دمشق-سانا
يرى التشكيلي عصام المأمون أن الطبيعة هي مصدر التعبير ومنها يستمد عناصر لوحته وخاصة مع تجربته الأخيرة التي يدخل فيها الحجر في تكوين عمله الفني كعنصر اساسي بتقنية فنية تستمد خصوصيتها من تنافر السطوح ومحاكاة الكتل والألوان لبعضها بتناغم كبير ومميز.
وعن هذه التجربة الفنية الجديدة يقول المأمون في حديث لسانا إن حواري الدائم مع الطبيعة جعلني أرى في الأحجار وجوها بشرية بطريقة تعبيرية أوحت لي امكانية توظيفها في لوحتي بقليل من التحويرات لاعطاء لغة تعبيرية جميلة وخاصة تحقق رؤيتي للعمل الفني لتجسد هذه التكوينات البشرية معنى الإنسان امرأة كانت أو رجلا .
ويتابع اعتمد أسلوبية تنحو باتجاه القليل من التجريد مع التعبيرية بشيء من التحوير للشكل لأعبر من خلال ذلك عن حالة الانتقال بين مرحلتين للتكوين البشري في العمل الفني والتي يرى فيها البعض مرحلة البرزخ بين حياتين وفي الوقت ذاته تعيد الانسان الى اصله في الطبيعة مشيرا إلى أن هذه الأسلوبية مع التقنية التي يعتمدها تتيح له معالجة مواضيع إنسانية متعددة و متداخلة.
المأمون الذي عمل طويلا في مجال الديكور يعود مؤخرا للوحة بحب وشغف جديدين وعن هذا الاندفاع الكبير نحو اللوحة حاليا يوضح أن أي فنان يمارس العمل الفني لعشرات السنين في اي مجال من مجالات الفنون يمتلك القدرة على تقديم روءيته الفنية عبر شتى المجالات رغم أنه وجد في الديكور عملا فنيا ابداعيا يحقق المردود المادي الجيد في الوقت الذي لم تكن فيه اللوحة تجني مردودا ماديا يؤمن احتياجات الفنان .
يجد الفنان المأمون في الديكور فنا يمكن عبره أن يقدم حلولا بصرية وفنية وجمالية ويضع لمسته الخاصة في المكان الذي يعمل فيه عبر توظيف المواد مع بعضها بطريقة عملية وفنية توائم بين حاجة الإنسان الذي يستخدم هذا المكان وبين رؤيته الفنية الخاصة كفنان متخصص.
ورغم اشتغاله في الديكور فإن اللوحة رافقت الفنان المأمون في حياته كصديقة مخلصة فعبرها كان يفرغ ما بداخله من إحساس ويرسم اللوحة ويعيد الرسم فوقها لأنه لم يملك الرغبة سابقا في إقامة معرض فردي فكانت مشاركاته تقتصر على المعارض الجماعية على حد تعبيره.
ولا يجد المأمون في عدم امتلاكه لعدد كبير من اللوحات خلال تجربته الفنية تقليلا لهذه التجربة معتبرا أن أعمالا فنية قليلة وجيدة أفضل بكثير من عشرات الأعمال المستنسخة والمكررة.
ويلفت المأمون إلى أن العمل حاليا في مجال الديكور قليل نسبيا نظرا لظروف الازمة التي نعيشها وكون الديكور حالة كمالية تتنحى جانبا في وقت الازمات لصالح اساسيات الحياة مع وجود طموح لازدهاره في المستقبل القريب مع مرحلة إعادة الإعمار وتوفير فرص عمل للفنانين الشباب المتخصصين في فن الديكور.
ويؤكد الفنان المأمون أنه لا يمكن عزل الديكور عن بقية المجالات الفنية الأخرى كونه فرعا من فنون العمارة والنحت مشيرا إلى أن الفنان المميز في مجال الديكور هو القادر على توظيف الشكل الجميل بالمكان المناسب والطريقة الصحيحة موضحا أن عمل الديكور يختلف عن اللوحة التي تعد عملا فنيا ذاتيا يعبر عن الفنان ولا يخضع لأهواء المشاهد بينما الديكور عملية توفيق بين حاجة المستخدم وذوقه وبين القالب الجمالي ورؤية الفنان وطريقته في توظيف الاشياء فنيا وبصريا .
ويشير المأمون إلى أهمية تأسيس جيل مثقف فنيا و قادر على قراءة العمل التشكيلي من خلال تفعيل دور الفن في المجتمع لتوعية الأجيال بأهمية الفن وتدعيمهم بثقافة فنية قوية عبر اقامة المتاحف وتعزيز دورها في الحياة الاجتماعية وإيلاء أهمية للمناهج الفنية في المدارس والاستفادة من إمكانات خريجي كليات الفنون الجميلة لنشر المعرفة والثقافة الفنية واتاحة المجال أمام الأطفال لاكتشاف عالم الخط واللون فكل طفل فنان بفطرته ولكنه بحاجة لتنمية.
وعن تيارات الحداثة الفنية يقول المأمون إن الحداثة هي مرحلة فكرية تأتي بعد مراحل تراكمية من تجربة الفنان حتى يصل إلى النضوج الفكري والفني اللازم للتعاطي مع الحداثة بحس التجديد والتعبير عن الذات بطريقة تواكب الزمن من خلال ما تراكم لديه من معارف وتجارب فنية بعيدا عن العبثية والغرابة المجانية اللاواعية.
ويقول لا خطر من الحداثة على التشكيل السوري اذا ما كانت تعبر عن وعي فكري وثقافي وبصري وفني فهي لا تقبل الحلول الوسط فإما أن يقدم عبرها الفنان عملا ابداعيا جماليا او عبثا لا يمتلك مقومات العمل الفني وخاليا من أي قيمة.
المأمون الذي يحضر حاليا لمعرضه الفردي الأول بعد أن وجد نفسه قادرا على التفرغ للوحة يعبر عن تفاوءله بمستقبل التشكيل السوري بكل فروعه ويختم بالقول.. الإنسان السوري مميز في كل المجالات ولدينا فنانون موهوبون وقادرون على الارتقاء بالتشكيل السوري والنهوض به الى أعلى المراتب العالمية.
والتشكيلي عصام المأمون من مواليد دمشق عام 1964 خريج كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم التصوير عام 1986 عضو اتحاد التشكيليين السوريين عمل في مجال الديكور إلى جانب مشاركاته المستمرة في المعارض الجماعية داخل سورية وخارجها.
محمد سمير طحان