دمشق-سانا
تناولت المحاضرة التي أقامها المركز الثقافي العربي في أبو رمانة اليوم تحت عنوان “نقد الفكر العربي..أركون انموذجا” للباحث عيد الدرويش مسيرة المفكر الجزائري محمد أركون وآراءه بخصوص الفكرين العربي والإسلامي.
وبين المحاضر الدرويش إن “الفكر العربي يعكس مسيرة ذلك الشعب وتحديات الواقع الذي عاشه العرب وما زالوا يعيشونه وإن أي بحث في هذا المجال هو استغراق واضح في تشابكات المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي على مر العصور ما جعل من ذلك الفكر نمطاً خاصاً به انعكس على تقدمه في فترات زمنية تالية مستمدا مادته من حضارات متاخمة كما أغنى حضارات أخرى في مراحل تاريخية لاحقة”.
ولفت المحاضر إلى أن الفتوحات العربية الإسلامية صنعت عبقرية متميزة بما جاد به العقل العربي وعقول من أشرق فكرهم من روح الفلسفة الإسلامية قولاً وفعلا إلا أن تنازع الإمارات الفردية والمنافع الضيقة التي حدت من الفكر العربي وإشراقاته في جميع الميادين كانت مقدمة لاجتياحات المغول والتتار لتنقض على مسيرة الفكر العربي وحضارته “وتبدأ مسيرة التدهور والانحطاط والانكسارات إلى يومنا هذا”.
وأشار المحاضر إلى عدد من الذين تناولوا الفكر العربي في الدراسة والبحث في الساحة العربية ومنهم محمد عابد الجابري ومحمد جابر الأنصاري ومحمد أركون وهو الكاتب العربي الجزائري صاحب مؤلف الفكر العربي الذي يتناول فيه مجموعة من القضايا التي يراها من إشكاليات النهوض بالفكر العربي والتي وصل إليها عبر قراءة متأنية في تحليل الواقع.
وأوضح الدرويش أن جل اهتمام أركون ينصب في مشروع نقد للفكر العربي الإسلامي والبحث في كل مراحل التاريخ للعقل الإسلامي مشيراً إلى انه يحاول التركيـز على ما هو منهجـي بعيداً عن الميول والأهواء كما استخدم المنهج النقدي التاريخي للفكر العربي مبينا أن المفكر الجزائري أبدى ملاحظاته على الفكر العربي من خلال ما استطلعه من أفكار الآخرين في توصيفهم للإسلام كـ “ظاهرة” في نظرة الغرب.
وبين الدرويش أن أركون يتناول أزمة العقلنة في الوطن العربي مع المقارنة بينه وبين العالم الغربي في الوظيفة العقلية الذي أنجز “ثورات حقوقية” أدت إلى تغيير جذري في العلاقات بين الدين والدنيا.
وأشار المحاضر إلى أنه من خلال متابعة مؤلفات أركون يحيط القارئ بمجموعة من الجوانب التي كانت ذات صلة في تقدم الأمة أو تخلفها والأحداث التاريخية التي ساهمت إلى حد كبير في تقييد حركة الفكر العربي واتخذها أبناء المجتمع الواحد نقطة خلاف فيما بينهم حتى استغرق الفكر العربي نفسه فيها وتصلدت الأفكار ولم يترك له حرية الاختيار في الإبداع في مجالات متنوعة.
ولد محمد أركون في بلدة تويرة ميمون في منطقة القبائل بالجزائر عام 1928 درس الفلسفة في جامعة الجزائر وحصل من جامعة السوربون الفرنسية على الدكتوراه عام 1968 كما عمل من عام 1961لعام 1991 أستاذاً جامعياً في السوربون واستاذاً زائراً في جامعات عدة في العالم كما عمل مستشاراً علمياً للدراسات الإسلامية في مكتبة الكونغرس في واشنطن وتوفي سنة 2010 بعد معاناة مع المرض.