دمشق-سانا
غيب الموت اليوم الشاعر السوري الكبير فؤاد حيدر رئيس جمعية شعراء الزجل في سورية عن عمر ناهز 84 عاما الذي يعد أحد أعلام الزجل في سورية والوطن العربي.
فؤاد حيدر تناول في شعره الوطن والأرض والإنسان عبر موهبته التي ظهرت باكرا فلم يهملها بل عمل على تعزيزها حيث قال عنه الشاعر الزجلي محجوب حيبا “فؤاد حيدر شاعر زجلي كبير نهض بهذا الشعر على مستوى الوطن العربي بكامله وقد تفرد بقصائد رائعة الجمال من خلال الوحدة الفكرية المتماسكة وكل قصيدة من قصائد دواوينه تحكي قصة معبرة صادقة”.
كتب للوطن وللشهادة والشهداء وللعمال والفلاحين.. في قصائده وطن الصبر وخبز المحبين يدندن من زمن الفينيقيين والكنعانيين كما كتب الموال والأغنية والعتابا والقصيدة الزجلية وتفرد بها وله عدد من الدواوين في هذا المجال.
وتميز الراحل بموهبة فطرية منذ كان في الحادية عشرة من عمره كتب قصيدة باللغة الفصحى وأثارت إعجاب ودهشة كل من حوله ليغادر قريته بجبل الشيخ إلى دمشق بقصد الدراسة ولكنه لظروف مادية لم يتمكن من متابعة دراسته وتوجه للعمل ورغم عدم التحاقه بالمدارس تمكن عبر الدراسة الحرة من الحصول على الشهادة الثانوية.
ثم انتسب للجامعة في لبنان ليدرس الأدب العربي وتمكن من الدراسة مدة سنتين فقط ثم تركتها لظروف قاهرة أيضا وخلال هذه الفترة أولع بالشعر الزجلي لأنه عندما ترك المدرسة تولدت لديه حسرة وشعور بانه غير متمكن من كتابة الشعر الفصيح واتجه لكتابة الزجل وركز اهتمامه على صياغة قصائد حول الوطن والإنسان حيث قال في آخر مقابلاته “باختصار شغلتني طوال العقود السابقة القضايا الإنسانية ومازالت تشغلني حتى هذه اللحظة”.
وعرف حيدر الزجل بأنه هو لغة العامة يتناقلونه في حياتهم اليومية هو شعر شفاف يدخل القلب بسهولة ويتقبله السامع لحلاوة كلماته هو سر الحياة اليومية التي نعيشها بجميع قواعدها.
وكان يرى أن المشاعر عند كل إنسان وتترجم عن طريق الكلمة ولكن الشاعر يفوق الناس العاديين في التعبير والإبداع والقدرة على الإمتاع من خلال أبياته الشعرية والفرق طبعا هو في الموهبة التي حباها الله لأناس محددين دون سواهم وهناك أساتذة في الأدب العربي يعرفون نظريا بحور الشعر وقواعد اللغة ولكنهم لا يمتلكون الموهبة ولا يستطيعون صياغة بيت شعري واحد.
كانت له مجموعة من النشاطات منها تأسيس جوقة الشلال السورية مع ثلاثة شعراء آخرين وأيضا هناك محطة مهمة وهي تقديمه في إذاعة دمشق برنامج ندوة الزجل الذي استمر من عام 1965 حتى عام 1972.
واستطاع الراحل حيدر أن يؤسس في عام 1971 جمعية شعراء الزجل وانتسب إليها الكثير من الشعراء ومع مرور الوقت اقتنع أن الإبداع عملية فردية فترك الجوقة وعزف عن الغناء وتفرغ لكتابة القصائد الزجلية في المناسبات الوطنية والقومية وقدم الكثير من الأمسيات الشعرية في المراكز الثقافية.
واعتبر حيدر أن فهم واستيعاب اللهجة المحكية أسهل من القصيدة باللغة الفصحى التي تحتوي على كم كبير من الألفاظ والكلمات الصعبة ولكن هذا لا يعني أن قصيدة الزجل لا تحمل أفكارا عميقة بل على العكس قد تكون الفكرة لدى شاعر الزجل أعمق من الفكرة عند الشاعر الفصيح.
صدر له ديوان شعري بعنوان “شموع” وآخر بعنوان “بيادر” وله عدد هائل من القصائد المخطوطة ولكن وضع الكتاب الذي اعتبره حيدر في حال يرثى لها وانصراف الناس عن القراءة هما سبب عزوفه عن طبع دواوين جديدة.
وقال رئيس تحرير مجلتي الباحثون والأزمنة مدير دار الشرق الدكتور نبيل طعمة في تصريح لـ سانا إن الشاعر حيدر أحد من أهم معالم الشعر المحكي على مستوى سورية والوطن العربي عكس أحلام الإنسان السوري وتطلعاته ورصد تداعياته وآلامه وأفراحه مضيفا انه لم يكن يوما بعيدا عن بلاده وشعبه وبرحيله سيترك مكانا لا يملؤه سواه.
أما مدير العلاقات العامة في دار الشرق للطباعة للنشر والتوزيع أيمن ونوس فأشار إلى أن هناك مجموعة من اشعار الراحل ستصدر عن دار الشرق في وقت قريب بعنوان “ياسمين الشام” وهي قيد الطباعة.
وقال الملحن خالد حيدر بن الراحل لقد ترك والدنا أثرا في نفوسنا لأنه الشاعر الذي علمنا حب الوطن والأرض والإنسان فكانت سورية من أولوياته فكان يحملها في قلبه ويتغنى بها في أمسياته الشعرية والأدبية سواء في سورية أو البلدان العربية الأخرى.