اللاذقية – سانا
النحت بالنسبة للفنان كرم خضر هو عالمه الخاص الذي يغوص فيه تاركا لروحه وجسده الحرية المطلقة في ممارسة العشق مع منحوتته قبل وبعد ولادتها حيث يرى أن للنحت علاقة وطيدة بالإنسان والحياة تاريخيا فهو كان دائما المعرف الأول عن كل الحضارات التي مرت وتعاقبت على هذه الأرض.
وفي حديث لسانا الثقافية قال الفنان خضر.. “نحتاج في النحت دائما إلى قراءات كثيرة ورؤى قد تكون من واقعنا أو مخيلتنا لذلك لا نستطيع التحييد عن عوالم تجوب إحساس الفنان وقد تنشأ لدى النحات من خلال مشاهداته اليومية وذاكرته البصرية والحسية جمل كثيرة يترجمها بثقافته ومفهومه الخاص فنحن نحتاج لكل أنواع المحرضات الإيجابية والسلبية لبناء عمل فني يغني فكرنا وحسنا الجمالي”.
وتابع.. كانت الأنثى هي العالم الذي يغري مخيلتي ويستنبط أحلامي بوصفها الأم والأخت والحبيبة والوطن.. ومن هنا أجد نفسي منسابا في البحث عن ماهية العلاقات الإنسانية ومترجما إياها بأفكاري الخاصة على منحوتتي ليأخذ بعد ولادتها حيزا بصريا خاصا فكل شيء في هذا العالم هو جزء من أنثى وأخر من ذكر.
ووفقا لخضر تختلف الخامات المستخدمة لدى كل فنان في إسقاط أحلامه على منحوتاته ولكن خضر حاور الرخام والحجر وكل ما يمكن أن يكون ذا روح تنطق بهواجسه ومنها الرخام لكونه أطول عمرا بسبب خاصيته الفيزيائية وعدم تأثره بالكثير من عوامل البيئة ولكنه اختار بعد كل تلك المحاولات مادة الخشب للإبحار في ذلك العالم لقربها من روحه ومتعته في الرقص على تقاسيمها التي تشكل مساحات إنسانية سابقة ولاحقة بروحها ورائحتها والخير الذي تحمله في قلبها.
ولم يحدد النحات خضر نتاجه بأسلوب خاص أو مدرسة معينة فدائما لديه بحث وتجارب جديدة ويرى أنه على الفنان أن يمر بكل تلك المذاهب الفنية لصقل خبرته واستطاعته لإدراك عالم جديد خاص به ولكنه يشعر دائما بانتمائه للانطباعية التي يعبر من خلالها عن هواجسه وطرح ما في جعبته من أفكار ولكون المتلقي مهما اختلفت ثقافته وخبرته يستطيع فهم ما يريد إيصاله له من فكرة ما مؤكدا أنه في العموم فإن التقييد في الفن هو نهاية الفنان…فالبحث يجب أن يكون كسفينة لا ترسو في ميناء واحد.
أما بالنسبة لمشروعه الفني النحتي الذي لا حدود له في عالم الفن فهو كأي فنان آخر دائما ما يحاول تفسير هذه العلاقات الروحية أو الجسدية التي تخص الإنسان وهدمها وبنائها من جديد بروءيته الخاصة وإعطائها بعدا جماليا وفكريا.
وعن رأيه بالأزمة في سورية وتأثيرها على الفن قال..”دائما ما يتأثر الفنان بمحيطه الذي لا يستطيع الفكاك من همومه وأفراحه وكل قضاياه البسيطة أو المعقدة فالفنان هو ابن بيئته الخاصة التي تشكل عالمه الخاص ولذلك القت الأزمة التي تمر بها سورية ظلالها على معظم الفنانين وبدوري كنت ممن تأثروا فعليا بتلك الظروف لذلك كان لابد من ترجمة بعضا من معاناة الوطن والإنسان والتاريخ”.
وتابع..ما لم يفاجئني في هذه الأزمة أن الحركة الثقافية استمرت وحاولت بمختلف مجالاتها من مسرح وسينما وفن تشكيلي التأكيد على استمرار الحياة والصمود في وجه كل التحديات التي عصفت بنا كسوريين.
الفنان النحات كرم خضر مواليد اللاذقية 1986 درس الفن دراسة خاصة وهو عضو اتحاد الفنانين التشكيلين السوريين أقام ثلاثة معارض فردية ومعارض جماعية كثيرة.
بشرى سليمان-نعمى علي