجالات.

كما ألقى غسان كلاس خلال الندوة قصيدة كتبها أحمد بوبس في رحيل عكاش بعنوان يا فارس الأدب الرفيع جاء فيها..

“يا فارس الأدب الرفيع وسيفه كم كنت في كبد السماء تصول

علمتنا كيف القصائد تنتشي بل أنت فيها الشعر والتفعيل يا ليل

يا دوح النشيد وروضه في زحمة الدنيا إليه نؤول ومجلة

للمبدعين منارة ولكل من ضل السبيل سبيل”.

وعرض خلال الندوة فيلم تم تصويره قبل وفاة الأديب عكاش في منزله من إعداد الباحث أحمد بوبس وتعليق جمال الجيش وإخراج منال صالحية وتضمن الفيلم قراءة لعدد من قصائد عكاش وشهادات أدباء ومثقفين في شخصية الراحل وأعماله منهم وزير الثقافة الشاعر عصام خليل والأديبة نادية خوست والقاص حسن حميد والشاعر جابر خيربك.

وشاركت ابنتا الراحل خلال الندوة بمداخلتين فقالت ابنته سكينة..

“كنا نشعر بالغيرة ونحن صغار من انشغال والدنا بالمجلة لأنها تأخذ كل وقته ولكن عندما كبرنا عرفنا قيمة ما أنجزه مدحة عكاش ونفتخر به”.3

أما ابنته القاضية سحر فاشارت إلى أن والدها لم يخلف وراءه مالا ولا ثروة ولكنه ترك لأسرته هذا الإرث الثقافي والمكانة الرفيعة.

بدوره اعتبر الدكتور الباحث بشير بلح في مداخلته خلال الندوة أن ما قدمه الباحثان بوبس وكلاس اغنى معرفة الحضور وأعطى الراحل جزءا مما يستحق لأنه قامة أدبية كبيرة يجب أن يسلط الضوء عليها أما الدكتور زهير ناجي فأشار إلى أن معرفته بالراحل تعود إلى عام 1985 حيث نشر عكاش عددا من قصائده كما ساعده في طباعة رواية لابنه مبينا أنه كان يتسم بالكرم وحب الآخرين ومساعدتهم.

يشار إلى أن الأديب مدحة عكاش نال في عام 1951 إجازة في الحقوق من جامعة دمشق وعمل في تدريس اللغة والأدب في عدد من ثانويات دمشق.. منحته رابطة إحياء التراث العربي بأستراليا عام 1991 جائزة جبران العالمية كما كرمته وزارة الثقافة بمكتبة الأسد الوطنية سنة 2007 و كرمته مدينته حماة أكثر من مرة ونال وسام الثقافة البلغاري ووسام الاستحقاق من كوريا الديمقراطية كما ألف عدد من الأدباء كتبا عن حياته منهم أحمد الخوص الذي وضع كتابا بعنوان “مدحة عكاش رائد جيل وأمل أمة”.