دمشق-سانا
تضمن المعرض التشكيلي “عشق” للفنانة هلا قصقص الذي استضافه ثقافي أبو رمانة ظهر اليوم عددا من اللوحات التشكيلية المعبرة عن حالات العشق الصوفي والمعاني التي تدل عليها المولوية بأشكال وألوان مختلفة.
وتميزت لوحات المعرض بإتقان في استخدام الريشة من حيث التعبير بالألوان الجديدة ومزجها مع بعضها لابتكار ألوان تخدم الصفاء الروحي في حالات الإبداع مؤدية ما ذهبت اليه برؤية ثقافية دمجت خلالها كثيرا من اطلاعها وقراءاتها في كتب الفلسفة وعلم النفس.
وقالت الفنانة قصقص في تصريح لـ سانا إن “المعرض مختلف عن غيره من المعارض كونه يحمل معنى العشق الإلهي عند المتصوفين والقراءات الصحيحة التي تترجم حركات المولوية عبر الخطوط والألوان والاتجاهات وفق توجه معتدل وصحيح” لافتة إلى أنها استخدمت ألوان الإكريليك والباستيل الزيتي.
وعن رأيه بالمعرض قال الدكتور حسام الدين فرفور المشرف العام على معهد الفتح الإسلامي أن هذا المعرض يمتاز بانه محاولة جادة “لتطوير الفنون والمواءمة بين الفن والروح والدين”.
ومن هنا كانت حسب فرفور أهمية هذا المعرض الذي يعبر عن المولوية واوصولها بصفتها أحد أساليب الذكر عند الصوفيين ولا سيما عند منشئها الفيلسوف الصوفي “جلال الدين الرومي” الذي يرى خلال دورانه أنه ينسجم مع كل أجرام الكون في تسبيح الله عز وجل فهذا الدوران هو شأن كل الإجرام تسبيحا ومن هنا جاء معناه الحقيقي.
في حين رأى الباحث غسان كلاس أن الفنانة قصقص استطاعت من خلال الخطوط الهندسية والزوايا والتشكيلات الدائرية بمدلولها “الانعتاقي والروحاني” أن تجسد مجموعة من المعاني المستندة إلى أسس تاريخية دينية تقليدية وعلمية في آن معا مستخدمة الألوان التي جاءت بمدلولاتها المعبرة مجسدة صورة تجعل المرء يحلق في أجواء روحية وسامية.
أما مدير ثقافة دمشق بسام عاقلة رأى أن مثل هذه المعارض هي هادفة ومعبرة في هذه الظروف وتساهم في تجسيد إرادة الحياة في البلد ولا سيما أن الفنان يتواصل مع الجميل وفق رؤيته وهذا تجسيد لرؤية صوفية جسدتها الفنانة قصقص متأثرة بثقافات فلسفية اكتسبتها فدلت على النقاء الصوفي للألوان البيضاء وألوان التراب بمدلولات شفافة ملتصقة بذاكرة الإنسان وبرؤيته التي تجسدت عبر اللوحات.
واعتبر رئيس المكتب الثقافي في معهد الفتح الإسلامي علاء الدين فرفور أن البلد “بحاجة لدعم هذه الرؤية الصوفية التي تقدم منهجا إسلاميا معتدلا مقابل التيار الوهابي الباطل ولا سيما انها تدعو إلى تهذيب النفس البشرية والبعد عن البغضاء وتدعو إلى التسامح والمحبة بين البشر”.
أما أستاذ اللغة الإسبانية في مجمع الفتح الإسلامي “أبو بكر غاييغو” وهو من إسبانيا رأى أن الفنانة قصقص جاءت بأسلوب مختلف يتجاوز بالإبداع كثيرا من الأساليب الفنية ولا سيما بدرجة الاتقان والجودة واستخدام الألوان.
بدوره أوضح الفنان أحمد مفتي الأستاذ بكلية الفنون الجميلة أن المعرض يؤثر بإحساس المتلقي ويقدم رؤية كثيفة وبعيدة النظر “فاستطاعت الفنانة التشكيلية أن تحلق باتجاه المطلق متأثرة بجلال الدين الرومي من خلال رسم الحركات التي يقوم بها المتصوف بمعان سامية تذهب بأصولها إلى مدينة قونية مركز المولوية وتدل على عشق صاف”.
وقالت رئيسة ثقافي أبو رمانة الفنانة التشكيلية رباب أحمد إن اللوحات التي رسمتها الفنانة قصقص في التصوير الزيتي “إنجاز له أهميته نظرا لحداثة الفكرة وابتكار المعلومة ولا سيما أنها أضافت تقنية الإكريليك واستوحت من فلسفة ابن عربي وجلال الدين الرومي كثيرا من تجلياتهم في ولوجها لهذ العالم”.
يشار إلى أن الفنانة هلا قصقص حاصلة على درجة الماجستير في قسم العمارة الداخلية من كلية الفنون الجميلة بدمشق ولها كتب وأبحاث منها “الحدائق الإسلامية ودراسة في مفهوم الحديقة الإسلامية والعناصر المكونة لها والماء في الحديقة العربية الإسلامية بين المادية والرمزية” وغيرها.